آن الأوان للعالم اليوم أن يتوحد في مواجهة أسباب وجود الإرهاب السياسية والاقتصادية والفكرية، حتى لا نستمر في الدوران في حلقة مفرغة
في أقل من شهرين تعرضت دور العبادة للأديان الثلاث -الإسلام والمسيحية واليهودية- لهجمات إرهابية أودت بحياة عشرات الأبرياء، في مشهد يدمي القلب من شدة القسوة، ابتداء من هجوم كرايستشيرش الإرهابي منتصف 2019، حين أطلقت النيران داخل مسجدي النور ومركز لينود الإسلامي ونتج عنهما خمسين قتيلاً على الأقل وأكثر من خمسين جريحاً، إلى تفجيرات سريلانكا في ثلاث كنائس مسيحية وخمسة فنادق بعدة مدن قتل خلالها أكثر من 300 شخص، وآخرها هجوم على كنيس يهودي في كاليفورنيا في الولايات المتحدة أواخر الشهر المنصرم، أودى بحياة امرأة وأدى لإصابة ثلاثة آخرين أثناء إقامة صلوات عيد الفصح.
إن الحاجة تبرز إلى توسيع نمط مواجهة الإرهاب، ليشمل -بالإضافة إلى الحلول العسكرية- الحلول الاقتصادية والتعليمية والأخلاقية والفكرية، لمنع منح الذرائع للمتربصين بالأديان والأوطان، بتعزيز المناعة الداخلية وتعظيم قيمة الحياة الإنسانية، في وقت يشهد فيه العالم اتفاقاً على مواجهة الإرهاب
ثلاثة هجمات ساوت بين الملة والدين والعرق، واتفقت في عدائها للحياة ومخالفتها شرائع السماء والأرض لزرع بذور الكراهية بين الأديان المتعددة بذريعة نصرة الدين تارة والانتقام تارة أخرى تحت قناع التشدد الديني والأخلاقي والعرقي، بهدف إدخال العالم في دوامة من الإرهاب التي لن يخرج منها أحد منتصراً، فالكراهية لا تولد إلا الدمار والأسى والخوف.
ورغم اختلاف المنفذين إلا أن أساليبهم وأسبابهم تتشابه، في منبعها المتمثل في الكراهية، ذلك الشعور البدائي الذي يبحث عن مبرر للرغبة في القتل والتدمير، بالاستعانة بالأيديولوجيات والتفسيرات والتأويلات الدينية المنحرفة، متخذاً من الكراهية عقيدة بعيداً عن الأديان التي تدعو إلى المحبة والسلام.
لقد آن الأوان للعالم اليوم أن يتوحد في مواجهة أسباب وجود الإرهاب السياسية والاقتصادية والفكرية، حتى لا نستمر في الدوران في حلقة مفرغة، لن تقودنا إلا إلى مزيد من الخسائر إن ظل الإرهاب محافظاً على وظيفته في الاستغلال السياسي، ولم تكن هنالك رغبة حقيقية وإيمان بضرورة الالتفات إلى خطورته حتى على من يستخدمه.
إن الحاجة تبرز إلى توسيع نمط مواجهة الإرهاب، ليشمل -بالإضافة إلى الحلول العسكرية- الحلول الاقتصادية والتعليمية والأخلاقية والفكرية، لمنع منح الذرائع للمتربصين بالأديان والأوطان، بتعزيز المناعة الداخلية وتعظيم قيمة الحياة الإنسانية، في وقت يشهد فيه العالم اتفاقاً على مواجهة الإرهاب -وإن بتفاوت -، ولذا يجب الوصول إلى صيغة جديدة من مكافحته والقضاء عليه نهائياً، حتى يتفرغ العالم إلى مشكلاته الرئيسية التي تؤثر عليه من بطالة وفقر وفساد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة