خلال 12 يوما وصلت قوات المعارضة السورية المسلحة للسيطرة على دمشق والإطاحة بنظام بشار الأسد، بعد 13 سنة من قيام الثورة التي أدت لأن تكون سوريا ساحة قتال.
نتج عن الصراع في سوريا أكثر من 500 ألف قتيل و10 ملايين لاجئ حول العالم، منذ بداية الأزمة في عام 2011.
لا نتمنى أن تكون سوريا ساحة لتصفية الحسابات وبداية معركة المصالح بين قوى دولية وإقليمية متعددة، وصراعات مليشيات خارجية متحالفة وفصائل متصارعة، ما يجعل صعوبة التنبؤ بمسار الأحداث المستقبلية واستقرار الدولة السورية بعد هذا الاجتياح لجيش المعارضة، الذي بدأ بعمليات مختلفة ومستمرة لإعادة بناء الدولة وتشكيلها.
يتجه بعض قادة المعارضة نحو التقية السياسية التي تعد وسيلة فعالة للحفاظ على التحالفات أو تجنب التصعيد المباشر مع الأعداء بشكل مباشر، والذهاب نحو إخفاء النوايا الحقيقية التي يحملونها أو توجهاتهم السياسية وآرائهم لتحقيق أهداف معينة وسابقة، قد تكون لها تأثيرات متباينة والبعض منها غير ظاهر في العلن ويدور في السياق السوري، وكل ذلك سيكون دائرا في ظل الصراع المستمر والتعقيدات السياسية والعسكرية.
وفي نفس الوقت قد تحقق نهج التقية السياسية في استمرار التوغل في الدولة السورية العميقة والتي ستظهر بعضها على شكل نجاحات مؤقتة على بعض مناطق سوريا، ولكنها ليست حلاً مستدامًا لتحقيق استقرار حقيقي.
سيحتاج الوضع السوري للالتفات نحو رؤية واضحة لمن سيقود المرحلة المقبلة بدايةً من وضع الحلول السياسية الشفافة والشاملة التي يجب أن تأخذ في عين الاعتبار مصالح جميع الأطراف السورية المعنية.
ولا يجب أن تتمكن التقية السياسية من الاستمرار أكثر من اللازم حتى لا يتم فقدان الثقة مجدداً في القوى المتحالفة، فإن الدولة المؤسسية لا تتحمل استمرار عدم وجود ارتباط وثيق وصادق ومستدام يوقف الدمار الذي سبق كل تلك الأحداث المأساوية في سوريا.
رحيل بشار الأسد، يسهم في خلق فرص جديدة ومسارات مهمة تعيد بناء الدولة السورية من جديد، وهو ما يجب أن تتمسك به قوى المرحلة الانتقالية، والتفكير في كيفية النهوض بوحدة الدولة السورية ومركزيتها.
ميزان القوى الحالي ليس واضحاً حتى تتبين النوايا الدولية والإقليمية بشكل واضح، وأهمية الاعتراف بالمكون الديني المتعايش في سوريا، فالتعايش بين أطياف المجتمع السوري كافة، بعيدا عن التناحر في صراع السلطة، والتفكير الجاد والحقيقي في مستقبلها ووقوف الدول العربية بجانب سوريا كل ذلك مرتبط بحسن النوايا تجاه الخطط الإصلاحية الداخلية.
ويعد ذلك نقطة حاسمة لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد، ولكي تكون الدول العربية لاعباً رئيسياً مهمًا في دعم هذه الإصلاحات، ستراقب جميع الأحداث والتحركات السياسية والميدانية ومصداقية الحكومة الجديدة المؤقتة، حتى تسهم في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة من خلال دعم الحوار السياسي والتفاوض بين الأطراف المختلفة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة