صفقة المساعدات العسكرية الأمريكية للكيان «الإسرائيلي» البالغة قيمتها 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات، وهي الأكبر في تاريخ المساعدات
صفقة المساعدات العسكرية الأمريكية للكيان «الإسرائيلي» البالغة قيمتها 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات، وفق البيانات المعلنة، وهي الأكبر في تاريخ المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لدول أخرى، تؤكد مجدداً موقع «إسرائيل» في الاستراتيجية الأمريكية، باعتبارها الحليف الأول في المنطقة والعالم.
هذه الاستراتيجية لم تتبدل، أو تتغير على مدى الإدارات الأمريكية المتعاقبة، رغم المتغيرات العالمية، والخلافات، وحتى التناقضات الثانوية التي تطفو على سطح العلاقات بين واشنطن و«تل أبيب»، بين الحين والآخر، فالأمن «الإسرائيلي» فوق كل اعتبار، وهو الثابت الوحيد في الاستراتيجيات الأمريكية، حتى لو جاء ذلك على حساب دافع الضرائب الأمريكي، لكن لماذا جاء الإعلان عن هذه الصفقة في هذا التوقيت بالذات؟
كل المؤشرات كانت تذهب في اتجاه تأجيل إبرام هذه الصفقة إلى الإدارة الأمريكية المقبلة، انطلاقاً من التوتر القائم بين إدارة أوباما الحالية وحكومة نتنياهو، الأكثر إرهاباً وتطرفاً في تاريخ الكيان الصهيوني، ولكن ضغط الكونغرس الأمريكي لزيادة المساعدات للكيان، ومغريات الصفقة بحد ذاتها، دفعا نتنياهو إلى القبول بها وعدم انتظار الإدارة الأمريكية الجديدة، خوفاً من احتمالات تعثر الصفقة، أو الانتقاص من قيمتها، أو فقدانها بعض المزايا التي أصبحت في متناول اليد، فيما يحاول البيت الأبيض بالتأكيد الاستفادة من توظيف الصفقة في كسب أصوات ملايين اليهود لمصلحة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون قبل أسابيع قليلة من بدء الاقتراع في الانتخابات الرئاسية. وعلى العموم، فان كلا الطرفين له مصلحة في إبرام هذه الصفقة التي أنجزت عقب مفاوضات شاقة ومعقدة وتنازلات متبادلة، على ما يبدو، لكنها مُرضية للجانبين، وفق مسؤولين أمريكيين، فهي تنص على تقديم واشنطن مساعدات عسكرية للكيان بقيمة 3,8 مليار دولار سنوياً، على مدار 10 سنوات، بعد أن كان نتنياهو يصر على رفعها إلى 4,1 مليار دولار سنوياً، اعتباراً من العام المالي 2019، الذي يبدأ في 1 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2018، وحتى عام 2028، علماً بأن المساعدات العسكرية الأمريكية الحالية للكيان تبلغ قيمتها 3,1 مليار دولار سنوياً، وينقضي أجلها في عام 2018 بموجب الاتفاق المعمول به بين الجانبين منذ عام 2007، الذي أتاح للكيان الحصول على مساعدات عسكرية تجاوزت ال30 مليار دولار. وبموجب الاتفاق الجديد، يقدم الكيان تنازلات ملموسة للجانب الأمريكي، بحسب معطيات «رويترز»، تتمثل في حرمان «تل أبيب» من إمكانية طلب معونات إضافية من واشنطن، وكذلك بتخلي الكيان عما يوصف بحقه في استخدام جزء من المساعدات الأمريكية لشراء الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية من الشركات التابعة للقطاع الصناعي «الإسرائيلي».
وفي المحصلة، ليست هذه الصفقة غير المسبوقة من المساعدات العسكرية للكيان الأولى من نوعها، وإن كانت الأكبر حجماً، ولن تكون الأخيرة، فبارومتر المساعدات الأمريكية للكيان يؤشر إلى تصاعد مستمر في إطار السياسة الهادفة للإبقاء على التفوق «الإسرائيلي» على عموم المنطقة، وجعل الأمن «الإسرائيلي» جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الأمريكي، ما يوفر الغطاء الكافي لاستمرار العربدة الصهيونية، واستباحة دماء الفلسطينيين، وانتهاك حرماتهم ومقدساتهم، ويوفر الحماية لإبقاء الكيان دولة فوق القانون، بمنأى عن أي عقاب، فيما نكتفي نحن ببيانات المناشدة والشجب والاستنكار.
نقلاً عن صحيفة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة