النظام القطري عصف بكل الأعراف والقيم الأخلاقية والدبلوماسية وضربها عرض الحائط.
كانت أحدث مغالطات وفبركات النظام السياسي في قطر قبل أيام، في تصريحات لرئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني في لقائه مع صحيفة تليجراف البريطانية، إذ وصف المملكة العربية السعودية أقرب لأن توصف بأنها تدعم الإرهاب والتطرف من قطر، وقد استند المسؤول القطري في اتهامه إلى حجة أن أغلب المنضمين إلى تنظيم "داعش" وكذلك 15 من أصل 18 من الذين ارتكبوا جريمة الحادي عشر من سبتمبر يحملون الجنسية السعودية.
الحجة أغرب من الاتهام نفسه بل فضيحة، فالشيء الذي أغفله رئيس وزراء نظام الحمدين السابق أن السعودية لم تقدم أي دعم لهؤلاء الإرهابيين بل شنت عليهم حرباً على جميع المستويات، وضيّقت عليهم منابع التمويل والدعم الفكري بطريقة أشد من الدول التي تضررت منهم حتى اضطرها الأمر لأن تواجه خطرهم داخلياً نتيجة لتلك السياسة. كما فاته أيضاً أن يدرك أن الحكومة السعودية اليوم هي واحدة من الدول المشاركة في التحالفات العسكرية والسياسية لمحاربة الإرهاب العالمي الذي لا يُعرف له دين ولا دولة.
ما حملته هذه المقابلة من أفكار كلها دلالة على "عصف" هذا النظام بكل الأعراف والقيم الأخلاقية والدبلوماسية وضربها عرض الحائط وأن ما كشفته من مواقف هو دليل على مدى حالة التردي التي أصابت نظام الحمدين خلال عامين من الحصار
الذي لا يقل غرابة عما سبق أن منظر النظام القطري الذي اعتاد على إتحافنا بالعديد من إبداعاته الفكرية التي تحمله ذاكرته، مستخدما وسائل الإعلام التي تبحث عن الضجة الإعلامية أكثر من الحقيقة، لم يستطع التفريق بين انحراف قلة من المواطنين السعوديين فكرياً -كما يحدث في أغلب المجتمعات الإنسانية بما فيها الدول المتقدمة آخرها نيوزيلندا التي لم يتوقع أحد أن يحدث فيها إجرام بحجم ما حدث في مسجد "كرايستشيرش"- وبين إرهاب يمارسه نظام دولة من خلال الدعم المالي والإعلامي كما يحدث من النظام القطري الذي يمثله فهو بالتأكيد أشد خطراً على الاستقرار العالمي وأمنه.
لا يستطيع أحد أن يتجاهل عبقرية الشر لدى نظام الحمدين ضد كل الدول العربية، حيث أسهم في خلق الفوضى في أغلبها، ولا محاولته المستميتة في تشويه الباقي منها خاصة السعودية ودولة الإمارات، اللتين تقاطعان قطر درءا لشرها، فهي التي تتذرع بدعم حقوق الشعوب مع أن دعمها الحقيقي لخدمة من يريدون شراً للمنطقة، خاصة نظام الملالي في إيران ونظام أردوغان في تركيا ومعهما تيار الإسلام "الإخوان المسلمين" وغير ذلك من التنظيمات الإرهابية في سوريا مثل: جبهة النصرة، وما يفعله ممثل النظام القطري في هذه التصريحات تدل على أنه يحاول تلويث جهود السعودية التي أثمرت موقفا عربيا وخليجيا ضد مثيري الفوضى والشغب في المنطقة.
الادعاء القطري يعبر عن استمرار نظام الحمدين في عدم الرغبة في مراجعة مواقفه السياسية التي تضر الأمن العربي الجماعي، بل هو دليل على استمرار تعنته وعناده الشاذ في العمل الخليجي المشترك، فبدلاً من أن تكون الذكرى الثانية مناسبة لتعديل سلوكه والعودة إلى المنظومة الخليجية، تواجد فقط تفسير واحد لهذا السلوك وهو أنه يعيش "مأزقاً إعلامياً" حقيقياً لأنه هذه المرة استعان بإعلام من خارج دولته في دلالة على أن المقاطعة شملت إعلامه بالكامل وليس "قناة الجزيرة"، وبالتالي كانت صحيفة "التليجراف البريطانية" هي البديلة لعله يلفت نظر وسمع أحد في العالم!!
الشيء الذي يمكن أن يشفع للشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في اتهامه للسعودية بالإرهاب، أنه اطلع على التقارير الصادرة من "قناة الجزيرة"، التي تجيد فبركة الحقائق، خاصة فيما يخص دولة الإمارات والسعودية، وأنه لم يطلع على التقارير الصادرة من المنظمات الدولية ووسائل الإعلام الرصينة حول دور نظام بلاده في دعم التنظيمات الإرهابية في ليبيا وسوريا واليمن، ولم يعلمه أحد عن أسباب إغلاق مكاتب "قناة الجزيرة" في العالم أنها الوسيلة الحقيقية لكل أعمال التطرف والإرهاب ويكفي شهادة الدكتور عائض القرني، مؤخراً للدلالة على دور قطر.
ما حملته هذه المقابلة من أفكار كلها دلالة على "عصف" هذا النظام بكل الأعراف والقيم الأخلاقية والدبلوماسية وضربها عرض الحائط وأن ما كشفته من مواقف هو دليل على مدى حالة التردي التي أصابت نظام الحمدين خلال عامين من الحصار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة