تغير المناخ ومعدلات الهجرة في أمريكا.. للطبيعة رأي آخر
ليس التنقل البشري المرتبط بالدوافع البيئية بالأمر الجديد، لكن تغير المناخ العالمي يؤدي إلى المزيد من الهجرة والنزوح الداخلي والدولي.
وفي بعض الأحيان تكون تأثيرات تغير المناخ مباشرة إلى حد ما، وفي أحيان أخرى تكون التأثيرات غير مباشرة، حيث قد يكون من الصعب تتبع مدى تهديد ارتفاع درجات الحرارة العالمية على المهاجرين.
تداعيات تغير المناخ
يمكن أن تؤدي ارتفاعات درجات الحرارة إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وتدهور الأراضي، وتآكل السواحل وغير ذلك من التأثيرات التدريجية لتغير المناخ التي يمكن أن تجعل مناطق بأكملها (أو في بعض الحالات، جزر بأكملها) غير صالحة للعيش، وتهدد قدرة سبل العيش الريفية على البقاء، وتعزز الصراعات على الموارد، ويمكن لهذه الأنواع من التغييرات أيضًا أن تجعل تداعيات الكوارث المفاجئة أكثر خطورة.
بمرور الوقت، قد تكون المشكلة الأكبر هي الهجرة الناجمة عن تأثيرات تغير المناخ البطيئة والتدريجية. ويمكن لدرجات الحرارة المرتفعة أن تؤدي إلى الهجرة.
هل تغير المناخ محرك رئيس للهجرة والنزوح؟
إن تغير المناخ ليس السبب الرئيسي الذي يدفع الأفراد إلى التحرك والنزوح، ولكنه أصبح على نحو متزايد جزءا من القصة.
وتُشكل القضايا البيئية -بشكل عام- عوامل ثانوية في قرارات الهجرة التي يتخذها الأفراد، وعادة ما تكون بعيدة كل البعد عن الضرورات الاقتصادية حتى في البلدان شديدة التأثر بالمناخ.
ويعكس هذا تحديًّا رئيسيًّا في فهم كيفية تأثير تغير المناخ على أزمات الهجرة، إذ يتبين أن العوامل البيئية تلعب دورًا، ولكن ليس دورًا واضحًا.
ففي بعض الحالات التي تؤدي فيها الكوارث إلى النزوح بشكل مباشر قد لا تكون آثار تغير المناخ واضحة (بعض الأحداث مثل الزلازل ليست مرتبطة بالمناخ، ولا يمكن أن تعزى جميع الكوارث إلى تغير المناخ).
وفي حالات أخرى من الممكن أن تؤدي الكوارث الطبيعية في جميع أنحاء العالم إلى معدلات نزوح أكثر من الصراعات السياسية، فمن بين 71.1 مليون نازح داخليا في نهاية عام 2022، نزح 8.7 مليون فقط (12%) بسبب الكوارث الطبيعية.
وفي حين أن انعدام الأمن والصراع غالباً ما يمنع السكان من العودة بأمان إلى مواطنهم الأصلية، إلا أن الأفراد يعودون في معظم الحالات بعد وقوع الكوارث الطبيعية؛ حيث إن معظم حالات النزوح المرتبطة بالكوارث تكون قصيرة المدى، لكن الهجرة المرتبطة بتغير المناخ البطيء قد تكون أكثر ديمومة وربما واسعة النطاق.
وفي ذاك الصدّد، تُحذر تقديرات البنك الدولي من أنه من المحتمل أن يُصبح هناك نحو 216 مليون شخص نازح (مهاجر) داخليًا بحلول عام 2050، مع تزايد ندرة المياه وتهديد سبل العيش الزراعية.
ومع ذلك، إذا قامت الحكومات بتخفيف وتيرة تغير المناخ والتكيف مع آثاره، يتوقع البنك الدولي أن ينخفض هذا العدد بنسبة تصل إلى 80%، ليصل إلى 44 مليونًا.
- تونس والمناخ المتطرف.. معاناة أكبر من الهجرة غير الشرعية والنزوح
- العالم يراهن على «COP28» لتخفيف وطأة «الهجرة المناخية»
الهجرة في الولايات المتحدة نموذجا
تميل المناقشات الشعبية إلى الانطلاق من توقعات ضخمة بحدوث هجرة جماعية، إلا أن الأدلة تشير إلى واقع أكثر دقة؛ حيث إن معظم التحركات المرتبطة بتغير المناخ والكوارث الطبيعية تكون داخلية وليست عابرة للحدود، ومؤقتة وليست دائمة.
ومن جانبها، أشارت دراسة مؤسسة "فيرست ستريت" -في ذاك الصدّد- إلى نزوح نحو 3.2 مليون أمريكي داخليًّا بسبب تزايد خطر الفيضانات في بعض المناطق.
وتقع العديد من هذه المناطق في أجزاء من البلاد التي شهدت أيضا موجة من الهجرة خلال العقدين الماضيين، بما في ذلك ولايات فلوريدا وتكساس. ووجدت التحليلات أن مثل هذه المجتمعات تخاطر بتدهور اقتصادي يصاحبه انخفاض قيمة العقارات والخدمات المحلية؛ حيث كشفت بيانات جديدة أن الهجرة المناخية تحدث بالفعل داخل المجتمعات الأمريكية، حيث يفر الأفراد من المناطق المعرضة للفيضانات، ويخلقون مناطق 'مهجورة بسبب المناخ'.
ومن جانبه، صرح رئيس أبحاث الآثار المناخية في مؤسسة فيرست ستريت "جيريمي بورتر" بأنه يبدو أن هناك فائزين وخاسرين واضحين فيما يتعلق بتأثير مخاطر الفيضانات على التغير السكاني على مستوى المناطق والأحياء.
ووجدت الدراسة أيضًا أن المقاطعات الأخرى التي لديها أكبر حصة من هجرة السكان بسبب مخاطر الفيضانات تشمل مقاطعة ويل في إلينوي ومقاطعة إل باسو في تكساس. ومن ثمَّ فمن المرجح أن تحدث 'الهجرة نحو الأسفل' في الغرب الأوسط والشمال الشرقي لأن هذه المناطق لا تتمتع بنفس الجاذبية للأشخاص الذين ينتقلون إلى أماكن أخرى.
في جميع أنحاء الولايات المتحدة يواجه ما يقرب من 36 مليون عقار -ربع إجمالي العقارات في الولايات المتحدة- ارتفاع أسعار التأمين وانخفاض التغطية بسبب ارتفاع المخاطر المناخية، حسب ما وجدت شركة First Street في تحليل سابق هذا العام.
aXA6IDMuMTQ3LjczLjg1IA== جزيرة ام اند امز