زلزال كردستان.. توابع تسبق الاستفتاء
أحداث تتابعت اليوم على خلفية استفتاء استقلال إقليم كردستان عن العراق، مثّلت توابع لزلزال يُنتظر حدوثه
جاء الإصرار الكردي على إجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان عن الحكومة المركزية في العراق بمثابة زلزال يضرب المنطقة، كانت له بوادره التي ظهرت قبل أعوام عديدة.
إلا أن توابع هذا الزلزال لم تأت بعد وقوعه، وفق قوانين الطبيعة ولكنها سبقته، متمثلة في إعلان الرفض من جهة أغلب الدول، والمواجهة بين مؤتمري رئيس الإقليم مسعود برزاني ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
النزوح مرة أخرى
ذكر معاون مدير دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة نينوى، ناظم يحيى أن 7 آلاف عائلة كانت قد نزحت من الموصل أثناء معركة تحريرها من قبضة داعش، قد غادرت محافظات إقليم كردستان والمخيمات الخاضعة لسيطرة السلطات الكردية، وعادت إلى الموصل بسبب تخوفهم من استفتاء الإقليم.
وأضاف أن دائرة الهجرة باشرت بتسجيل هذه العائلات لغرض تقديم المساعدات الإغاثية والعينية لهم.
العراق يحجم قيادة الإقليم
أصدر مجلس الأمن الوطني العراقي برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي بيانا، طالب فيه الإدارة في إقليم كردستان العراق بتسليم كافة النقاط الحدودية المشرف عليها، بما فيها المطارات، في خطوة لتحجيم الإدارة من السيطرة على الإقليم.
وتبادل رئيس الإقليم مسعود برزاني ورئيس وزراء العراق حيدر العبادي الاتهامات، قبل ساعات من الاستفتاء.
ولم يمهل العبادي خصمه لإنهاء مؤتمره الصحفي، وخرج في كلمة تلفزيونية ليعلن موقف الحكومة المركزية، ورفضها التام للاستفتاء.
وصف العبادي الاستفتاء بأنه "غير قانوني"، وقال في مؤتمر صحفي عقده، اليوم الأحد، إنه يرفض التفرد بقرار يمس وحدة العراق، وإن الاستفتاء المرتقب بشأن استقلال إقليم كردستان يؤثر على أمن المنطقة واستقرارها، مؤكدا أنه لن يتم الاعتراف بنتائج الاستفتاء.
أعقب كلمته بيان من مجلس الأمن الوطني يطالب فيه إدارة الإقليم بتسليم النقاط الحدودية والمطارات، ويدعو الدول الأجنبية إلى وقف التعامل النفطي مع إقليم كردستان.
وكذلك دعوة الادعاء العام لملاحقة كافة موظفي الدولة ضمن الإقليم من الذين ينفذون إجراءات الاستفتاء المخالفة لقرارات المحكمة الاتحادية.
وأكد المجلس الوزاري للأمن الوطني أنه في انعقاد دائم لمتابعة ومعالجة تداعيات إجراء الاستفتاء في الإقليم.
فيما قال برزاني، في مؤتمر صحفي، الأحد، إن "العراق الآن دولة طائفية وليست ديمقراطية، ويمكننا ضمان سلامتنا عن طريق الاستقلال فقط"، مشددا: "لن نعود مطلقا إلى بغداد لإعادة التفاوض على شراكة فاشلة".
وفي رده على أسئلة الصحفيين بشأن تبعات إجراء الاستفتاء، قال برزاني: "سنتحمل نتائج الاستفتاء"، مؤكدا "رسالتي للجميع هي ألا يفكروا بمواجهة شعبنا".
وفي الوقت نفسه، كانت حكومة بغداد تهاجم الداخل الكردستاني، وتدرس إجراءات ستتخذها الجهات المعنية، من ضمنها فريق استرداد الأموال العراقية بمتابعة حسابات إقليم كردستان وحسابات المسؤولين في الإقليم ممن يودعون أموال تصدير النفط في حساباتهم.
الرئيس يخشى تبعات التصعيد
بدوره، اعتبر الرئيس العراقي فؤاد المعصوم مضي رئيس إقليم كردستان بالاستفتاء، قرارا أحادي الجانب، لا يعبر عن أي شعور بالمسؤولية تجاه الشركاء، داعيا القيادات السياسية في أربيل وبغداد إلى تجنب التصعيد بأي ثمن، والتركيز الفوري على العودة إلى الحوار.
