الجامعة العربية تتعرض إلى هجوم حاد، كما أن دولها أيضاً تتعرض إلى خطر التحلل ، فضلاً عن أن هناك دعوات لتغيير الجامعة وإلغاء دورها وتحويلها إلى شيء آخر ، بينما هي انعكاس لواقع الدول الأعضاء.
الجامعة العربية تتعرض إلى هجوم حاد، كما أن دولها أيضاً تتعرض إلى خطر التحلل ، فضلاً عن أن هناك دعوات لتغيير الجامعة وإلغاء دورها وتحويلها إلى شيء آخر ، بينما هي انعكاس لواقع الدول الأعضاء.
هذا ما أعلنه أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية يوم 8 سبتمبر الجاري في كلمته التي ألقاها في ورشة العمل التحضيرية بمقر الجامعة لمؤتمر مشترك بين الجامعة و«مؤسسة الفكر العربي» ، يعقد ما بين 12 و14 ديسمبر/ كانون الأول القادم في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومع أن أبو الغيط لم يقدم إيضاحات ولا تفاصيل عن طبيعة الهجوم الذي تتعرض له الجامعة ، وعن الجهات والأطراف المنخرطة في هذه الهجمة، إلا أن هذا لا يمنع التوقف أمام مسألتين تلتقيان في «استهداف» الجامعة ، ولكنهما تختلفان على نحو كامل من حيث الأهداف.
الأولى: هو ما أشار إليها أمين عام الجامعة العربية من هجوم تتعرض له الجامعة، الهجوم على هذه المؤسسة بدأ منذ إعلان وجودها وجرى بأساليب ووسائل مختلفة ، كانت البداية التشكيك بالجامعة كما لو أنها نبتة غير عربية، ثم كان التقليل من أهميتها إلى حد الاعتبار بأن الجامعة صارت تمثل عبئاً على العمل العربي لا أداة لتحقيق أهدافه.
حين استحال على الذين استهدفوا الجامعة بوجودها ، جاء دورهم في طرح ما سموه تطويرها بتحويلها من منظمة عربية إلى منظمة إقليمية ، وفي هذا الاتجاه حاولت بعض الأطراف استغلال الظروف العربية السيئة في فترات مختلفة لابتذال هذه المنظمة ، كما جرى من جانب «إسرائيل» وتركيا.
اللافت في هذا الشأن أن العديد من الأطراف الدولية والإقليمية التي عرقلت عمل الجامعة في غير مجال هي التي يعلو صوتها باتهام هذه المنظمة بالعجز والفشل.
الثانية: الانتقادات التي وجهت للجامعة، وهذه جرت في مساحة عربية واسعة ، والهدف منها كان دفع الجامعة للقيام بدورها فيما يهم العمل العربي الذي يوحد الجهود العربية باتجاه ما يهم العرب في حقوقهم ومصالحهم ودورهم.
في هذا الشأن كانت جامعة الدول العربية شهدت اندفاعاً عربياً على مستوى القمة ، وبدت تلك المحاولات التي جرت منذ أكثر من عقد، كما لو أنها ستفضي إلى نتائج لا تعني مجرد حيوية هذه المنظمة فقط بل والعمل العربي المشترك.
عند هذه النقطة يمكن التساؤل أين ذهبت خطة تطوير الجامعة العربية والعمل العربي التي كان أعدها الأمين العام السابق عمرو موسى ، حيث حدد الآليات المطلوبة لتطوير العمل العربي.
ودون مبالغة يمكن القول إن تلك الخطة ما زالت تمتلك قوتها وقدرتها وصحتها ، وإن التداعيات التي شهدتها المنطقة العربية تزيد من أهميتها.
وجامعة الدول العربية التي قال أمينها العام: «إن دولها تتعرض إلى خطر التحلل» معنية اليوم أن تبادر إلى إطلاق سلسلة خطوات في وجه استهداف الدول العربية بكياناتها ومكوناتها، ومن هذه الخطوات مواجهة مشروعات التمزيق بإعادة دفع قوة التوحيد للكيانات الوطنية وللأمة بأسرها.
إن جامعة الدول العربية تعيش لحظة تاريخية قد لا تتكرر لكي تخرج من مجرد أن تكون صوتاً للدول الأعضاء بل صوت وأداة الأمة.
هنا يأتي إحياء اللقاءات العربية في إطار جامعة الدول العربية، الأهم ألا تكون اللقاءات سياسية صرفة ، بل أن يغلب عليها الحضور الذي يمثل العقل الخيّر والنير للأمة، والأساس في هذه اللقاءات أن تكون حول القضايا الرئيسية التي تهمها، وأن يجري ذلك من خلال ندوات ومؤتمرات تخصصية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ، هدفها العمل الجدي لتطوير عمل الجامعة كي تقوم بالدور المنوط بها.
نعم لقد سمعنا وسمع العالم العربي والعالم شكوى أمين عام الجامعة مما تتعرض له ونحن نشاطره القلق، لكن المطلوب هو الرد العربي ، وهذا يبدأ من الجامعة العربية التي عليها أن تستعيد روح إرادة الأمة لا انكسارها.
*نقلا عن جريدة "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة