موسكو في سوريا إلى أجل غير مسمى.. لهذه الأسباب
بشكل مكشوف بات القادة الروس يصرحون بأنهم باقون في سوريا لآماد طويلة حتى بعد انتهاء الحرب الجارية.
تتوالى تصريحات القادة الروس حول البقاء الطويل في سوريا، لتنبئ بأن سوريا بعد 2011 لن تعود إلى ما كانت عليه قبلها.
وباتت الأحاديث الروسية تكشف مباشرة عن أن الوجود الروسي بسوريا مرتبط بالصراع الدولي على الطاقة، واختبار الأسلحة الحديثة، والصراع على النفوذ على سواحل البحر المتوسط.
ومن أحدث هذه التصريحات ما جاء على لسان النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي فرانز كلينتسيفيتش، الثلاثاء، بأن روسيا "لن تقلص مجموعتها العسكرية في سوريا بعد إنجاز المرحلة الأساسية من العملية العسكرية هناك، وستحتفظ بالقاعدة العسكرية الموجودة بالبلاد".
وبشيء من التفصيل قال خلال معرض "إنتربوليتك-2017" إن "هناك 34 جهازا طائرا، ولا توجد ضرورة لسحبها من قاعدتنا".
ووفق قناة "روسيا اليوم" التي نقلت التصريحات فإن السيناتور الروسي لم يحدد هل هذا العدد يتعلق فقط بالطائرات الحربية القاذفة والمقاتلة أم يشمل المروحيات أيضا؟
ويقصد كلينتسيفيتش بـ"المرحلة الأساسية من العملية العسكرية" عملياتها القتالية؛ لأنه قال إن العملية العسكرية في سوريا قد تكتمل قبل نهاية العام الحالي.
ويأتي هذا بعد تصريحات روسية رسمية أيضا بأن تنظيم داعش الإرهابي بات يسيطر على أقل من 8% من أراضي سوريا، بعد أن كان يسيطر على 80% منها في بداية التدخل الروسي عام 2015.
وترجع روسيا النجاح في تقليص حجم داعش إلى تدخلها العسكري المباشر في سوريا، إضافة إلى دعمها السياسي والاقتصادي لدمشق، فيما تلقي بالتهم على الولايات المتحدة وفرنسا في وجود داعش، وذلك في إطار الصراع الدولي على النفوذ في سوريا.
فرصة ثمينة
وأتاحت الحرب في سوريا فرصة ثمينة لموسكو لتوسيع مساحة وجودها على الأرض؛ فقبل 2011 كان لروسيا وجود عبر قاعدة طرطوس البحرية، ولكنها الآن بات لديها أيضا قاعدة "حميميم" الجوية في اللاذقية.
كما ساعدت الحرب موسكو على إبرام اتفاق مع الحكومة السورية، تم التصديق عليه يوليو/تموز الماضي، يسمح لروسيا بالاحتفاظ بقاعدتها الجوية في حميميم لمدة 49 عاما، مع خيار مد هذا الاتفاق 25 عاما أخرى.
وتضمن الاتفاق مزايا غير مسبوقة، منها أخذ القاعدة دون مقابل، ومنح حصانة كاملة للروس العاملين فيها وعائلاتهم من أي ملاحقات قانونية، وحرية حركتهم عبر الحدود دون تفتيش، وأن تكون كل الممتلكات في القاعدة الجوية ملكا لروسيا، وإعفاؤها من كل أنواع الضرائب، وحرية روسيا في إدخال أو إخراج ما تريد من أسلحة من وإلى سوريا.
وفضلا عن ذلك ينتشر وجود روسي في مناطق أخرى في سوريا باسم مستشارين روس أو شرطة عسكرية لحماية الأمن والتوسط في الخلافات بين السكان، مثل تلك الموجودة في حلب واللاذقية.
كما أن اتفاق مناطق خفض التصعيد المبرم بين روسيا وإيران وتركيا في الأستانة أعطى لروسيا "شرعية" وجود في عدد من المدن الأخرى مثل إدلب ودمشق وحمص.
ودفع هذا رئيس قيادة العمليات الخاصة في الجيش الأمريكي ريموند توماس إلى قول: إن موسكو تملك نفوذا في سوريا يجعلها قادرة على طرد القوات الأمريكية من هناك.
وأضاف توماس، في تصريحات نقلتها مجلة نيوزويك الأمريكية يوليو/تموز الماضي، أن روسيا حصلت على موطئ قدم لها في سوريا أكثر من الولايات المتحدة، والقانون الدولي يمنع الولايات المتحدة من البقاء في سوريا، حيث كان تدخلها ووجودها غير شرعي، ولم يجر بموافقة من الحكومة السورية في حين حصلت موسكو على هذه الموافقة.
وتدخلت روسيا في البداية لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنها في وقت لاحق كشفت عن أهداف أخرى، منها اختبار أسلحتها الجديدة في سوريا.
وصراحة قال نائب وزير الدفاع الروسي يوري بوريسوف، إن بلاده تتخذ من سوريا ميدانا لاختبار أسلحتها الجديدة والفتاكة.
واستدل على ذلك بأن بلاده اختبرت حتى الآن ما يزيد على 600 سلاح ومعدات عسكرية جديدة في معارك سوريا.
كما يرتبط الوجود الروسي بسوريا بالصراع على النفوذ بين القوى الكبرى في البحر المتوسط، وحول طرق إمدادات الطاقة.