سوريا.. لماذا ضُرب مطار التيفور وليس الشعيرات؟
تهديدات أمريكية للأسد بدفع "الثمن الباهظ" عن استخدام الكيماوي في دوما يتبعها ضرب مطار التيفور بطائراتي "إف 15".. فلماذا "التيفور"؟
في خضم تهديدات من أمريكا وحلفائها للنظام السوري بدفع "الثمن الباهظ" حال ثبت استخدامه الكيماوي في دوما بغوطة دمشق الشرقية، تعرّض مطار التيفور العسكري السوري لضربات من قبل طائرتي "إف 15"، قالت روسيا إنهما إسرائيليتان.
وأعلنت واشنطن، الأحد، أنه حال ثبتت اتهامات المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد باستخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين في دوما، فإن الثمن سيكون "باهظاً"، وهو الأمر الذي أعاد إلى الأذهان الضربة الجوية الأمريكية على مطار الشعيرات السوري، التي كانت "عقاباً" للأسد على استخدامه الكيماوي في منطقة "خان شيخون" بإدلب.
من جهة أخرى، تعرّض مطار التيفور العسكري السوري، قبل فجر اليوم، لضربات جوية. قالت وزارة الدفاع الروسية إن طائراتين إسرائيليتين من طراز "إف 15" استهدفت المطار من الأجواء اللبنانية، وذلك عبر 8 صواريخ، تم اعتراض 5 منها من قبل منظومات الدفاع السورية. وأدت الضربات إلى مقتل 14 شخصاً بينهم إيرانيان.
تساؤلات كثيرة تثيرها ضربة "التيفور"، وفي مقدمتها: لماذا التيفور وليس الشعيرات؟ ولماذا الضربات الآن؟ وما هدف إسرائيل، إن صح تورطها، من هذه الضربات؟ وما علاقة تلك الضربات باتهامات استخدام الأسد الكيماوي في دوما؟
ومع الإعلان عن ضربات "التيفور"، نفت كل من واشنطن وباريس مسؤوليتهما عنها، ثم قالت وزارة الدفاع الروسية إن إسرائيل هي المسؤولة. ومع سؤال مسؤوليها، رفضت تل أبيب التعليق حتى نقلت وسائل الإعلام قول وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "سلاح الجو الإسرائيلي عاد للعمل في سوريا مرة ثانية"، وهو ما أكد تورط الإسرائيليين.
"التيفور" لماذا؟
اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية في مصر، رجّح أن يكون السبب من استهداف "التيفور" احتمالية صحة المعلومات الواردة عن وجود طائرات من دون طيار إيرانية في المطار السوري، وهو الأمر الذي تعده إسرائيل تهديداً لأمنها القومي.
وتوقع الحلبي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن طائرات إيران، حال وجودها بالفعل في "التيفور"، فإنها تقوم بأعمال تجسس واستطلاع بشكل أو آخر على تل أبيب.
وعن توقيت الضربات، أشار مستشار "أكاديمية ناصر" إلى أمرين: الأول، شحن الرأي العام العالمي ضد الأسد بعد اتهامات كيماوي دوما، وهو الأمر الذي استغلته تل أبيب لصالحها.
وحول ما يتعلق بالأمر الثاني، توقع الحلبي أن تكون إيران ربما زادت من عدد طائراتها في "التيفور"، ما دفع إسرائيل إلى القيام بضربة استباقية ضد طائراتها.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن 14 شخصاً على الأقل بينهم إيرانيان، لقوا مصرعهم جراء استهداف "التيفور".
رأي آخر ذهب إليه المعارض السوري قاسم الخطيب، عضو هيئة التفاوض، قائلاً: إن إسرائيل تهدف بالأساس من ضرب "التيفور" إلى إضعاف وإنهاء سلاح الدفاع الجوي السوري.
وأوضح الخطيب، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن مطار التيفور هو مطار حربي سوري به قواعد وصواريخ وبطاريات سورية، كما يوجد به خبراء روس وإيرانيون وسوريون، مستبعداً الرواية القائلة برغبة إسرائيل في استهداف طائرات إيرانية بالمطار.
وذّكر الخطيب بالوجود الإيراني في لبنان عبر "حزب الله"، معتبراً أنه أشد خطورة على تل أبيب من النفوذ الإيراني في سوريا.
ومن ذلك المنظور، نقل موقع "روسيا اليوم" عن مصدر عسكري سوري قوله إن "استهداف مطار التيفور بحجة وجود الإيرانيين فيه محض كذب، وإن السبب الحقيقي يكمن في إمكانيات هذا المطار ونوعية تجهيزاته".
ليس الشعيرات؟
مع تصاعد التهديدات ضد النظام السوري على خلفية كيماوي دوما، تزايدت الاحتمالات بتكرار الضربة الأمريكية التي شنتها واشنطن في أبريل/ نيسان الماضي على مطار الشعيرات بحمص، وأدت إلى تدمير عدد من الطائرات أثرت في البنية التحتية للمطار.
وعززت تلك الاحتمالات، التصريحات الروسية، الأحد، بالتحذير من أي تدخل خارجي في سوريا "تحت ذرائع مفبركة" (اتهامات المعارضة للأسد باستخدام الكيماوي)، بحسب وزارة الدفاع الروسية.
ومع اللحظات الأولى لضرب "التيفور"، ألقت دمشق المسؤولية على واشنطن، واعتبرت أنها هي مَن قامت بالضرب تنفيذاً لتهديدها.
جدير بالذكر أن استهداف واشنطن مطار الشعيرات، الذي يقع في حمص أيضاً، في أبريل/ نيسان 2017 كان عبر مدمرات في شرق البحر المتوسط ألقت 59 صاروخاً "توماهوك" على المطار، الذي قالت إنه تم إطلاق طائرات الأسد المحملة بالكيماوي على المدنيين في خان شيخون بإدلب منه.
من الأجواء اللبنانية!
وفقاً للرواية الروسية حول الحادث، فإن إسرائيل استخدمت الأجواء اللبنانية لإطلاق ضرباتها ضد "التيفور".
وفي هذا السياق، يقول اللواء أحمد عبدالحليم، أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية، إن اعتماد إسرائيل على الأجواء اللبنانية "أسهل" بالنسبة للطائرات الإسرائيلية من استخدام أجوائها.
وتابع أستاذ العلوم الاستراتيجية، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تل أبيب استغلت ضعف الدفاع الجوي بين سوريا ولبنان، فاعتمدت على أجواء لبنان لهجماتها.
واعتمدت إسرائيل في ضرباتها، وفقاً لوزارة الدفاع الروسية، على طائرات "إف 15"، وهو الأمر الذي أرجعه اللواء طيار هشام الحلبي إلى قدرة تلك الطائرات على الضرب والعودة سريعاً، فضلاً عن مداها، ومن ثم فهي الأجدر بالمهمة.
وأوضح الحلبي أنه لا علاقة بكيماوي الغوطة بالضربات على مطار التيفور، خصوصاً أن إسرائيل لا يهمها إذا ثبت استخدام الأسد الكيماوي ضد شعبه، بل إنها مستفيدة بالأساس من حالة الفوضى في سوريا.
وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الكيماوي في دوما، وأنها تجمع المعلومات، مبدية "قلقها البالغ" إزاءه.