المواجهات مع فروع تنظيم القاعدة تحدث، في الغالب، في منطقة الغرب الليبي التي يسيطر عليها الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.
بعد مقتل القذافي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2011 كان على الليبيين الانتظار حتى سنة 2015 لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وهي الجهاز التنفيذي الانتقالي الذي ترعاه الأمم المتحدة لقيادة العملية السياسية في البلاد، على الرغم من أن هذه الحكومة مرفوضة من طرف غالبية الشعب الليبي.
بعد الاطلاع على كل تلك البيانات يتضح أن مهاجمة تنظيم القاعدة قوات حفتر أي الجيش الوطني الليبي، وعدم تعرِّضها للسراج أي حكومة الوفاق الوطني، راجع لارتباطها -أي حكومة الوفاق- بقطر وتركيا والإخوان المسلمين والقاعدة
وفي شهر مارس/آذار سنة 2016، حاول رئيس حكومة الوفاق فايز السراج تولّي المنصب بمساعدة بعض مليشيات طرابلس والإخوان المسلمين وسط اعتراض مليشيات أخرى. وتم تقسيم البلاد إلى ثلاثة أجزاء: الشرق تحت سيطرة المشير خليفة حفتر (الجيش الوطني الليبي) والغرب من قبل فايز السراج، بينما الجنوب في أيدي قبائل المغارحة، الفزانة، التبو والطوارق.
وأخيراً، تخلّص السراج في عام 2017 من قوات صلاح البادي (غير المتحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين) وطرد من المدينة كل من خليفة الغويل وحكومة الإنقاذ الوطني التي نصّبت نفسها بنفسها. وحصل السراج منذ تلك اللحظة على دعم تركيا وقطر، وبالطبع نال أيضاً تأييد حصان طروادة هذين البلدين، أي جماعة الإخوان المسلمين.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء، وتحديداً عام 2014، وهو التاريخ الذي يُفترض أن تكون قد بدأت فيه حكومة الوفاق الوطني في التبلور، وبعد مراجعة نحو 6000 حادث عنف في هذا البلد فإن كل المعطيات تُشير إلى أنه بعد تاريخ السابع من أبريل/نيسان 2014 قد نشبت نحو 35 مواجهة عسكرية غير شُرَطيّة مع تنظيم القاعدة في ليبيا، هذه الصدامات كانت مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وفرعه أنصار الشريعة، الذي انفصل عن تنظيم القاعدة في 17 مايو/أيار 2017.
وتترك البيانات المستخلصة من المواجهات مع الفروع التابعة لتنظيم القاعدة بعض البيانات الوصفية المهمة جدا مثل:
- بتاريخ 15 مايو/أيار سنة 2014، حاول تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي اختطاف السفير الجزائري في ليبيا، وتعد هذه العملية من الهجمات القليلة جداً التي ينفذ فيها التنظيم عملية في طرابلس.
- المواجهات مع فروع تنظيم القاعدة تحدث، في الغالب، في منطقة الغرب الليبي التي يسيطر عليها حفتر.
- يتعاون تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي مع سرايا الدفاع عن بنغازي التي يتزعمها عبد الرحمن الغرياني، وهو إرهابي مرتبط بقطر.
- كانت فرنسا والولايات المتحدة هما البلدان اللذان قصفا مواقع لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في مناطق خاضعة لسيطرة حكومة الوفاق في كل من أوباري، بني الوليد أو غات.
- في الـ18 من يناير/كانون الثاني الماضي تعرّضت قوات الجيش الوطني الليبي لهجومٍ من طرف إرهابيين في سبها، وفي ذات المدنية لم يسبق أن تمّت مهاجمة قوات حكومة الوفاق الوطني التي يتزعمها السراج.
- بتاريخ الـ31 مايو/أيار الماضي اعتقلت حكومة الوفاق الوطني علي الطاهر محمد البدري المكنى "أبوجندل"، وتُعدّ هذه هي الحالة الوحيدة الموثقة التي تتحرك فيها حكومة الوفاق ضد تنظيم القاعدة.
وبعد الاطلاع على كل تلك البيانات يتّضح أن مهاجمة تنظيم القاعدة لقوات حفتر أي الجيش الوطني الليبي، وعدم تعرِّضها للسراج أي حكومة الوفاق الوطني، راجع لارتباطها -أي حكومة الوفاق- بقطر وتركيا والإخوان المسلمين والقاعدة.
لقد خططت قطر وتركيا لإنشاء الاتحاد الإسلامي في شمال أفريقيا، ويلجأ البلدان، في معظم الأحيان، إلى جماعة الإخوان المسلمين للولوج والتأثير لاحقاً على حكومات هذه البلدان في الظل، ودون أدنى اهتمام بالضرر الذي يلحق السكان.
لقد نجحت مصر وموريتانيا في تخطّي المرحلة، وأظهرت الجزائر خلال المظاهرات العارمة أنه ليس لديها أية مصلحة في التوافق مع هاتين الدولتين. أما تونس فإنها لا تزال تستعيد سيادتها تدريجياً، بينما تفقد شيئاً فشيئاً تركيا وقطر نفوذهما في ليبيا، ومع ذلك يتضاءل الأمل في السيطرة على المغرب الأفريقي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة