دبابات على «مسار الهدنة».. أنفاس غزة «مكتومة» وسفينة الحل «تائهة»
في ساعات، انقلبت مشاهد احتفالات في رفح إثر موافقة حماس على مقترح الهدنة، إلى حبس أنفاس وسط تحركات الدبابات الإسرائيلية وإطلاق الصواريخ.
وغداة إعلان حماس موافقتها على الهدنة ورد إسرائيل بأن المقترح لا يلبي طلباتها، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، إطلاق صواريخ على موقع عسكري قرب معبر "كرم أبوسالم" بين إسرائيل وقطاع غزة.
وقالت كتائب القسام في رسالة نصية قصيرة "قصفنا حشود قوات إسرائيل في موقع كرم أبوسالم العسكري بمنظومة الصواريخ (رجوم) قصيرة المدى من عيار 114ملم".
وأعلن الجيش الإسرائيلي من جهته انطلاق صفارات الإنذار في كرم أبوسالم القريب من قطاع غزة.
وفي وقت لاحق، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، بإطلاق عدد من قذائف الهاون على المعبر مؤكدة أنه "لا تقارير عن وقوع إصابات حتى الآن".
جاء قصف معبر كرم أبوسالم، بعد وقت قصير من إعلان الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء، سيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر، بعد ليلة من القصف العنيف على رفح.
وتأتي التطورات العسكرية المتسارعة على الأرض قبل ساعات من محادثات جديدة يفترض أن تعقد في القاهرة لمحاولة إبرام اتفاق الهدنة سيشارك فيها ممثلون عن الدول الوسيطة مصر والولايات المتحدة وقطر، بالإضافة إلى وفد إسرائيلي وآخر من حركة حماس.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الثلاثاء "في الوقت الحالي، هناك قوات خاصة تفتّش معبر" رفح، "لدينا سيطرة عملياتية على المنطقة والمعابر الأخرى ولدينا قوات خاصة تقوم بمسح المنطقة"، مضيفا: "نحن نتحدث فقط عن الجانب الغزاوي من معبر رفح".
ووزّع الجيش مقطع فيديو يظهر دخول دبابة إسرائيلية المعبر حيث زرعت علما إسرائيليا وتتقدّم في المنطقة الخالية.
في هذا الوقت، أفاد مراسلون لوكالة "فرانس برس" في مدينة رفح وشهود ومصادر أمنية فلسطينية عن سماع أصوات غارات جوية متكرّرة الليلة الماضية في أنحاء عدة من المدينة، بالإضافة إلى أصوات قصف مدفعي عنيف ومتواصل واشتباكات في المناطق الشرقية لمدينة رفح التي طلب الجيش الإسرائيلي إخلاءها من السكان أمس.
وأفاد الدفاع المدني في قطاع غزة بسقوط "العديد من القتلى" ليل الاثنين - الثلاثاء في رفح، كما أعلن المستشفى الكويتي في المدينة "وصول 11 قتيلا وعشرات الجرحى".
وفي وقت لاحق، قالت وزارة الصحة في غزة إن إسرائيل "ارتكبت 6 مجازر في القطاع المحاصر راح ضحيتها 54 قتيلا و96 مصابا خلال 24 ساعة".
وبذلك، أفادت الوزارة بارتفاع عدد ضحايا الحرب إلى 34 ألفا و789 قتيلا، والمصابون 78 ألفا و204 فلسطينيين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتهدّد إسرائيل منذ أسابيع بتوسيع هجومها البري ليشمل رفح التي تعتبرها المعقل الأخير لحماس، وحيث يتكدّس 1.5 مليون فلسطيني معظمهم نزحوا بسبب القتال.
ودعا الجيش الإسرائيلي أمس الإثنين، إلى إخلاء المناطق الشرقية من رفح وتوجّه سكانها نحو "مناطق إنسانية" في المواصي إلى شمال شرق رفح. واستجاب عدد من الفلسطينيين لطلب الإخلاء، وإن لم يكن في الإمكان إحصاء عددهم أو الوصول إلى أي منطقة إنسانية من تلك التي حدّدها الجيش.
إدانة مصرية
وفي القاهرة، التي ينتظر أن تشهد جولة جديدة من المباحثات هذا الأسبوع، قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، اليوم الثلاثاء، "تدين جمهورية مصر العربية بأشد العبارات، العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، وما أسفرت عنه من سيطرة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح".
واعتبرت مصر أن "هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتماداً أساسياً على هذا المعبر باعتباره شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقى العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين في غزة".
ودعت مصر، الجانب الإسرائيلي إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى، والتي من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة".
كما طالبت مصر "جميع الأطراف الدولية المؤثرة بالتدخل وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقق نتائجها المرجوة".
في السياق ذاته، منعت إسرائيل بعثة أممية، الثلاثاء، من الوصول إلى معبر رفح في قطاع غزة، وفق ما أفاد ناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
وقال ينس لايركه في مؤتمر صحفي دوري في جنيف "لسنا موجودين حاليا عند معبر رفح لأن مكتب كوغات (مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية) رفض السماح لنا بالوصول إلى هذه المنطقة" وهي نقطة العبور الرئيسية للمساعدات الإنسانية.
ومساء أمس، وبينما كانت إسرائيل بدأت بقصف المناطق الشرقية من المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، أعلنت حماس أنها أبلغت الوسيطين القطري والمصري "موافقتها على مقترحهما" للهدنة.
في المقابل، قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان عقب اجتماع لحكومة الحرب إنه "رغم أنّ مقترح حماس لا يلبّي مطالب إسرائيل الأساسية، فإنّ إسرائيل سترسل وفدا للقاء الوسطاء".
في الوقت ذاته، أعلن البيان أن "حكومة الحرب قرّرت بالإجماع أن تواصل إسرائيل العملية في رفح لممارسة ضغط عسكري على حماس من أجل المضي قدما في الإفراج عن رهائننا وتحقيق بقية أهداف الحرب".