شكلت تركيا "الممر الآمن" لتدفق العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم داعش الإرهابي إلى الأراضي السورية والعراقية
يقول الرئيس التركي السابق عبدالله غول "إن داعش لا تشكل خطراً على تركيا"، وهي تصريحات تعكس الثقة المتجذرة في العلاقة بين تنظيم داعش الإرهابي والدولة التركية، وتعود جذور العلاقة بين داعش وتركيا إلى العلاقة بينها وبين جماعة الإخوان، حيث تشكل الأخرى الحاضنة الرئيسية التي ولد من رحمها التنظيمات الإرهابية، والتي وفرت أدبياتها وأفكارها الذخيرة الأيديولوجية للفكر الإرهابي.
تولي تركيا أهمية كبيرة "لطرابلس الليبية"؛ حيث تعد آخر رقعة جغرافية للوجود الإخواني ما بعد السقوط المدوي لهذه الجماعة الإرهابية في المنطقة، لا سيما في الوقت الذي ارتفعت فيه أهمية ليبيا في ظل المتغيرات الأخيرة الحاصلة في القارة الأفريقية
نظر أردوغان إلى تنظيم داعش الإرهابي ما بعد عام 2013 ، وما بعد سقوط الإخوان في مصر، كذراع رئيسية لتحقيق طموحاته التوسعية وأطماعه الفوضوية، لقد كانت تنظر لها تركيا كما يقول ياسين أقطاي، مستشار الرئيس أردوغان، إحدى أدوات قوتها الناعمة، ومن ثم حدث هناك تحول في الاستراتيجية التركية، فبعد أن كانت تعتمد على الإخوان لتحقيق السيطرة السياسية على الدول التي عاشت مرحلة الربيع العربي عبر تمكين الإخوان، تحولت إلى السيطرة الجغرافية عبر تنظيم داعش الإرهابي لتوفير الذريعة "للتدخل العسكري المباشر"، كما يحدث من ترسيخ للاحتلال التركي في الشمال السوري.
لقد شكلت تركيا "الممر الآمن" لتدفق العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم داعش الإرهابي إلى الأراضي السورية والعراقية، وسعت لتأسيس ما وصفته مجلة الفورين بوليسي بـ"الطريق السريع للجهاد"؛ حيث اجتاز ما يقارب الـ30 مقاتلا من عناصر داعش الإرهابية الأراضي التركية عام 2013 إلى الأراضي السورية والعراقية، وتم تسهيل نقل العتاد والمعدات لتنظيم داعش الإرهابي، لكن اليوم تسعى تركيا إلى ما يمكن تسميته بـ"الهجرة العكسية"، عبر تصدير الإرهابيين من سوريا إلى الأراضي الليبية عبر الأراضي التركية، وهي محاولة للتعويض عن حالة الانهيار الحاصلة في صفوف المليشيات الإرهابية في طرابلس، في ظل تقدم الجيش الوطني الليبي.
تولي تركيا أهمية كبيرة "لطرابلس الليبية"؛ حيث تعد آخر رقعة جغرافية للوجود الإخواني ما بعد السقوط المدوي لهذه الجماعة الإرهابية في المنطقة، لا سيما في الوقت الذي ارتفعت فيه أهمية ليبيا في ظل المتغيرات الأخيرة الحاصلة في القارة الأفريقية، من المصالحة الإثيوبية-الإرتيرية، والتي حاولت أنقرة -وفشلت- ضرب هذه المصالحة، لتكون بداية لاختراق المنطقة بأسرها؛ حيث إن السيطرة على إثيوبيا تضمن لأنقره دوراً محورياً في المنطقة التي تتحكم في منابع النيل الأزرق، هذا إلى جانب التطورات في السودان وسقوط نظام البشير الذي يهدد وجود الأتراك في سواكن السودانية، ومن ثم يحاول أردوغان عبر الأراضي الليبية الحفاظ على النفوذ في القارة الأفريقية، ويحاول إنعاش الجماعة الإخوانية، وهو ما يفسر حالة الاستنفار التركية تجاه ليبيا، والتي تستمر بإرسال شحنات الأسلحة إلى المليشيات الإرهابية، بل وصلت حتى لمستوى التدخل المباشر، وهو ما يؤكده الجيش الوطني الليبي بعد أن أسقط طائرة مسيرة تركية قرب طرابلس.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة