بالصور.. المعابد والبرديات توثق مكانة المرأة في مصر منذ آلاف السنين
ملكات الدولة الحديثة لعبن دورا كبيرا في حماية مصر وامتدادها خارجيا والنهوض بها داخليا وأبرزهن حتشبسوت التي تولت العرش في عام 1490 ق.م
بلغت مكانة المرأة في المجتمع المصري القديم، كما سجلتها جدران المعابد ونصوص البرديات، درجة كبيرة من القداسة والتبجيل لم تبلغها المرأة في العصور الحديثة، فقد وصلت إلى درجة التقديس وكملكة تأمر فتطاع وتنهض بالبلاد، وقائدة جيش ترهب الأعداء وتحمي حدود البلاد، وكاهنة تحترم وتوقر، وقاضية تحكم بالعدل، وشاعرة ملهمة، وطبيبة بارعة، وزوجة لها كل الحقوق.
المكانة الدينية
وفقاً للأساطير المصرية القديمة شاركت المرأة الرجل في عملية الخلق، إذ عرفت مصر القديمة ثنائية المرأة والرجل في وهب الحياة، فنجدها طبقاً لنظرية "التاسوع" وهي أول المذاهب الدينية التي تقوم على كائنات روحانية نورانية، بداية من الإله "آتوم" الذي أعطى إشارة بدء الخلق لـ"شو" إله الهواء، و"تفنوت" زوجته إلهة الرطوبة، ثم "جب" إله الأرض، وزوجته "نوت" آلهة السماء، ثم "إيزيس"، وزوجها "أوزيريس"، و"نفتيس" وزوجها "ست".
وتوِّجت المرأة كمعبودة تقام لها الطقوس والصلوات وتلعب دوراً بارزاً في الديانة المصرية القديمة مثل المعبودة "إيزيس" التي أقيمت لها معابد عدة من أشهرها معبدها في جزيرة فيلة في مدينة أسوان، والمعبودة "حتحور" ربة الموسيقى والغناء والحب، وكان يرمز لها بالبقرة، وكانت عبادتها ما بين مدينتي الأشمونين بالقرب من الفيوم وأبيدوس بالقرب من سوهاج، وأقيم لها معبد "دندرة".
وهناك "ماعت" آلهة العدل والنظام، وصُورت آلهة السماء "نوت" على هيئة امرأة، وكانت "إيبة" آلهة فرس النهر وربة الولادة وحامية الأقصر، و"سخمت" آلهة الحرب، وهي السيدة العظيمة ومحبوبة بتاح.
ملكات مصر القديمة
طوال التاريخ المصري القديم تولت ملكات عدة عرش مصر، ونجحن في الحكم وقيادة البلاد، ففي الدولة القديمة وتحديداً في عصر الأسرة الأولى تولت "مريت نيت" وهي أول ملكة امرأة تحكم في تاريخ العالم، وحكمت الملكة "خنت كاوس" في أواخر الأسرة الـ4 نحو 2300 ق. م، والملكة "نيت اقرت" في نهاية الأسرة الـ6، وفي عهد الدولة الوسطي تولت الملكة "سوبك نفرو" أواخر الأسرة الـ12.
كما لعبت ملكات الدولة الحديثة دوراً كبيراً في حماية مصر وامتدادها خارجياً، والنهوض بها داخليا وأبرزهن "حتشبسوت" التي تولت العرش في عام 1490 ق.م, وأخيراً الملكة "تاوسرت" وهي آخر امرأة حكمت مصر القديمة، إذ تولت الحكم لمدة 8 سنوات، وفي الفترة البطلمية كانت "كليوباترا السابعة" ذات الأصول اليونانية، وحكمت مصر بعد أن طردت أخيها بطليموس الـ13 عن الحكم.
كما شاركت المرأة المصرية في الحكم مساندة زوجها الملك، وأبرزهن "تي" زوجة الملك أمنحوتب الثالث، وهي والدة إخناتون وجدة توت عنخ آمون، و"نفرتيتي" زوجة الملك إخناتون التي ساعدته في نشر مذهبه الديني، وتأسيس عاصمته في تل العمارنة، وتحملت معه فترات معاركه مع كهنة آمون، و"نفرتاري" مستشارة وزوجة الملك رمسيس الثاني، واحدة من أقوى النساء التي ظهرت في التاريخ المصري.
دورها في التصدي للاحتلال
لعبت المرأة دوراً مهماً في الدفاع عن مصر ضد العدو الغازي والطامع في نهب ثروات واحتلال الأرض، وقادت الجيوش لحماية البلاد والعباد، وأبرز القائدات في تاريخ مصر "إياح حتب"، وقد ورثت النضال الوطني عن والديها فهي ابنة الملكة "تتي شيري" التي ساندت زوجها "تاعا" الأول في كفاحه ضد الهكسوس، وقادت الجيش المصري ضد الهكسوس في حملات عدة لطردهم من البلاد.
ووصلت "إياح حتب" إلى أعلى المراتب العسكرية، فقد أظهرت الاكتشافات الأثرية التي وجدت في تابوتها حصولها على وسام "الذابة الذهبية"، وهو أكبر الأوسمة والنياشين العسكرية التي تمنح لقائد الجيش نظير تقديمه خدمات عسكرية استثنائية أثناء الحروب، وقامت بعد مقتل زوجها "سقنن رع" بتربية أولادها "أحمس" و"كامس" على النضال والقتال ضد الهكسوس.
ولم تقتصر حياة المعبد على الرجال فحسب، إذ زاحمت الرجل ككاهنة تخدم المعبد، وكان يطلق عليها "صاحبة الإله" و"المتعبدة" و"الإلهية"، وكان من أهم وظائف الكاهنات في المعبد عزف الموسيقى والغناء والرقص، وكانت كاهنات "حتحور" هن البارعات في الموسيقى والرقص في حين كاهنات "آمون" يتميزن بالصوت الجميل.
واقتحمت المرأة جميع ميادين العمل في مصر القديمة، واستطاعت تولي المناصب العليا فيها، فعملت المرأة بالقضاء مثل "نبت" من الأسرة الـ6، وتكرر المنصب خلال عهد الأسرة الـ26، والعمل بمجال الطب مثل "بثت" التي حملت لقب كبيرة الطبيبات خلال عهد الأسرة الـ4، ووصلت الكاتبات منهن لمنصب مديرة، ورئيسة قسم المخازن، ومراقب المخازن الملكية، وسيدة أعمال، وكاهنة".