وجدد في بيان له، أولوية مبادئ الدستور واحترام دعوات ودعم المجلس الدولي إلى مواصلة الحوار بين القوى العراقية؛ لحل أي مشكلة داخلية في ما بينها عبر حلول توافقية، ورفض المواقف الاستفزازية والمتطرفة، والمضي بعزم لإعادة الثقة اللازمة بين الجانبين، والتوجه معا لبناء دولة المواطنة والحقوق التي نطمح إليها جميعا.
وقال: "إنني كرئيس لجمهورية العراق سأواصل بذل كل جهد أو مسعى من أجل التعجيل باستئناف الحوار الأخوي بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية؛ للتوصل إلى حلول ناجعة تكفُل تجاوز هذه الأزمة الدقيقة ومنع استغلالها من قبل الإرهابيين".
إيران وتركيا تستبقان الأحداث
ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن القوات الإيرانية تجري مناورات عسكرية في منطقة قرب الحدود مع إقليم كردستان العراق.
وأعلنت طهران حظر جميع الرحلات مع كردستان العراق، بناء على طلب الحكومة العراقية، عشية إجراء استفتاء، فيما أطلق الجيش الإيراني مناورات عسكرية على الحدود مع الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي.
وهددت كل من إيران وتركيا باتخاذ "إجراءات" عقابية ضد إقليم كردستان، في حال أصر الإقليم على إجراء الاستفتاء الذي بدأ بالفعل بالنسبة لأكراد الخارج.
من جانبها، قالت تركيا إن طائراتها نفذت ضربات جوية ضد أهداف لحزب العمال الكردستاني المحظور في منطقة غارا بشمال العراق أمس السبت، بعد أن رصدت مسلحين يستعدون لهجوم على مواقع للجيش التركي على الحدود.
ومدد البرلمان التركي لعام واحد تفويضا يجيز للجيش التدخل في العراق وسوريا، قبل يومين من الاستفتاء.
وفي اتصال هاتفي، اتفق الرئيسان التركي أردوغان والإيراني روحاني على أن "الفشل في منع" إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان سينجم عنه فوضى في المنطقة.
وتعارض إيران وتركيا تصويت الأكراد على الاستقلال خشية أن يؤجج النزعة الانفصالية بين الأكراد فيهما.
العرب ضد الاستفتاء
أصدر المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية قرارا بالإجماع يرفض فيه إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق.
وعززت السعودية الموقف العربي الرسمي ببيان طالبت فيه الأطراف العراقية بالدخول في حوار لتحقيق مصالح الشعب بجميع مكوناته، معربة عن تتطلع المملكة لحكمة مسعود برزاني بعدم إجراء استفتاء انفصال.
وذهبت الإمارات أبعد من حدود الموقف العربي المعلن، ووضعت تجربتها كمثال حي على الأفق الأمثل للتعاطي مع الطموحات الكردية، وقال أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، إن تجربة بلاده تعتبر دليلا على نجاح ومرونة النظام الفيدرالي، وذلك في تعليقه على استفتاء الانفصال.
إسرائيل تخالف أمريكا
وقفت إسرائيل بمفردها خارج الإجماع الدولي، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل رسمي تأييده لاستفتاء الاستقلال.
وفي تغريدة على حسابه في موقع "تويتر" قال نتنياهو: "بينما ترفض إسرائيل الإرهاب على جميع أشكاله، إنها تدعم الجهود المشروعة التي يبذلها الشعب الكردي من أجل الحصول على دولة خاصة به".
في المقابل، عارضت الولايات المتحدة الأمريكية إجراء الاستفتاء خاصة في هذا التوقيت خشية زعزعة استقرار العراق في وقت لم تنته فيه الحرب على داعش بعد، داعية الإقليم إلى البحث عن "مسار بديل" للاستفتاء من دون الكشف عن طبيعة ذلك المسار.
فيما قال المبعوث الأمريكي لدى التحالف الدولي ضد داعش بريت مكجيرك: "ليست هناك شرعية دولية لهذا الاستفتاء".
وتعارض الأمم المتحدة الاستفتاء، وتقول إنها لن تشارك في مراقبة سير عملية الاقتراع.