بحلول الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية، أعلنت إدارة "بايدن" رفع السرية عن وثائق تحقيقات الاستخبارات الأمريكية في الحادث.
ولسنوات ظلت هذه المسألة أداة ابتزاز للمملكة العربية السعودية تخبو لفترات ثم تظهر فجأة كلما أريد لها ذلك.
لقد اتخذت السعودية موقفاً شجاعاً وتاريخياً عبَّر عنه بوضوح وزير خارجيتها، الأمير فيصل بن فرحان، حين صرح بأن السعودية أكثر دولة تطالب برفع السرية عن تلك الملفات والوثائق.
ومن السذاجة إذاً أن نرى هذا الإصرار العجيب على محاولة الزج باسم السعودية في هذا الحادث بشكل أو بآخر، رغم أن المملكة انبرت بشجاعة وثقة منذ وقت وقوع الحادث، حينما شعرت بمؤامرة لتلويث سمعتها بربطها بتلك الهجمات، لطلب الكشف عن أي دليل يثبت هذه الادعاءات، وذلك حين طالب وزير الخارجية السعودي الراحل، الأمير سعود الفيصل، الإدارة الأمريكية بالإفصاح الكامل عن صفحات التحقيق في أحداث 11 سبتمبر، لأن السعودية ليس لديها ما تخفيه، ومن وقتها لم يثبت طبعا شيء ضدها أبداً.
وهذا العام ليس مختلفاً عن مرات سابقة، لكنه يأتي والجهة، التي تحاول بعث هذه التهمة الكاذبة، في قمة تخبُّطها، وتريد صرف أنظار الداخل بفتح ملف تظن أنه مثير، رغم أنه أصبح باهتاً ومستهلَكا.
ما كشفته الوثائق نفسها أن السعودية لا علاقة لها أبداً بتلك الأحداث، وكان لافتاً تصريح رئيس لجنة الحادي عشر من سبتمبر مؤخراً في صحيفة "الجارديان" البريطانية عن أن السعودية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بأحداث سبتمبر الإرهابية.
فالسعودية أكبر عدو لتنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين، وهي المتضرر الأساسي منهما، بل هي الهدف الأول لكل تنظيمات الإرهاب، فقد ثبت عبر براهين قاطعة أن هجمات تلك التنظيمات المتطرفة ضد السعودية ومواطنيها ومسؤوليها وحكومتها تفوق ما فعلته تلك التنظيمات ضد الولايات المتحدة، لذا فمن المضحك المحزن اتهام السعودية في هذه الهجمات بهذا الشكل، الذي يجافي المنطق والواقع.
السعودية اليوم تريد وضع حد لأولئك الواهمين، الذين يريدون استخدام سيرة هذه الوثائق بشكل انتهازي لا يوافق الحقيقة، ولا يناسب العلاقات بين حليفين استراتيجيين، السعودية والولايات المتحدة، كما تريد أن تعرف من الجانب الأمريكي تفاصيل معلومات تتعلق بأولئك الإرهابيين، الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر 2001، ومَن عاونهم وموَّلهم، لا لتتعاون في حماية الولايات المتحدة والعالم من شرور الإرهاب فقط، وإنما لتحمي نفسها من إرهاب يستهدفها بالدرجة الأولى، فالسعودية كانت ولا تزال الشريك الأبرز للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب طيلة السنوات الماضية، لذا يتوجب على أمريكا قراءة العلاقات مع المملكة عبر لغة الوعي والتاريخ الطويل المشترك بينهما، وعدم السماح لانتهازية وقتية بالعبث بالعلاقات الاستراتيجية بينهما حتى لا يتصدع التحالف التاريخي، الذي يستفيد منه البلدان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة