ما السبب الذي يجعل حملة الشهادات العليا والأميين في خندق واحد، كتفاً بكتف، حاملين سلاحهم لنشر الرعب وسفك الدماء
النشاط الإرهابي يظهر بصور متنوعة ومُتغيرة بتغير الزمن، تختلف دوافعه وتتعدد الأسباب الجذرية لوجوده، هذه الظاهرة الزئبقية لا تزال هاجساً مؤرقاً للعلماء والباحثين في شتى مجالات العلوم، كلٌ منهم لم يدخر جهداً ولا وقتاً في تشكيل نظرياته الخاصة لمحاولة فهم السلوك الذي يحوّل "الإنسان" إلى قنبلة موقوتة، فما الظاهرة التي تدفع الإنسان الفقير في أحيان والغني في أحيان أخرى إلى سلوك ذات المنعرج؟ وما السبب الذي يجعل حملة الشهادات العليا والأميين في خندق واحد، كتفاً بكتف، حاملين سلاحهم لنشر الرعب وسفك الدماء؟ ولماذا صمدت بعض المنظمات الإرهابية واضمحلت منظمات أخرى؟ وما السبيل الأمثل لمكافحة الإرهاب؟
ما السبب الذي يجعل حملة الشهادات العليا والأميين في خندق واحد، كتفاً بكتف، حاملين سلاحهم لنشر الرعب وسفك الدماء؟ ولماذا صمدت بعض المنظمات الإرهابية واضمحلت منظمات أخرى؟ وما السبيل الأمثل لمكافحة الإرهاب؟
شكلت هذه الأسئلة نواة لتأسيس منهجيات مختلفة لتحليل الإرهاب من منظور فردي وآخر جماعي، قدمت كل منها نظرتها الخاصة لمعرفة دوافع ومعالجة آفة الإرهاب، معتمدةً على ما بيدها من أدوات معرفية وتجارب علمية وإحصائيات، وأسهمت مخرجات هذه الدراسات في مكافحة الإرهاب على جميع الصعد.
أولاً: المنهجية السياسية: حيث تشكل الظروف السياسية السبب الأهم في تحول الشخص إلى إرهابي، فالشأن السياسي الدولي والمحلي واعتناق أفكار سياسية ثورية أو دينية أصولية تشكل حافزاً للإرهاب، ومثاله ما شكلته الظروف السياسية المحلية المزرية لبعض دول الوطن العربي قُبيل الخريف العربي بيئة خصبة لاعتناق الأفكار الدينية المتطرفة وصعود تيارات متشددة موّلتها دول تبنّت مشروع الفوضى.
ثانياً: المنهجية المؤسسية: على اعتبار أن السلوك الإرهابي هو خيار استراتيجي تلجأ إليه مجموعة من الأشخاص بشكل جماعي، ويجتمع الأفراد فيما بينهم بقيم ومعتقدات، وتُمكن هذه المنهجية من تطبيق مفاهيم إدارة الأعمال كالقيادة والهيكل التنظيمي والاستراتيجية والموارد البشرية والتسويق على المنظمات الإرهابية، وبالتالي تحديد السُبل الأفضل لمواجهة هذه التنظيمات.
ثالثاً: منهجية علم النفس: حيث تركز على "الشخص" وسلوكياته ومعتقداته ومراحل ودرجات تطرفه، ومسببات والدوافع التي أدت إلى نمو النزعة العنيفة لديه. تركز هذه المنهجية على المستوى (الفردي) خلافاً للمنهجية المؤسسية التي تبحث عن أجوبة في الإطار (الجماعي). قدمت هذه المنهجية دراسات مهمة في الوقاية والعلاج من التطرف، بالإضافة إلى تشكيل مجموعة من السمات النفسية "بروفايل" للإرهابيين.
رابعاً: المنهجية الفسيولوجية: حيث تقوم بدراسة وظائف الدماغ وتفاعلاته العصبية مع الرسائل التي تطلقها الجماعات الإرهابية، وحركة السيالات العصبية في المناطق المسؤولة عن ردات الفعل العنيفة في الدماغ التي تسهم في تقبل الإرهابي واعتياده على أفكار القتل والعنف، وهذه المنهجية تعتبر مرتبطة بمنهجية علم النفس.
خامساً: منهجية الأسباب المتعددة: فالإرهاب عادة ما يكون نتيجة دوافع اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو دينية أو أسباب متنوعة أخرى، ونتيجة لهذا التعقيد المسبب لهذه الظاهرة فإنه من الخطأ تبسيط الإرهاب ودراسته وتحليله باستخدام منهجية واحدة وإغفال جوانبه الأخرى.
أجابت هذه المنهجيات عن كثير من الأسئلة المطروحة في فهم الإرهاب، إلا أنها لم تجب بعد عن كل الأسئلة، ومن خلالها وضعت الدول والمؤسسات استراتيجيات ناجعة وأخرى فاشلة، فالإرهاب آفة تتغير وتتطور مع تطور البشرية وهو ذات التطور الذي يشكل حافزاً للباحثين والعلماء للتعلم وفهم آفة الإرهاب في سباقهم الأزلي مع قوى الشر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة