على مدار يومين من الأسبوع الماضي، صدر التقرير الشهري لمنظمة "أوبك"، مصدِّري النفط، ومثله لوكالة الطاقة الدولية، مستهلكي النفط.
وبرغم اتفاق التقريرين على أنه ستكون هناك زيادة في الطلب خلال العام المقبل، فإن التقديرات بين التقريرين اختلفت بالطبع فيما يتعلق بالربع الأخير من هذا العام وخلال العام المقبل بأكمله.
فقد قالت منظمة "أوبك" في تقريرها عن شهر سبتمبر، الصادر يوم الاثنين 13 سبتمبر، إن الطفرة في الإصابة بالمتحور دلتا من فيروس كورونا حول العالم عملت على تأجيل التعافي في الطلب على النفط حتى العام المقبل، حينما يدفع النمو الاقتصادي القوي والانتعاش الأقوى في استهلاك الوقود إلى رفع الطلب العالمي ليبلغ في المتوسط 100.8 مليون برميل يوميا، ويتخطى بذلك مستويات ما قبل تفجر الجائحة، لترفع المنظمة توقعها للطلب في عام 2022 بمقدار 900 ألف برميل إضافية يوميا.
وترى "أوبك" أنه خلال العام المقبل متوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بنحو 4.2 مليون برميل يوميا مقارنة بعام 2021، ما يعني أن "أوبك" قد راجعت توقعها للطلب برفعه بمقدار 900 ألف برميل يوميا كما أسلفنا مقارنة بتقرير المنظمة عن شهر أغسطس الماضي.
وخلال العام الجاري لم تعدل المنظمة تقديرها بأن يبلغ الطلب العالمي الإجمالي على النفط 96.7 مليون برميل يوميا للعام بأكمله، ولكن عدلت تقديرها للربع الرابع من العام بخفض طفيف بنحو 110 آلاف برميل يوميا عما ورد في تقريرها خلال الشهر الماضي، حيث تقدر المنظمة أن يبلغ الطلب العالمي على النفط نحو 99.7 مليون برميل يوميا خلال هذا الربع، بعد أن كانت تتوقع في تقرير الشهر الماضي مستوى 99.82 مليون برميل يوميا.
وكما يرى تقرير المنظمة، فإنه ثبتت مرونة الطلب على النفط خلال الربع الثالث من العام، حيث تم دعم الطلب بزيادة الحركة ونشاطات السفر، خاصة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي الوقت نفسه، فإن زيادة مخاطر حالات كوفيد-19 بسبب المتحور دلتا تؤثر على توقعات الطلب على النفط خلال الربع الأخير من العام الجاري، وهو ما نجم عنه مراجعة تقدير المنظمة للطلب خلال هذا الربع بالخفض كما تم ذكره.
ووفقا لمنظمة "أوبك" فإن التقديرات الأدنى للربع الأخير من عام 2021 تعني أن بعض التعافي في الطلب سوف يتم تأجيله إلى النصف الأول من العام المقبل، 2022.
وقالت "أوبك" إنه مع ارتفاع معدلات التلقيح، سوف تكون إدارة جائحة كوفيد-19 أفضل، وبالتالي سوف تعود الأنشطة الاقتصادية والحركة بقوة إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وقد تم تقدير المراجعات للطلب في تقرير "أوبك" بناء على تقديرات الطلب لكل من بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبلدان غير الأعضاء بالمنظمة، مع تطورات اقتصادية مستقرة من المتوقع أن تدعم التعافي المؤجل نسبيا في الطلب على النفط في مختلف القطاعات.
ومن بين مراجعة الطلب بالزيادة بمقدار 900 ألف برميل يوميا خلال العام المقبل، يعود 300 ألف برميل يوميا لارتفاع طلب بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبمقدار 600 ألف برميل يوميا في البلدان غير الأعضاء بالمنظمة.
وبينما كانت قد راجت توقعات بأن منظمة "أوبك" سوف تخفض من تقديرها للطلب العالمي على النفط خلال عام 2022، لكن المنظمة الآن طبقا لتقريرها الأخير تعتقد أن الضعف في الطلب خلال الربع الرابع من عام 2021 سوف يؤجل فقط من الانتعاش في الطلب إلى العام المقبل.
من جهة أخرى، قالت وكالة الطاقة الدولية إنه بعد ثلاثة أشهر متعاقبة من الانخفاض، بسبب المتحور دلتا، فإن الطلب على النفط سيحقق ارتفاعا بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا في شهر أكتوبر المقبل وسيستمر في الارتفاع حتى نهاية العام.
وفي تقريرها عن سوق النفط، راجعت وكالة الطاقة الدولية بالخفض توقعاتها لمستوى الطلب خلال عام 2021 بأكمله، لكنها ذكرت أنه من المتوقع أن الطلب المكبوت وبرامج التلقيح ستفسح المجال أمام انتعاش قوي في الطلب العالمي ابتداء من الربع الأخير من هذا العام.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن نمو الطلب العالمي على النفط سيكون بمستوى 5.2 مليون برميل يوميا، بانخفاض قدره 110 آلاف برميل يوميا، مقارنة بالتوقع الذي كان قائما في تقرير الوكالة خلال الشهر الماضي.
ففي تقريرها عن أغسطس، توقعت الوكالة أن ينمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 5.3 مليون برميل يوميا خلال عام 2021، وبمقدار 3.2 مليون برميل يوميا أخرى في عام 2022.
وفي تقريرها خلال الشهر الماضي، قالت الوكالة إن القيود على الحركة في آسيا، لمقاومة المتحور دلتا، ستدفع نحو تباطؤ الطلب العالمي على النفط خلال النصف الثاني من عام 2021.
وفي تقريرها عن الشهر الجاري، راجعت الوكالة بالخفض توقعها للطلب العالمي على النفط خلال شهري أغسطس وسبتمبر بنحو 600 ألف برميل يوميا، مع فرض الصين وغيرها من دول جنوب شرق آسيا قيودا أكثر على الحركة.
وقالت الوكالة إن من شأن التقدم المستمر في جهود برامج التلقيح والطلب المكبوت القوي أن تدعم انتعاشا قويا بدءًا من الربع الرابع من عام 2021، حيث رفعت الوكالة تقديرها للطلب العالمي على النفط خلال العام المقبل بمقدار 85 ألف برميل يوميا.
ووفقا للوكالة، فإن السوق سوف تتحرك لتصبح قريبة من التوازن بدءًا من شهر أكتوبر المقبل، فيما لو استمر تحالف أوبك+ في زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر كما هو مقرر.
ومع هذا، فإن العرض سيكون مرتفعا بشكل كاف للسماح بتجديد المخزون في أوائل عام 2022.
وهكذا تعد توقعات الوكالة لنمو الطلب العالمي على النفط أكثر تحفظا عما ورد في تقرير منظمة "أوبك" الأخير، الذي صدر قبل تقرير الوكالة بيوم، والذي أظهر أن المنظمة ترى أن النمو الاقتصادي القوي في عام 2022 والتعافي الأقوى في استهلاك الوقود سوف يؤديان إلى أن يبلغ متوسط الطلب 100.8 مليون برميل يوميا، وهو ما يفوق مستوى الطلب قبل تفجر فيروس كورونا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة