لا شك أنه في ظل التدافع الحاصل في العالم أجمع لا بد من تحرك جدي لحجز مكان في القادم من تغيير في النظام العالمي
النظام العالمي مصطلح يعبر عن حقبة العلاقات الدولية التي بنيت وفق ظروف حددت ماهيتها وأسهمت في تطورها، وانعكس بناء النظام العالمي على جميع مناحي الحياة التي رسمتها التوازنات السياسية القائمة على الدور الذي اضطلعت به مختلف دول العالم اقتصادياً وعسكرياً، وقد استمر النظام العالمي حتى تسعينيات القرن المنصرم، حين تردد في المشهد مصطلح النظام العالمي الجديد بتغييراته وتحولاته، ليعبر عن شكل آخر في العلاقات الدولية وفي تأثير الدول الفاعلة فيه.
لا شك أنه في ظل التدافع الحاصل في العالم أجمع لا بد من تحرك جدي لحجز مكان في القادم من تغيير في النظام العالمي، والاستفادة من فرصة قد لا تتكرر خلال المئة عام المقبلة، وذلك لن يتحقق إلا ببناء تكتل عربي مبني على الثقة المتبادلة بين أطراف هذا التكتل
وقد بدت إرهاصات النظام الجديد جلية، لا سيما خلال السنوات التي تلت حرب العراق في عام 2003، من حيث صعود دول وأفول أخرى، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية، والنزاعات العسكرية والأهلية التي تلت ذلك بسنوات، كمقدمات لتأسيس وارتقاء النظام العالمي الجديد الذي ينتقل فيه العالم إلى الاعتماد على دول متعددة لحمايته والمساهمة فيه بالتأكيد.
وفي هذا السياق، فإن تبلور نظام جديد يعد حركة طبيعية في التكوين الحضاري الإنساني؛ إذ إن البشرية تمر في مراحل تتذبذب فيها أنظمة القوى لتغير أماكن الفاعلين فيها، في حركة تصحيحية حسب معطيات ومتطلبات العصر والظروف، لنشوء حضارات أكثر اكتمالاً ونضجاً ونظام عالمي أكثر قوة.
إن السؤال البسيط الذي يراود أي متتبع في الوطن العربي لحالة التحول في النظام العالمي؛ هو أين سيكون موقع الدول العربية من هذا التغيير؟
لا شك أنه في ظل التدافع الحاصل في العالم أجمع لا بد من تحرك جدي لحجز مكان في القادم من تغيير في النظام العالمي، والاستفادة من فرصة قد لا تتكرر خلال المئة عام المقبلة، وذلك لن يتحقق إلا ببناء تكتل عربي مبني على الثقة المتبادلة بين أطراف هذا التكتل، والتي هي في الحقيقة غير موجودة في الوقت الراهن للأسف.
إن التغييرات التي سيشهدها العالم كله خلال الأعوام القليلة المقبلة لبناء النظام العالمي الجديد ستشمل احتلال دول كثيرة مكانة أكبر على سلم الدول الفاعلة، فيما ستهبط دول بشكل متسارع ليصل العالم إلى مرحلة الثبات، وإلى ذلك الموعد ستبقى المنطقة في حالة شد وجذب من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب المشروعة، التي سيحصل عليها من يأخذ بمعطيات النظام الجديد في الاعتبار لإيجاد المكان المناسب في هذا العالم، فهل يقف العرب مكتوفي الأيدي؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة