تفاصيل أخطر 6 ساعات قبل عزل مرسي والإخوان
"العين الإخبارية" تلتقي مؤسس تمرد المصرية الذي يكشف تفاصيل أخطر 6 ساعات في تاريخ بلاده، قبل عزل مرسي وجماعته عن الحكم
رغم مرور سبع سنوات، إلا أن الشاب المصري محمد عبدالعزيز، الذي أسس مع رفاقه حركة "تمرد" لعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، لم يزل يذكر كلمات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للقوى الوطنية المصرية، التي شاركت في اجتماع "خارطة الطريق" يوم 3 يوليو/تموز 2013، والذي سبق الإعلان عن عزل مرسي وجماعته من حكم مصر.
وكشف محمد عبد العزيز، أحد مؤسسي حركة تمرد وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، لـ"العين الإخبارية" عن أن الرئيس المصري أبلغهم في الاجتماع الذي استمر قرابة 6 ساعات، أنه سيتحمل هو والجيش والشرطة تبعات عزل مرسي قائلا لهم: "هذا القرار الذي اتخذناه سيتحمل نتائجه أنا ورجالي في الجيش وأبنائي في الشرطة.. سنتحمله وسترون كيف سنتحمله والمهم نحمي المصريين".
ويضيف "عبدالعزيز" أو "عزيز" كما يناديه الجميع، في حواره المطول قبيل ساعات من الذكرى السابعة لعزل مرسي:" هذه أهم جملة قيلت في الاجتماع المغلق، وكانت هي الجملة الختامية قبيل الإعلان عن خارطة الطريق، وعندما استرجع الاحداث وتعهدات القوات المسلحة حينها بحماية الأمن وعدم تمكين التنظيمات الإرهابية، أتأكد أن الرئيس المصري كان لديه رؤى مستقبلية لما سيحدث، وشجاعة لتحمل قرار عزل الإخوان من أجل حماية إرادة المصريين".
3 يوليو.. اجتماع الحسم
يسترجع الشاب الثلاثيني، تفاصيل اليوم بقوله: "بينما نستعد كحركة تمرد للخروج في مؤتمر صحفي صباح يوم 3 يوليو/تموز 2013 للإعلان خطة تحركاتنا القادمة، والدعوة لاستمرار الحشد حتى تحقيق مطالب الثورة، تلقينا دعوة لحضور اجتماع القوى الوطنية"،
وفي ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، خرج ملايين المصريين، في مظاهرات حاشدة،مطالبين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وعزل محمد مرسي وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة البلاد.
ويتذكر "عزيز" المفارقة التي حدثت في هذا الأثناء ويقول: "كانت القيادة العسكرية تحاول التواصل معنا، لكننا لم نكن نعلم ذلك، فكانت الاتصالات تأتي إلينا ولا نرد حيث كنا وقتها في لقاء تشاوري قبيل المؤتمر، حتى أبلغنا زميل محرر عسكري، عبر الرسائل بضرورة الرد على الهاتف لأن مكتب القائد العام للقوات المسلحة يحاول التواصل معنا".
يضيف: "استقبلنا الاتصال من العقيد أحمد علي، المتحدث العسكري حينها، وأبلغنا أن هناك اجتماع مع القائد العام دون مزيد من التفاصيل، وبالفعل عقدنا مؤتمرنا الصحفي ولم نُعلن عن الدعوة، وتوجهنا بعدها مباشرة للاجتماع".
يبتسم عزيز إذ أن تقديراته كانت صائبة، ويقول: "نقاشنا أنا وزميلي المؤسس محمود بدر ما الذي ينتظرنا في هذا الاجتماع، وكان تقديرنا أن هذا الاجتماع للحسم، خاصة أن مهلة الـ48 ساعة التي حددتها القوات المسلحة لاتفاق القوى السياسية لتحقيق مطالب الشعب قد أوشكت على الانتهاء، كما أن القوات المسلحة أعلنت بوضوح انحيازها لإرادة الشعب، المتمثلة في أنه لا بديل عن عزل الجماعة الإرهابية من السلطة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة".
ثقة وقلق
بمزيج من الثقة والقلق، عايش مؤسسو تمرد، فترة ما قبل 3 يوليو، ويقول عزيز: "كنا واثقين أنه لا يمكن تحقيق إرادة المصريين إلا من خلال القوات المسلحة، وكان في رأيي لا يمكن هزيمة الشعب المصري في تحالفه مع جيشه، فإذا كان الشعب المصري لا يريد حكم هذه الجماعة الارهابية فبالتأكيد سينحاز الجيش لهذه الإرادة".
وبتساؤلات استعاد بها لحظات القلق، يضيف عزيز: صحيح كان يقيني أنه لا يمكن هزيمة المصريين أبدا، لكن كنت أتساءل هل سيكون الحل يوم 3 يوليو معبرا عن إرادة المصريين الحقيقية، هل سيصمد ملايين المصريين ويستمرون في الاحتشاد ويصرون على مطالبهم حتى النهاية؟".
يعترف عزيز أن ما قام به هو وزملائه "مغامرة"، كان من الممكن أن "ندفع حياتنا ثمنا ولن تصمت الإخوان على ما فعلناه إذا فشلنا، لكن المحاولة كانت تستحق وكان الرهان على إرادة المصريين الذين يرفضون حكم الإخوان"، بحسب مؤسس تمرد.
يتابع: "كان هناك حالة غضب كبيرة لدى المصريين.. كل شارع في كل قرية وكل مدينة وكل حي.. الأغلبية الساحقة من المصريين يرفضون الإخوان، شاهدنا جميعا كيف كان هناك التفاف شعبي كبير حول حركة تمرد".
لا تراجع ولا استسلام
في مسيرة متجهة من ميدان الحجاز (شرق العاصمة) يوم 30 يونيو/ حزيران 2013، إلى قصر الاتحادية، وبينما الجميع يُشهر الكارت الأحمر ضد حكم الإخوان، كان عزيز وزملائه المؤسسين في حركة تمرد بين الحشود.
يقول عزيز عن هذا اليوم: "لا أستطيع أن أرى نهاية الطوفان البشري في جميع الاتجاهات، أمواج من الجماهير على مدد البصر ، حتى وصلنا إلى قصر الاتحادية لم يكن هنالك أي مكان للتراجع.. نحن الآن في طريقنا إلى تحقيق أولى خطوات النصر".
يضيف: "عندما رأيت هذه الجموع، اطمأن قلبي، كنت واثقا أن حكم هذه الجماعة سيكون إلى زوال، وأن إرادة المصريين ستنتصر في النهاية، فكان الإصرار على تحقيق المطالب كاملة، حيث لا تراجع ولا استسلام".
ماذا خسرت الإخوان في 7 سنوات؟
يرى عزيز أن الجماعة الإرهابية "خسرت كل شيء خلال 7 سنوات، فهي خسرت بلا رجعة حلم السيطرة والتمكين الذي عاشت عليه منذ أكثر من 80 عاما والرصيد الذي بنته نتيجة لادعائها العمل الخيري محاولة استغلال البسطاء من أجل كسب أصواتهم في الانتخابات".
وبملامح خلت من التعاطف مع مطلومية الإخوان المعتادة، يقول مؤسس تمرد: "خسرت معظم التعاطف، أو لنقل كله، فهي تمر الآن بأسوأ موقف مرت به منذ نشأتها، ربما هذا مشابه لصدامها مع الزعيم (الرئيس المصري الراحل) جمال عبد الناصر خاصة في محاولة اغتياله في المنشية 1954 ثم تنظيم سيد قطب الذي كان يدعو ويخطط لتفجير القناطر الخيرية عام 1965 وتم كشف هذا المخطط وذهبت الى التيه إلى أن عادت لاحقا لظروف سياسية معقدة".
وسرعان ما يتابع عزيز: "لكن هذه المرة انتهت الجماعة وذهبت لمدة أطول إن لم تكن للأبد"، مفسرا "لأن أغلب المصريون شعروا بالخطر مع حكم الإخوان، فمع وصولهم للسلطة ظهرت حقيقتهم كيف أن هذا التنظيم يفضل أن يحكمنا أو يقتلنا، يحتكرون السلطة والدين، يظنون أنهم وحدهم من يعلمون الدين وغيرهم كافر".
يضيف: "جميع مرادفات الجماعة الإرهابية يرفضها المصريون، الذين لا يقبلون بحكم جماعة لا تراعي مصالح الوطن ولا تحقق حتى صالح الدين".
يعتبر العزيز، أن "خسارة الإخوان الفادحة بدأت قبل 30 يونيو/حزيران 2013، وتحديدا عقب الإعلان الدستوري الذي أعلنه مرسي"، موضحا "هذا الإعلان الدستوري خصم من أي رصيد كان لديهم، وكان الغضب الشعبي كاسح اتجاهم وبالتالي عندما جاءت 30 يونيو وازيحت الجماعة من السلطة انتهى مشروعهم للأبد".
أمر ثان، يراه عزيز، وراء خسارة الإخوان بهذه القوة وبهذه الدرجة وهو أن "الرفض ليس فقط من قبل السلطة المصرية التي تحكم بعد 30 يونيو/حزيران 2013 ولكنه رفض الشعب المصري بأكمله مع مؤسسات الدولة".
مكاسب المصريين بعد 3 يوليو
المكسب الأكبر للمصريين، وفق عزيز، هو "استعادة الدولة المصرية التي كانت تختطف من قبل هذه الجماعة الارهابية، حيث أن المشكلة في حكمهم ليست اجتماعية أو اقتصادية أو خلاف سياسي فقط، ولكن المشكلة أن الإخوان كانوا يبنون مجتمعا لا مكان فيه لفكرة الدولة أو المؤسسات ولكن للجماعة ومكتب الإرشاد".
بصوت يملؤه بالثقة: "إذا عاد بي الزمن للوراء، كنت سأتخذ نفس مواقفي، بالتأكيد كنت سأكون ضمن المؤسسين لتمرد وكنت سأشارك في اجتماع 3 يوليو وكنت سأكون في أوائل الصفوف في ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 مع الجماهير، خاصة أن التاريخ أثبت لنا أن تقديراتنا كانت صحيحة، فها هي الجماعة الإرهابية التي بمجرد خروجها من السلطة تعترف أن الإرهاب مقابل الحكم".
واستدل مؤسس تمرد بما قاله الإخواني محمد البلتاجي عقب عزل مرسي "الذي يحدث في سيناء يتوقف إذا أنهى عبدالفتاح السيسي الانقلاب العسكري".
نعم لتحالف 30 يونيو
أمران، كانا مؤسس تمرد، سيحرص على تغييرهما، لو عاد به التاريخ لـ3 يوليو، وهما "عدم دعم فكرة تولي محمد البرادعي منصب نائب الرئيس، ودعم بقاء تحالف 30 يونيو، الذي كان يجمع القوى السياسية المختلفة، متماسكا في مواجهة أي خلاف سياسي".
"لو عاد بي الزمن للوراء، لم أكن لأقف في صف تولي البرادعي هذا المنصب، لأنه خالف كل ما اتفقنا عليه بخروجه المفاجىء من المشهد رغم أنه كان يعلم جيدا كل شيء، وبالتالي كان رهانا خاطئا عندما ظنينا أن البرادعي كان يمكن أن يفيد في هذا المشهد وأنه سيكون معبرا عن رؤية التيار المدني في مصر"، يضيف عزيز.
أما الأمر الثاني، يوضحه السياسي الشاب، "كنت سأعمل بشكل أكبر، وبقوة مضاعفة، حتى لا ينفرط عقد تحالف 30 يونيو، كنت سأحاول منذ اللحظة الأولى تقريب وجهات النظر حتى لا يتعرض التحالف الى هزات أو وجهات نظر متعددة ومن ثم اختلاف كثير".
"ربما كنت أميل إلى احتواء الآراء المختلفة والعمل على كسبها والبحث عن مساحات اتفاق أكثر من الاختلاف، كنت سأبذل وأدعو الجميع لبذل جهد مضاعف للبقاء على تحالف هذه القوى الوطنية المدنية معا".
لا مكان للاحتجاجات في مصر
يرى مؤسس تمرد، الذي عايش فترة من أهم الفترات في تاريخ مصر، أن بلاده لن تشهد أي احتجاجات كبرى في المستقبل، على المدى القصير أو البعيد، واصفا محاولات الإخوان لإثارة الفوضى بأنها "فقاعات ليس لها تأثير".
وبلهجة الواثق، يقول عزيز: "لن يحدث احتجاجات أو ثورة جديدة في مصر على المدى القصير والمتوسط وإلى حد ما البعيد لن تحدث هناك احتجاجات موضوعية، صحيح هناك بعض وجهات النظر المختلفة خاصة في الأزمات الاقتصادية لكن هاجس الحفاظ على الدولة لدى المواطن أهم من أي اختلافات".
يتابع: "لذلك كل المحاولات التي تجري صناعتها من قبل إعلام الإخوان أو الإعلام المتحالف معهم ويخدم أجندة التيارات المتأسلمة لخلق موجة من توتير المشهد في مصر ليس لديها صدى على الأرض".
ومع ما عايشه عزيز، لكنه مازال يرى من المبكر أن ينشر مذكراته عن فترة حكم الإخوان وعزلهم من الحكم، قائلا: "نعم عشت فترة تاريخية مهمة، ولدي الكثير من الكواليس، لكن كتابة المذكرات تكون في نهاية التجربة، ومازال لدي الكثير من التجارب الحياتية التي أخوضها حتى أتمكن من سرد القصة كاملة".
ويقول عزيز إن "الفكرة المطروحة لكن تحتاج سنوات لكي يكتب عن نهاية تجربة يتمنى أن تكون ناجحة بقدر بدايتها حتى تكون مفيدة لأجيال اخرى تكمل المسيرة".
ذكرى 30 يونيو
يربط الشاب المصري بين ذكرى 30 يونيو/حزيران 2013، وبين الاضطرابات التي تشهدها المنطقة بسبب العدوان التركي، قائلا: "ذكرى 30 يونيو/حزيران كما هي استعادة للدولة المصرية من حكم الإخوان، هي أيضا استعادة لقيادتها في المنطقة على مدار التاريخ، وأمنها القومي هو جزء رئيسي من الأمن العربي كله".
يوضح: "حينما يتحدث الرئيس عن خط أحمر هو حدود مهمة للأمن القومي المصري والأمن القومي العربي، ويحذر أي من يحاول العبث بهما من أي قوى إقليمية تريد التدخل في هذه المنطقة بدرجة تمس ثوابت أمننا القومي، فهذا يعني أن الدولة تستطيع أن تفعل والرئيس يعلم جيدا قدرات الدولة المصرية والخصوم يعلمون جيدا هذا الأمر".
يختم عزيز حديثه: "لو أن الجماعة الإرهابية تحكم الآن، وما كان هناك 30 يونيو/حزيران 2013، لم نكن لنرى أي استقلال في القرارات أو الرؤية المصرية، وما كان الحكم للمصريين".
aXA6IDMuMTQ0LjkyLjE2NSA= جزيرة ام اند امز