مئات السوريين يغادرون لبنان من أجل لمّ شمل عائلاتهم بعد طول انتظار
مئات السوريين غادروا الأراضي اللبنانية إلى مستقبل غامض حيث قرروا العودة إلى وطنهم الأصلي الذي مزقته الحرب
غادر مئات السوريين الأراضي اللبنانية، أمس الخميس، إلى مستقبل غامض، حيث قرروا العودة إلى وطنهم الأصلي الذي مزقته الحرب؛ أملا في لمّ شمل عائلاتهم التي لم يجتمعوا بها منذ سنوات. لكن في الوقت ذاته ترك بعضهم أشخاصا مقربين إليهم هناك، حيث فضّلوا الاستمرار في لبنان الذي أصبح ملاذا للنسبة الأكبر من اللاجئين في العالم.
ومن بين اللاجئين الذين قرروا العودة إلى سوريا وعددهم تقريبا 300 سوري، كان محمد سليمان درويش، 76 عاما، الذي قرر العودة مع حفيدته إسراء، 9 سنوات، التي لم تر والديها منذ عام 2013 وأشقاءها الصغار الذين ولدوا بينما كانت تسعى هي إلى الأمان في لبنان.
ويروي الجد درويش حكايته إلى صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، قائلا إن قوات النظام السوري وحلفاءها شنّوا هجوما هائلا على منطقة قلمون السورية عام 2013، وكانت إسراء تعيش مع جديها لأبيها، اللذين قررا أخذها معهما إلى لبنان. أما والدا إسراء فكانا يعيشان في نفس القرية، إلا أنهما لم يتمكنا من المغادرة بعد دخول القوات السورية.
لكن سيترك درويش زوجته بسيمة، 63 عاما، في لبنان حتى يقوم بإصلاح منزلهما الذي دمرته الحرب، لتتمكن من العودة هي الأخرى. وستبقى بسيمة هناك مع ابن آخر لها وعائلته.
تقول إسراء: "أفتقد والدي كثيرا. أتحدث إليهما بصورة منتظمة عبر الهاتف، لكن الآن نسيت حتى كيف يبدو شكلهما". عندما تركت إسراء سوريا في 2013، كانت أختها الصغيرة آية تبلغ من العمر عامين، ثم وُلدت خلال غيابها أختان أخريان وأخ. وعن ذلك قالت إسراء: "أريد أن أراهم الآن".
وأعربت زوجة درويش وجدة إسراء عن أملها في انتهاء الحرب حتى يجتمع السوريون جميعا من جديد.
وتعد رحلات العودة الصغيرة هذه، جزءا من برنامج تقول الحكومة اللبنانية إنه اختياري يساعد اللاجئين على العودة إلى سوريا. وأوضح خالد عبد العزيز، السوري الذي يرأس إحدى لجان السوريين الراغبين في العودة، أنه من المتوقع أن يعبر 472 سورياً الحدود إلى سوريا بعد طلب الإذن من الحكومتين السورية واللبنانية، مضيفا أنهم جزء من إجمالي 3194 سورياً سجلوا أسماءهم من أجل العودة. ولفت إلى أن البقية ستعود إلى سوريا على مجموعات خلال الأسابيع المقبلة.
ويخشى الشباب السوري من العودة إلى سوريا، مخافة أن يتم إجبارهم على الانضمام إلى الجيش.
وتتزامن عمليات العودة مع نزاع بين الحكومة اللبنانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تتهمها بيروت بمحاولة تثبيط اللاجئين عن العودة إلى سوريا، وهو ما تنكره المفوضية.
ويعيش في لبنان نحو مليون سوري مسجلين، تقريبا ربع الشعب اللبناني، ويقول المسؤولون إنهم لم يعودوا قادرين على تحمل العبء على اقتصاد دولتهم الهش.
وطالما أعرب مسؤولون أمميون وجمعيات حقوقية عن قلقهم من عمليات إعادة اللاجئين السوريين المنظمة إلى بلادهم، لأن العنف والقمع لا يزالان مستمرين في سوريا. لكن تقول الحكومة اللبنانية إن هناك مناطق سورية كثيرة أصبحت مستقرة بصورة كافية لعودة اللاجئين.
تقول لما فقيه، نائب مدير منطقة الشرق الأوسط لمنظمة هيومن رايتس ووتش، إن السوريين عادة ما يتركون لبنان مدفوعين بظروف المعيشة الصعبة هناك بما فيها حق الإقامة وتقييد حركتهم وعدم قدرتهم على تعليم أولادهم في المدارس.
وفي بيان، قال مدير الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم، إنه تم إخطار مفوضية اللاجئين بعودة السوريين، لذلك تقع مسؤوليتهم على عاتقها.
لكن قالت ليزا أبو خالد، المتحدثة باسم المفوضية في بيروت، إن المفوضية لم تنظم رحلات عودة السوريين، وإن مندوبيها حاضرون على المعابر الحدودية فقط للإجابة عن تساؤلات اللاجئين.