داعش في العراق.. من الظهور إلى الأفول
سرد مسيرة التنظيم منذ أن ظهر باسم "دولة العراق الإسلامية" بزعامة الزرقاوي، حتى إعلان دحره باسم داعش في الأنبار.
قبل أقل من أسبوع، رفرف العلم العراقي من جديد فوق مبنى قائمقامية مدينة راوة غربي العراق، معلنا بذلك دحر تنظيم داعش الإرهابي من آخر مناطق نفوذه، ناشرا الأمل في طي صفحة سوداء بدأت عام 2006، وليس 2013 كما يتخيل البعض.
داعش، هذا الفصيل الهجين الذي ظهر بهذا الاسم لأول مرة في إبريل/نيسان 2013، خسر، الشهر الجاري، بمعركة راوة ما تبقى من الأراضي العراقية التي سيطر عليها في 2014، وكانت تقدر بثلث مساحة العراق، إثر حملات عسكرية متواصلة منذ 3 سنوات في معركة "راوة" على الحدود السورية، فيما تبقى له بعض الجيوب في الصحراء يجري تمشيطها.
وعموما، فإن المتتبع للخط الزمني لوجود التنظيم، يلاحظ أنه محكوم بثنائية الصعود والسقوط، ما يجعل مراقبين يرجحون أن دحره في العراق أو في سوريا لا يمنح الكثير من ضمانات عدم ظهوره مجددا تحت اسم مختلف.
بوابة "العين" الإخبارية تستعرض مراحل تكون هذا التنظيم منذ 2006، بمسمياته المختلفة، وحتى سقوطه في 2017.
"دولة العراق"
تشكّل "دولة العراق " النواة الأولى أو التكوين الأوّل الذي مهّد لظهور التنظيم الإرهابي بالعراق.
وتأسس التنظيم بهذا الاسم في 15 أكتوبر/تشرين أول 2006، عقب اجتماع ضم فصائل مسلحة، وتم اختيار عمر البغدادي زعيما للتنظيم، في خطوة تعد انشقاقا تنظيميا كان الأوّل من نوعه عن تنظيم "القاعدة" الذي كان يقوده في العراق أبو مصعب الزرقاوي.
واتخذ التنظيم المولود حديثا من الأنبار عاصمة له، غير أن ملامح الوهن سرعان ما بدت على مفاصله، حيث تمكنت القوات الأمريكية والعراقية من 2006 حتى 2010، من إضعافه بشكل كبير، عبر قوات "الصحوة" العراقية التي تشكلت من مقاتلي العشائر في المناطق السنية.
كما تمكنت القوات الأمريكية في إبريل/نيسان 2010 من قتل البغدادي ومساعده أبو حمزة، فاختار التنظيم أبو بكر البغدادي خليفة له.
ورغم وهنها، إلا أن "دولة العراق" أطلقت حملة انتقامية، مستهدفة تفجير عدد من المدن العراقية، بينها العاصمة بغداد، مستفيدة من انسحاب القوات الأمريكية من البلاد نهاية 2011.
السقوط والظهور من جديد
وعقب محاولات الصمود أمام نكساتها، اضطرت "دولة العراق الإسلامية" للاعتراف بهزيمتها وسقوطها، في وثيقة استراتيجية صدرت بداية يناير/كانون الثاني 2010، لم تغفل ذكر إمكانية عودة التنظيم وتشكله تحت مسمى جديد.
غير أن التغيير الطارئ على السياسة الأمنية للحكومة العراقية، والذي أظهر ارتباكا ميدانيا واضحا اتسم بالانقلاب على الصحوات، أسهم بشكل كبير في بروز فراغ أمني سرعان ما استثمره تنظيم "القاعدة".
وتبنّى التنظيم عددا كبيرا من العمليات التي استهدفت مناطق عراقية مختلفة، من سبتمبر/أيلول 2009 حتى إبريل/نيسان 2010، وبدا أنه استعاد عافيته ونشاطه بشكل مكنه من استعادة مناطقه والتوسع في سوريا، في وقت أعلن فيه تنظيم "دولة العراق"، بقيادة أبو بكر البغدادي، ولاءه وبيعته لزعيم القاعدة أسامة بن لادن.
بعد ذلك، وتحديدا في إبريل/نيسان 2013، ظهر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" والذي عرف إعلاميا بـ"داعش"، قبل أن يعلن في يونيو/حزيران 2014 "قيام الخلافة الإسلامية"، وبايع التنظيم زعيمه أبو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين".
قبل ذلك، وتحديدا في 12 مايو/أيار 2014 ، فك "داعش" ارتباطه بالقاعدة، وذهب لأبعد من ذلك حين طالبه ببيعته كإمارة ودولة.
وانطلاقا من العام المذكور، انتشر تنظيم داعش بشكل ملحوظ، وحصل على الدعم في العراق، وأرجعت الدعاية ذلك لما يقال عن التمييز الاقتصادي والسياسي ضد السنة العراقيين العرب.
كما امتد نفوذ التنظيم ليشمل المحافظات السورية من الرقة وإدلب ودير الزور وحلب، إلا أن هذا التقدم توقف عقب إنشاء تحالف من عدة دول لمحاربة التنظيم يضم عشرات الدول.
وبالتالي الضربات العسكرية ضده، بدأت رحلة تراجع نفوذ التنظيم، عبر خسارته تدريجيا لمناطق سيطرته التي كانت في 2014 تقدر بثلث مساحة العراق، ليقتصر وجوده اليوم على شعاراته التي لا تزال مدونة على بعض جدران ومنشآت المدن والمناطق التي كانت خاضعة له، وعلى آثار الدمار البادي في كل شبر فيها.
aXA6IDMuMTQ0LjQ1LjE4NyA= جزيرة ام اند امز