وقف إطلاق النار في سوريا يدخل حيز التنفيذ
سوريا بعد تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب ستكون عدة مناطق شبة محتلة تحت إدارة دولية متعددة الجنسيات
يدخل ظهر الأحد اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، خاصة مثلث الحدود مع الأردن وإسرائيل، حيز التنفيذ، وتدخل معه سوريا إلى مستقبل لا يعيدها إلى ما كانت عليه قبل 2011.
- تقسيم سوريا.. اتهامات متبادلة بين الشمال والجنوب
- حرب "المناطق الآمنة" تشكل سوريا الجديدة بعد زوال داعش
واتفاق وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن وإيران وتركيا وإسرائيل يشمل مناطق القنيطرة في الجولان ودرعا والسويداء. ويأتي استكمالا لاتفاق "المناطق الآمنة" الأربعة الذي يرسخ تقسيما "دوليا" لسوريا على الأرض.
ويقضي الاتفاق ضمنا بانسحاب القوات السورية الحكومية والمليشيات الإيرانية الداعمة لها من هذا المثلث الحدودي، مقابل أن تسيطر على الوضع القوات الروسية بالتنسيق مع الأردنيين والأمريكيين.
وتم الإعلان بشكل نهائي عن هذا الاتفاق في محادثات الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في ألمانيا الجمعة الماضية.
ووفق ما ذكرته مصادر مطلعة على الاتفاق فإنه كان يجري تنسيق إيراني مع روسيا (عبر الهاتف) خلال المباحثات الروسية الأمريكية لتحديد المقابل الذي ستحصل عليه طهران مقابل انسحاب مليشياتها من المثلث الحدودي الجنوبي.
ويعد انسحاب إيران من هذا المثلث مقابل إطلاق يدها في الشمال السوري، خاصة في منطقة الحدود مع العراق مكسبا مهما لها. فهي لا ترغب في أن تبقى في منطقة مواجهة مع إسرائيل على الحدود الجنوبية، وما كان تواجدها في تلك المنطقة إلا أداة ضغط ومساومة مع الولايات المتحدة لإطلاق يدها في الشمال على الحدود مع العراق.
وتعود أهمية السيطرة على الحدود بين سوريا والعراق في الخطة الإيرانية إلى مشروع الممر الاستراتيجي البري الذي تنفذه إيران ويمتد من طهران مرورا بالشمال العراقي فالشمال السوري وصولا إلى اللاذقية ودمشق، ثم ينحدر إلى لبنان.
وهذا الممر الخطير يتيح لإيران الربط الجغرافي بين هذه الدول الأربع، فيسهل لها التحرك العسكري بشكل آمن عبرها، وما يتبع ذلك من سيطرة اقتصادية وقدرة على توجيه القرارات السياسية فيها.
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية عن مسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة وروسيا ودولا أخرى بالمنطقة توصلت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا.
ولم يفصح المسؤول عن ماذا يقصد بـ"دول أخرى" ولكنها إشارة بشكل خاص إلى إيران وإسرائيل.
وتخفي الأطراف المشاركة في الاتفاق مصالحها ومكاسبها الحقيقية من ورائه، وتقول إن هدفه هو إعادة الاستقرار للمنطقة لتسهيل إدخال المساعدات ولعودة اللاجئين السوريين من الأردن الذي يئن تحت وطأة زيادة أعدادهم على أراضيه.
ملامح جديدة لسوريا
وينذر هذا الاتفاق برسم ملامح جديدة لسوريا، لا تعود فيها إلى ما كانت عليه قبل 2011؛ حيث ستكون إدارة الجنوب مختلفة عن إدارة الشمال، ولن تكون سوريا تحت سلطة مركزية موحدة، ويمكن أن يطلق على سوريا حينها أن سوريا ستخضع لإدارات متعددة الجنسيات، في صورة من صور الاحتلال المقنع، يشمل تواجدا عسكريا وسياسيا واقتصاديا مباشرا لعدة دول في الأراضي السورية من شمالها إلى جنوبها.
واتضح ذلك في تعليق بعض فصائل المعارضة السورية على الاتفاق؛ حيث قال وفد "الثورة السورية" العسكري إلى مباحثات أستانة الخامسة في بيان إن التوصل لما وصفه باتفاق "منفرد" في الجنوب السوري بمعزل عن الشمال "سابقة تحدث للمرة الأولى".
وأضاف البيان أن هذه الاتفاقات تقسم المعارضة السورية إلى قسمين، وتكرس القبول بالوجود الإيراني فيما بعد المناطق العازلة المحددة بـ40 كم والمتاخمة للحدود السورية مع إسرائيل والأردن.
وهذا التقسيم الذي أشار إليه البيان فعليا لا يخص المعارضة فقط، ولكن يخص الوضع على الأرض في سوريا؛ التي ستكون عبارة عن "مناطق نفوذ" مقسمة على عدة دول.
وتؤسس هذه الصفقة لما يمكن تسميته بـ"بمرحلة ما بعد داعش"، إذ تطمح أمريكا في أن تحكم "قوات سوريا الديمقراطية" ذات الغالبية الكردية سيطرتها على الرقة وتل الأبيض وحتى الفرات في الشمال وحتى تستطيع ذلك يجب عليها تحييد روسيا عبر القبول بوجود روسي في الجنوب وعبر الإبقاء على حكم بشار الأسد حليف موسكو.
أما إيران فإنها مقابل عدم تواجدها في الجنوب ستطلق الولايات المتحدة يدها في مدينة دير الزور على الحدود مع العراق.
وتعبيرا عن أهمية هذا الاتفاق في الإسراع بحسم الوضع في سوريا قال الجنرال هربرت ريموند ماكماستر مستشار الأمن القومي الأمريكي، السبت، إن وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا "أولوية أمريكية" وخطوة نحو تحقيق سلام في كل أنحاء البلاد.
وكشف ماكماستر في بيان أن ترامب بحث هذا الاتفاق مع عدة رؤساء آخرين خلال قمة مجموعة العشرين، من بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وبدوره تحدث وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الجمعة عن أن قوات الشرطة العسكرية الروسية ستشرف على وقف إطلاق النار بالتنسيق مع الأردنيين والأمريكيين.
aXA6IDE4LjE4OC43Ni4yMDkg جزيرة ام اند امز