الجماعات الدينية أوصلت صورة نمطية خاطئة للعالم عن مسلمي هذه الأمة بأن سنتها يفجرون وشيعتها يلطمون وكأن حياتنا مختزلة بين لطم وتفجير!!
في هذا الجانب المضطرب والمليء بالحروب من العالم كانت هنالك أمة هانئة تعيش بأمان وسلام، أمة تربطها الكثير من الأواصر التي تبدأ باللغة المشتركة ولا تنتهي إلا بالمصير المشترك أي التقدم والتنمية معا أو الفناء معاً.
لقد كانت هذه الجماعات حصان طروادة الذي أدخل الأجنبي إلى قلب الأمة لنشر سرطان الطائفية والعنصرية ونبذ كل قيم العروبة، التي تجمعنا بتكفير المؤمنين بها في الوقت الذي يمجدون فيه الدولة العثمانية أو الفارسية، وكل ذلك لإضعافنا والهيمنة على مقدراتنا
كان الفرد من هذه الأمة يصحو بأغنية هادئة تغرد فيها فيروز للسلام من تلال الأرز ويختم فذلكة صباحه بأنغام خالدة للست أم كلثوم ويمسي بأغنية ثورية ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين أو أخرى كالوطن الأكبر التي برع فيها محمد عبدالوهاب والعندليب ونجاة الصغيرة، بالإضافة إلى وردة الجزائرية.
لقد عاشت هذه الأمة لسنوات طويلة ببرامج وأعمال إذاعية وتلفزيونية تتعاون في إنتاجها جهات مشتركة لتغذية الأجيال بقيم الوحدة والأخوة، فقد كانت لديهم قضية واحدة لا تقبل التثنية وكان لديهم همٌّ واحد يتعلق بوحدتهم وقوتهم فقط، حينها كان العدو مشتركاً وواحداً واضحاً للعيان يعرفه الصغير قبل الكبير.
"البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي"
زايد بن سلطان آل نهيان.
لقد كانت الموارد في هذه الأمة تستغل لمحاربة الأمية والمشاريع القومية، وقد نختلف ونتفق مع الأسلوب وطريقة التعاطي في استغلال هذه الموارد ولكننا نتفق في أنها كانت تصب بشكل أو بآخر في رافد واحد وهو الوطن والأمة. كان هذا حال هذه الأمة التي أنتمي إليها بكل فخر واعتزاز قبل بروز وظهور التيارات الدينية المتطرفة التي قدحت شرارة الشرور، وفرقت الجماعات البشرية، وشظت المجتمعات الآمنة، واستغلت العاطفة الدينية الفطرية للفرد العربي ولوثت سجيته بأفكار متشددة تخدم مصالحها الحزبية وأيدولوجياتها الخارجية الدخيلة التي تخدم المصالح الأجنبية في تقويض أمننا وتوسيع نفوذ هذه الدول التوسعية في عدة عواصم عربية.
نعم، لقد كانت هذه الجماعات حصان طروادة الذي أدخل الأجنبي إلى قلب الأمة لنشر سرطان الطائفية والعنصرية ونبذ كل قيم العروبة التي تجمعنا بتكفير المؤمنين بها في الوقت الذي يمجدون فيه الدولة العثمانية أو الفارسية، وكل ذلك لإضعافنا والهيمنة على مقدراتنا، فتكاثر الأعداء وتكالبت علينا غربان الشر بمشاريعها القومية التوسعية بغطاء ديني وبأدوات كانوا هم -وبغباء وجهل مركب- وقودها الذي أحرق الأخضر واليابس.
أما على الصعيد الخارجي، فقد أوصلت هذه الجماعات الدينية صورة نمطية خاطئة إلى العالم عن مسلمي هذه الأمة بأن سنتها يفجرون وشيعتها يلطمون وكأن حياتنا مختزلة بين لطم وتفجير!!
بتنا نعيش اليوم في أمة متهالكة ومهترئة في معظم أقطارها إلا خليجها وبعض أمصارها بسبب هؤلاء الأوغاد الذين أحلوا قتل كل الأحلام ووأد كل الآمال باسم الدين ولكنهم لا يعلمون أننا أمة عنقاء تنتفض من تحت الركام لتحلق في العلياء، حيث مكانها ومستقرها الطبيعي وليس الصبح ببعيد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة