يُعتقد أن النظام الأفغاني، كما نعرفه اليوم، قد ينتهي قبل نهاية العام بحكومته وبرلمانه وسياسته، وربما قبل ذلك.
فقد خرجت معظم الجيوش الأمريكية ودول التحالف لتختتم عشرين عاماً من الوجود العسكري الذي وصل إلى نحو 150 ألف جندي من جنسيات متعددة، ثم انحسر مع فشل توحيد البلاد تحت سلطة مركزية.
الخروج الأمريكي لن يمنح الأفغان السلام، بل سيخلق فراغاً ربما يتسبب في حروب على جبهات مختلفة، وقد تكون إيران واحدة منها.. فهل الوضع الجديد خطر على إيران؟ وهل "طالبان" عدو طبيعي لنظام طهران؟
حدود إيران مع أفغانستان نحو ألف كيلومتر، هذه المسافة الطويلة جداً كافية لإخافة النظام الإيراني من الوضع في أفغانستان، سواء إن كان مستقراً تحت سلطة حركة "طالبان" أو في حال اندلعت حرب أهلية هناك.
ليس من المؤكد كيف ستسير الأمور، لكن من الخطأ تبسيط تحليل العلاقات في ذلك الإقليم من العالم.
قد تكون "طالبان" عدواً شرساً لإيران، وتفتح جبهة حرب دامية، فتذيق النظام الإيراني ما فعله ويفعله بدول مثل العراق واليمن، ويصبح لأول مرة في موقف الدفاع.
وقد تكون "طالبان" الحليف الذي يتمناه الإيرانيون، وسعوا لدعمه لسنين ضد الأمريكيين في أفغانستان.
الفروقات المذهبية، "طالبان" السنية ضد نظام الولي الفقيه الشيعي، ليست كافية للاستنتاج بحدوث صراع بين نظامي الجارتين المتطرفتين.
فطالما اعتمدت "طالبان" على دعم إيران في السنوات، التي أعقبت إخراجها من الحكم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 ضد الولايات المتحدة، والتي خُططت في أفغانستان.
قدمت إيران الدعم العسكري للحركة، وفتحت حدودها للفارّين من قيادات "القاعدة"، ويعتقد أن أيمن الظواهري، الرجل الثاني في التنظيم، قد لجأ وعاش السنوات الماضية، ويقال مات ودفن هناك.
أيضاً، رعت إيران أفراد عائلة أسامة بن لادن. وهي لا تزال الممول الرئيسي لـ"حماس" و"الجهاد الاسلامي" في فلسطين وحليفا لجماعة "الإخوان"، وأبرز انتصاراتها في العراق جاءت من استخدامها المعارضة السنية المسلحة والتنظيمات المتطرفة في العراق ضد القوات الأمريكية.
إيران و"طالبان" كانتا حليفتين لسنوات، وقد يستمر هذا التعاون، حيث تعددت زيارات وفود "طالبان" إلى طهران بشكل مكثف منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسبق أن امتدح المرشد الأعلى علانية "طالبان".
لا أريد الاستعجال في الحكم على "طالبان" وسياستها بشكل عام، وموقفها من طهران تحديداً، إنما الماضي لا يشهد للحركة بالحكمة، وعلاقتها مع النظام الإيراني لن تبقى محايدة نظراً لطبيعة الجماعتين الأيديولوجية الدينية المسلحة، التي ستنتهي إما بالتعاون أو الاقتتال.
وللأسف الشديد ليست هناك توقعات باستتباب الأمن وانتهاء النزاع، سواء بقيت الحكومة الأفغانية أو استولت "طالبان" على العاصمة كابول والحكم.
فالتنافس محموم بين القوى الكبرى.. وأفغانستان يبدو أنها من الأماكن القليلة في العالم التي يتنافس فيها الصينيون والروس والأمريكيون، وهناك القوى الإقليمية، باكستان والهند وإيران، التي لها نفوذها المحلي وعازمة على الاحتفاظ به.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة