أردوغان لا يزال يحلم بالإمبراطورية وإعادة الأمة للخلافة وتوجهات الأخونة هي العمود الرئيسي لمشروعه البائد.
أجمعت الأحزاب المعارضة التركية أن سياسة أردوغان دمرت مؤسسات الدولة وخاصة القضاء فضلا عن أنه أقام نظاماً استبدادياً لا يرحم أحداً ويستمر في الوقت نفسه بسياساته المعادية لأبسط قواعد الديمقراطية، وانتهاجه لهذه السياسة الحمقاء توحي بأنه لا يهمه أي شيء سوى نظام حكمه الذي يريده أن يستمر إلى الأبد مهما كلف ذلك تركيا، والمنطقة عموماً وهو ما يفسر تدخله في سوريا منذ بداية الأزمة ودون أي مبرر.
مؤسسة ميتروبول التركية للأبحاث واستطلاعات الرأي قد أجرت في أغسطس/آب الماضي استطلاعاً نشرت نتائجه مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، كشف عن انخفاض نسبة الأتراك الذين فوضوا أردوغان لرئاسة البلاد بمعدل 10 نقاط خلال عام واحد
وسياسته الاستبدادية جرّت أنقرة للهاوية بدليل مواقفه المترنحة مع أعضاء حزبه مما أدى إلى انسحابات هائلة في صفوف حزب العدالة والتنمية هاربين من جحيمه، وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق عبداللطيف شنار، أحد أهم مؤسسي حزب العدالة والتنمية وكان نائباً لرئيس الوزراء التركي حتى 2007 حيث استقال وانضم فيما بعد إلى حزب الشعب الجمهوري وهو الآن عضو في البرلمان التركي: "يخطئ من يتوقع أن يتخلى أردوغان عن سياساته الحالية التي يريد لها أن تساعده للسيطرة على كل شيء بعد التخلص من كل معارضيه".
وحيال ما ينتاب الشارع التركي من ممارسات سياسية ضد القوى والأحزاب السياسية تتحرك القوى السياسية الأحزاب المعارضة التركية لإجراء انتخابات مبكرة في البلاد، بما يشمل انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية، وسبق وحذرت الأحزاب المعارضة النظام الحاكم من السياسات التي ينتهجها في المنطقة، وطالبت بتوصيات عدم انجرار تركيا لمستنقع الشرق الأوسط، وحتى لا يذهب السوريون ضحية للحرب، وسبب ظهور هذه الأزمات هو ابتعاد الحزب الحاكم عن السياسة الخارجية التي تأسست عليها تركيا، وتبنى النظام الحاكم سياسة إخوانية توسعية كفيلة بجر البلاد إلى مخاطر اجتماعية واقتصادية وجيوسياسية أثرت على الداخل التركي، ولا يزال يحلم أردوغان بالإمبراطورية وإعادة الأمة للخلافة وتوجهات الأخونة هي العمود الرئيسي لمشروعه البائد.
متاعب اقتصادية على الأتراك الذين يعانون من زيادة نسبة البطالة والتضخم في وقت يتزايد فيه عدد القتلى من الجنود الأتراك والمدنيين، فإن هذا لن يكون نذير خير لزعيم تتراجع شعبيته، كما حصل في الانتخابات البلدية التي خسر فيها حزبه مدينة إسطنبول وأنقرة لصالح المعارضة فوصول القوات السورية قد يمنحه فرصة للخروج من رمال سوريا المتحركة، خاصة بعد سيطرة قواته على تل أبيض ورأس العين.
يبقى الموضوع الأساس والذي بسببه أُرغمت تركيا على التقرب من روسيا ونتج عن ذلك أستانة ومتفرعاته، وبسببه أيضاً ضعفت وتشرذمت المجموعات الإرهابية وفقدت قدرتها في الميدان السوري ولن تتمكن من إعادة التوازن والهيمنة بشكل كامل ضمن حدود الأراضي السورية، وأفاد مدير المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول في إسطنبول، بيرم بالسي بقوله: إن أردوغان يعرف جيداً التلاعب بشعبه، فمرة يتظاهر بدور قيادي لبلاده في العالم الإسلامي، وفي بعض الأحيان معاداة أوروبا التي ترفض انضمام بلاده للاتحاد وخطابه القومي يعادل اليمين المتطرف في الساحة الأوروبية إذ يزعم أن تركيا وريثة للإمبراطورية العثمانية وأنه يجيد اللعب على وتر الطموح المشترك للقوميين بتركيا الكبيرة.
وتأتي الخطوة الجدية في مواجهة السياسة الأردوغانية بعدما أثار الجدل الحزب الحاكم في الفترة الأخيرة بسبب اقتراح تقليص الحد الأدنى لاختيار رئيس الجمهورية من نسبة خمسين بالمائة زائد واحد إلى نسبة أربعين بالمائة زائد واحد، في خطوة اعتبرتها المعارضة محاولة من العدالة والتنمية للبقاء في السلطة وسط تراجع شعبيته، وهذه الانشقاقات والاضطرابات دفعت كثيراً من المراقبين والمعارضين إلى التكهن باحتمال إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، وفي السياق ذاته فإن مؤسسة ميتروبول التركية للأبحاث واستطلاعات الرأي قد أجرت في أغسطس/آب الماضي استطلاعاً نشرت نتائجه مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، كشف عن انخفاض نسبة الأتراك الذين فوضوا أردوغان لرئاسة البلاد بمعدل 10 نقاط خلال عام واحد مما يعجل بأحزاب المعارضة للتحرك سياسياً لطي صفحة أردوغان وإنقاذ البلاد من غلوائه وأوهامه التي باتت لا تطاق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة