من بودكاستات المليارديرات إلى البيت الأبيض.. خطة ترامب للذكاء الاصطناعي على الأبواب

مع اقتراب الإعلان الرسمي عن "خطة عمل للذكاء الاصطناعي" ، تبدو سياسة الذكاء الاصطناعي في أمريكا على مفترق طرق حاسم.
عند عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، سارع إلى إعادة تشكيل نهج الولايات المتحدة تجاه الذكاء الاصطناعي.
وكان من أول قراراته إلغاء الأمر التنفيذي لسلفه الرئيس جو بايدن لعام 2023، والذي ركّز على التوازن بين الابتكار والرقابة الأخلاقية، وقد أصدر بدلاً منه أمرًا جديدًا يتعهد بإطلاق "خطة عمل للذكاء الاصطناعي" خلال 180 يومًا، لتأكيد هيمنة أمريكا في هذا المجال.
وفي أبريل/نيسان، أعلن البيت الأبيض تلقيه أكثر من 10000 مقترح من جهات سياسية وصناعية، بينها شركات مثل غوغل، أوبن إيه آي، ميتا، وأمازون التي طلبت تخفيف القيود وتقديم الحوافز، في انعكاس لرغبة الصناعة في تسريع التطوير وتحقيق الريادة.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، تهدف الخطة إلى "الحفاظ على هيمنة أمريكا العالمية في الذكاء الاصطناعي وتعزيزها لدعم الازدهار البشري، والاقتصاد، والأمن القومي".
ومن المتوقع أن يعلن ترامب رسميًا خطة الذكاء الاصطناعي اليوم الأربعاء في حدث مشترك بين منتدى "Hill and Valley" الذي يضم شخصيات من كلا الحزبين، وبودكاست "All-In"، وهو برنامج في مجال الأعمال والتكنولوجيا يستضيفه أربعة مستثمرين ورجال أعمال تقنيين، من بينهم ديفيد ساكس، المسؤول عن ملف الذكاء الاصطناعي في إدارة ترامب. كما يُتوقع أن يوقّع خلال الحدث على ثلاثة أوامر تنفيذية جديدة متعلقة بالذكاء الاصطناعي.
وتأتي هذه التحركات وسط تصاعد التنافس مع الصين، التي أطلقت نموذج "DeepSeek" المتقدم، والذي أثار قلقًا في واشنطن وزاد من شعور الاستعجال لدى صناع القرار والمستثمرين الأمريكيين.
وفي موازاة ذلك، تواصل إدارة ترامب الدفع نحو تبني الذكاء الاصطناعي داخل الحكومة.
لماذا الجدل؟
في الوقت نفسه، علق تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس بالقول إن أجندة الذكاء الاصطناعي التي بدأت تتشكل عبر بودكاستات مليارديرات وادي السيليكون، تتحول الآن إلى سياسة أمريكية، مع اعتماد ترامب على أفكار الشخصيات التقنية التي دعمت حملته الانتخابية.
وانتقد التقرير الأوامر التنفيذية المتوقعة، وهي بعض المقترحات المعروفة التي دأب لوبي التكنولوجيا على الترويج لها، مثل تسريع تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى الخارج، وتسهيل بناء مراكز البيانات التي تستهلك كميات ضخمة من الطاقة وتُعد ضرورية لتطوير وتشغيل منتجات الذكاء الاصطناعي، وفقًا لشخص مطّلع على تفاصيل الحدث، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
كما علق التقرير على مسألة "‘woke AI’" وهو مواجهة التحيز الليبرالي الذي يراه البعض في روبوتات المحادثة الذكية مثل ChatGPT أو Gemini من غوغل، وقال ان ذلك كان منذ فترة طويلة نقطة اتفاق رئيسية لأكثر مؤيدي ترامب صخبًا في قطاع التكنولوجيا.
وديفيد ساكس، المسؤول التنفيذي السابق في PayPal والذي يشغل الآن منصب كبير مستشاري ترامب لشؤون الذكاء الاصطناعي، كان ينتقد ما يُعرف بـ"الذكاء الاصطناعي المستيقظ" (Woke AI) منذ أكثر من عام. وقد ازدادت انتقاداته بعد إطلاق غوغل في فبراير/شباط 2024 أداة لتوليد الصور بالذكاء الاصطناعي، والتي عند سؤالها عن صورة "أحد الآباء المؤسسين لأمريكا"، قامت بإنتاج صور لرجال من أصول أفريقية وآسيوية ومن السكان الأصليين.
وقال ساكس حينها: "الذكاء الاصطناعي غير قادر على إعطائك إجابات دقيقة لأنه مبرمج بشكل مفرط وفق معايير التنوع والشمولية." وسارعت غوغل إلى تصحيح أداتها، لكن لحظة "جورج واشنطن الأسود" بقيت قصة رمزية تُستشهد بها كمثال على ما يُنظر إليه على أنه تحيّز سياسي في الذكاء الاصطناعي. وقد تبنّى هذا الخطاب مالك منصة X إيلون ماسك، والمستثمر مارك أندريسن، ونائب الرئيس جي دي فانس، وعدد من المشرّعين الجمهوريين.
ويعرف مصطلح "نماذج الذكاء الاصطناعي المستيقظة" بأنها مدرّبة على قيم ليبرالية أو تقدمية، مثل دعم العدالة الاجتماعية، الشمولية، مكافحة التمييز، واحترام التنوع العرقي والجندري. وأن النماذج قد تتجنب أو تخفف من الردود التي تُعتبر عنصرية، متحيزة نوعيا، أو معادية للأقليات، حتى لو طُلب منه ذلك بشكل مباشر.
مخاوف اجتماعية
لكن مع تصاعد الحماس من جانب الصناعة، وبينما يرحب القطاع التكنولوجي بانفتاح الإدارة الجديدة، يحذر النقاد في المجتمع المدني من أن غياب الضوابط قد يؤدي إلى تعميق التفاوتات، وتضرر العمال، وتصاعد الأضرار البيئية.
وأطلقت أكثر من 80 منظمة عمالية وبيئية وحقوقية "خطة عمل الشعب للذكاء الاصطناعي"، ووصفت خطة ترامب بأنها "هدية ضخمة لصناعة التكنولوجيا".
واعتبرت أن السياسات المقترحة تضع مصالح الشركات فوق الحقوق الاجتماعية والبيئية، اذ تحظى خطة ترامب بدعم واسع من مجتمع التكنولوجيا والمستثمرين، خصوصًا في وادي السيليكون.
وقالت سارة مايرز ويست، المديرة المشاركة لمعهد "AI Now"، أن التكنولوجيا تُطرح بطرق تهدد الأجور، والعمل، والبيئة، داعية إلى إشراف عام يضمن العدالة والشفافية.
في المقابل، ردّت المتحدثة باسم مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا في إدارة ترامب، فيكتوريا لاشيفيتا، بأن "هذا النوع من الخوف هو ما سمح للصين بالتقدم في عهد بايدن"، مؤكدة أن "أمريكا أولاً" تعني تشجيع الابتكار داخليًا وليس لدى الخصوم.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuNSA= جزيرة ام اند امز