نجيب محفوظ.. الأديب الاستثنائي شخصية معرض أبوظبي للكتاب
وقع الاختيار على الروائي المصري نجيب محفوظ ليكون شخصية الدورة 33 من معرض أبوظبي للكتاب، الذي فتح أبوابه اليوم الإثنين ويستمر حتى 5 مايو/أيار.
ويتناول معرض أبوظبي للكتاب سيرة ومسيرة نجيب محفوظ، ويخصص جناحًا لعرض أهم إنجازاته وتأثيره الأدبي والإنساني، إضافة إلى الجلسات اليومية ضمن البرنامج الثقافي.
ويسعى المعرض عبر برنامج الشخصية المحورية للإضاءة على الإسهامات الجلية للأديب والروائي نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل للسلام، ومؤلّفاته التي كانت مرآة للحياة.
وكان لنتاج نجيب محفوظ الأدبي أثره البالغ في تشكيل وعي جيل بأكمله، فضلًا عن دورها في تعزيز مكانة اللغة العربية، ويستضيف المعرض جلسة بعنوان "نجيب محفوظ .. مرآة التاريخ والمجتمع".
قربه من الناس
في لقاء تلفزيوني سابق، قال الكاتب المصري محمد سلماوي، إن نجيب محفوظ كان متواضعًا وشديد القرب من الناس.
وقال "سلماوي" إن نجيب محفوظ دُعي للقاء مع التلفزيون الألماني بعد تتويجه بجائزة نوبل للآداب، وفي الطريق ناداه حارس عقار وألقى عليه التحية، فما كان منه إلا أن استدار وعاد إلى الرجل.
وبعدما فرغ من مصافحته وتبادل حديثا قصيرا معه، أخبر "سلماوي" نجيب محفوظ أنه سيتأخر بذلك عن موعده مع القناة الألمانية، فرد عليه: "هؤلاء منحوني نوبل، ولولا حبهم واهتمامهم بكتاباتي لما عرفني أحد".
"كيان روائي مستقل"
يقول محمد أبوزيد علام، قاص مصري، إن نجيب محفوظ ابن حي الجمالية أضفى تخصصه الأكاديمي على أعماله الأدبية ورواياته بعدًا فلسفيًا عميقًا، وترميزًا جليًّا في الكتابة والإسقاط يبدو في جميع أعماله.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن نجيب محفوظ أسس كيانًا روائيًا مستقلًا، لا يمكن أن يحدد بِسِمات وعناصر، ولعل هذا التغير والتنوع الذي قدمه نجيب في مؤلفاته هو ما عكس عبقريته ككاتب.
وتابع: "نجيب هو ابن الحارة المصرية المعجون بكل تفاصيلها، بترابها وخبزها وقديدها وتاريخها وتقلباتها؛ فمن يقرأ له يشم رائحة الأصالة المصرية في كلماته وحروفه، يسمع صوت الشوارع وأحداثها وأزماتها وحلوها ومرها وفرحها وحنينها وماضيها وحاضرها ينطقون بما في جوفهم من خفايا وأسرار".
وواصل: "يبدو ذلك جليًّا في درة أعماله ملحمة الحرافيش، وفي زقاق المدق، وبين القصرين، وفي رواية السكرية، وملحمة ألف ليلة وليلة وغيرهم؛ وقد عزف لنا أنشودة اللص والكلاب، وعشنا معه قصة سعيد مهران وزوجته نبوية".
وأردف: "أجاد نجيب محفوظ في خان الخليلي وأبدع، وأبهرنا بسيمفونية حديث الصباح المساء الذي أبرز لنا فيها قوة قلمه وعمق فكره وفلسفته، وكرس حياته للرواية وحدها، فلا شعر ولا مسرحية ولا سيرة ولا مشاركة من نوع آخر في أنواع الكتابة، إلا الرواية في حد ذاتها".
وختم: "تحضرني إشادة توفيق الحكيم، ووصفه بأنه المخلص لفن الرواية، وأنها قد بدأت معه عهدًا جديدًا، وهو أهم الكتاب الرواد الذين حققوا جسرًا عالميًا هامًا بين الأدب العربي والعالم الحديث، كما وصفته المترجمة اليونانية بيرسا كوماتسي".
"احترم الحياة"
في تصريحات سابقة نقلتها وكالة "رويترز"، قالت الكاتبة والأديبة المصري نجلاء محفوظ إن "نجيب محفوظ كان يحترم الحياة، فحافظ على وعيه ومتابعته للأحداث حتى اللحظات الأخيرة، وكان يفيق من إغماءه فيسأل عن أحوال لبنان!".
وأضافت: "نجيب محفوظ يختلف عن كل الأدباء المصريين والعرب، في أنه لم يلهث يوما وراء العالمية، ولم يسع للنجومية أو الشهرة، بل العالمية هي التي أتته زاحفة"، مشيرة إلى أنه كان شديد الصدق مع نفسه، مع قدرة استثنائية على النفاذ لأعماق النفس البشرية.
"كان يتجنب إصدار الأحكام على الناس، أو تنصيب نفسه قاضيا عليهم"، تقول نجلاء مضيفة: "كان إنسانا بسيطا ومتواضعا، حتى وهو في قمة العالمية، وكان يحب الإنسان البسيط ويسعى لتصوير آلامه وأحلامه ويعبّـر عنها بصدق شديد، دون أن يتاجر بها، وكان يضحك من قلبه، ويسعد بالسير بين الناس".
وواصلت: "كان نجيب بسيطا لدرجة لافتة للانتباه، وأنا شخصياً أحفظ في ذكرياتي دليلا على ذلك، فقد ذهبت يوماً لمقابلته لأجري حوارا معه فكان هو في منتهى البساطة، بينما بدا مدير مكتبه متكبرا ومتعاليا، وكان محفوظ يرتفع على الصغائر، فلم يرد على كاتب هاجمه، وقد عاش حياته كلها محافظا على نقائه وحبه للبشر".
نجيب محفوظ
ولد نجيب محفوظ في حي الجمالية بالقاهرة في 11 ديسمبر/كانون الأول 1911، وكان والده موظفا، ووالدته فاطمة قشيشة ابنة الشيخ مصطفى قشيشة، أحد علماء الأزهر.
وكان نجيب آخر العنقود بين أخوته، وأقربهم إليه سنًا يكبره بـ10 سنوات، وكانت له معاملة خاصة من والديه، وعاصر ثورة 1919 وعمره 7 سنوات، وظهر تأثره بها في روايته "بين القصرين".
التحق بجامعة القاهرة عام 1930، وحصل على درجة الليسانس في الفلسفة، وعكف على إعداد رسالة ماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، لكنه سرعان ما غيّر وجهته وتحوّل إلى الأدب.
وفي منتصف الثلاثينيات، نشر "محفوظ" قصصه القصيرة في مجلة "الرسالة"، وفي 1939 نشر روايته الأولى بعنوان "عبث الأقدار" ثم "كفاح طيبة" و"رادوبيس"، وهي الثلاثية التي تعبر عن واقعيته التاريخية.
وفي 30 أغسطس/آب 2006، توفي نجيب متأثرًا بإصابته بقرحة نازفة، بعد 20 يوما من نقله إلى المستشفى، وقبلها بشهر واحد دخل المستشفى لإصابته بجرح غائر إثر سقوطه في الشارع.
aXA6IDE4LjIyMi4xMjEuMjQg جزيرة ام اند امز