وفود طالبان بالخارج.. هل تعبد طريق الاعتراف الدولي؟
مع بداية العام الجديد 2022، بدأت حركة طالبان مساعي حثيثة للخروج من عزلتها وتوضيح موقفها للعالم بشأن سياستها الداخلية في أفغانستان.
محاولات حركة طالبان جاءت بعد قرابة 6 أشهر من السيطرة على الأوضاع في أفغانستان عقب سقوط السلطة في يدها في أغسطس/آب الماضي.
أول زيارة خارجية
وفي أول تحرك نحو الحوار مع العالم وخصوصا أوروبا، وفي أول زيارة معلنة لها إلى الغرب وصول وفد من حركة طالبان الأحد 22 يناير/كانون الثاني إلى النرويج.
وأعلنت وزارة الخارجية النرويجية، حينها أن "وفدا من حركة طالبان سيزور أوسلو بين 23 و25 يناير لعقد لقاءات تتمحور حول الأزمة الإنسانية في أفغانستان وحقوق الإنسان".
وأوضحت الوزارة أن "الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي ستكون ممثلة في الاجتماع".
وفي نهاية المباحثات أعلن مشاركون ضمن الوفد، أن مباحثات طالبان وأعضاء في المجتمع المدني الأفغاني أثمرت في أوسلو عن "كسر الجليد" بين الطرفين.
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حركة طالبان، في تصريحات صحفية حينها: "اتخذنا خطوات لتلاقي مطالب العالم الغربي ونأمل في أن نقوي العلاقة مع كل الدول، وبينها الدول الأوروبية والغرب بشكل عام، عبر الدبلوماسية".
وأعرب عن أمله في أن تساعد تلك المحادثات على "تبديل أجواء الحرب السابقة إلى أوضاع سلمية، وأن تشيع أجواء من الأخذ والرد بحيث يكون هناك مشاركة سياسية مليئة بالاحترام".
واتخذ الوضع الإنساني في أفغانستان منعطفًا مأساويا منذ أغسطس وعودة طالبان إلى السلطة في مواجهة خزائن شبه فارغة بعد سيطرتها على البلاد.
توقفت المساعدات الدولية فجأة وجمدت الولايات المتحدة 9,5 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني.
وقال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية إن الزيارة ونتائجها ستمهد لمباحثات واجتماعات واتفاقات مع دول الاتحاد الأوروبي.
الأمم المتحدة وطالبان
وتهدد المجاعة الآن 23 مليون أفغاني أو 55% من السكان حسب الأمم المتحدة التي تحتاج إلى 4,4 مليارات دولار من الدول المانحة هذا العام لمعالجة الأزمة الإنسانية في البلاد.
والأسبوع الماضي، أعلن مجلس الأمن الدولي اعتزامه إجراء مشاورات حول دور الأمم المتحدة مستقبلاً في أفغانستان في ظلّ حكم طالبان.
وكشف تقرير رفعه الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش مؤخراً وأوصى فيه بالتحاور مع الحركة وتفادي عزلها.
وستجري المفاوضات حول مهمة البعثة السياسية للأمم المتّحدة في أفغانستان تحت إشراف النرويج التي نظّمت مؤخراً أول لقاء دولي مع طالبان.
ودعا غوتيريش في تقرير صدر هذا الأسبوع، إلى تجديد تفويض البعثة لسنة، مشيرا إلى أنّ طالبان "لم يكتسبوا ثقة قسم كبير من الشعب الأفغاني، ولم يقنعوه بقدرتهم على الحكم"، ما يحمل العديد من الأفغان على "مواصلة السعي لمغادرة البلد".
ونوه إلى أنّ "أفضل طريقة لتشجيع الاستقرار والدعم الدولي في المستقبل هو أن تتفادى طالبان العزلة التي طبعت فترة حكمهم السابقة" بين 1996 و2001.
دعوة غوتيريش
وشدّد الأمين العام على أنّه "من الأساسي بالتالي إقامة حوار بناء يتمحور حول رفاه الشعب الأفغاني وحقوق الإنسان، بين سلطات الأمر الواقع والأطراف الأفغانية الأخرى ودول المنطقة والأسرة الدولية".
كما حذّر غوتيريش من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تواجهها أفغانستان والتي تهدّد أكثر من نصف شعبها بالمجاعة.
ويدعو الأمين العام منذ أشهر لتخفيف العقوبات المفروضة على كابول لتفادي انهيار البلد، في وقت تجمّد فيه واشنطن حوالي 9,5 مليار دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني منذ أغسطس/آب.
واليوم الثلاثاء، أعلنت وزارة الخارجية السويسرية أنّ وفداً من طالبان يجري زيارة إلى جنيف لعقد محادثات مع مسؤولين سويسريين ومنظمات غير حكومية بشأن حقوق الإنسان وإيصال المساعدات الإنسانية.
وقالت ناطقة باسم الخارجية السويسرية لوكالة فرانس برس إنّ "أعضاء من الوفد سيجرون محادثات تتطرق إلى إيصال المساعدات للسكان المحتاجين إليها وحماية العاملين في المجال الإنساني واحترام حقوق الإنسان".
وشددت في الوقت ذاته على أنّ وجود عناصر من الحركة في سويسرا لا يمثّل اعترافاً بنظام طالبان التي استولت على السلطة.
وفي 17 مارس/آذار المقبل ينتهي تفويض مهمة البعثة السياسية الموجودة في أفغانستان منذ 2002.
وبمعزل عن المفاوضات في مجلس الأمن، فإنّ تحديد دور الأمم المتحدة سيتوقف على مشيئة طالبان التي سيطرت على البلد في منتصف أغسطس الماضي وتسعى الآن للحصول على اعتراف دولي.
ولم تنجح السلطات الجديدة في أفغانستان حتى الآن في حمل الأمم المتحدة على اعتماد سهيل شاهين، المتحدث السابق باسم الحركة، سفيراً جديداً لأفغانستان لدى المنظمة في نيويورك، وعملية الاعتماد مجمّدة حالياً بموجب اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.
وأعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن إعادة "وجود بالحد الأدنى" لطاقمه في كابول من أجل تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان بينما لم تعترف أي دولة حتى الآن بحكومة طالبان.
الاتحاد الأوروبي والنساء
وبعد مشاركتها في عملية الحرية الدائمة الدولية التي أطاحتهم من السلطة في 2001، أبقت النرويج التي تقوم عادة بوساطات، على الحوار مع طالبان لعدة سنوات.
وينتظر المجتمع الدولي ليرى كيف تعتزم طالبان إثبات أنها تطورت بعد أن تجاوزت إلى حد كبير حقوق الإنسان خلال فترة حكمها الأولى بين 1996 و2001.
وتقول حركة طالبان إنها تطورت لكن النساء ما زلن مستبعدات إلى حد كبير من الوظائف العامة، وما زالت معظم المدارس الثانوية للبنات مغلقة.
وهددت الشرطة في حركة طالبان النساء العاملات في منظمات غير حكومية في ولاية بشمال غرب أفغانستان، بإطلاق النار عليهن إذا لم يرتدين النقاب.
وتواجه النساء ضغوطا ويتم إخراجهن من الحياة العامة ومُنعن إلى حد كبير من ممارسة وظائف حكومية، فيما أُغلقت معظم المدارس الثانوية للبنات.
والنساء في أفغانستان يضعن عموما الحجاب فيما النقاب، الذي كان إلزاميا خلال فترة الحكم الأولى لطالبان بين 1996 و2001، ترتديه النساء على نطاق واسع وبشكل خاص خارج العاصمة كابول.
في وقت سابق هذا الشهر وضعت ملصقات على مقاه ومتاجر في كابول تأمر النساء بتغطية أجسامهن، وأرفقت الملصقات بصورة للنقاب.
ويحظر على النساء المشاركة في الأعمال التلفزيونية ويتعين أن يرافقهن محرم في الرحلات الطويلة بين مدن وقرى.
ونُظمت مظاهرات صغيرة ومتفرقة للمطالبة بحقوق المرأة التي تحسنت قليلا في السنوات العشرين الماضية في أفغانستان.
لكن العديد من الناشطات قلن إنهن اختبأن في العاصمة هذا الأسبوع عقب مداهمات أدت إلى توقيف ثلاث نساء.
aXA6IDE4LjExNy4xNzIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز