سعت الإمارات عبر التحالف العربي بقيادة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لاسترجاع هوية اليمن الوطنية عبر محاربة الإرهاب والقضاء على الوحشية التي تُدّمر وتُخرّب البلاد.
واجهت البشرية أزمات لم تكن في الحسبان وتصّدت لها بكل قدراتها وإمكانياتها، وربما لم تتهيأ لها الظروف للتصّدي لها بالشكل اللائق، نظراً لعدم وجود الإمكانيات المتاحة، وصاحب تلك الأزمات ظهور تبعات لها لم يسعف الإعداد أو التخطيط للحدّ من انتشارها ومواجهتها، مما ترك الأثر السلبي وفقدان الأمن للمجتمعات وبالتالي انعدام الاستقرار.
إن التنمية لا تتقدم بالمجتمعات إلا بشمولية الأمن داخل وخارج هذا المجتمع، ولوضع استراتيجيات واضحة لإدارة الأزمات، يُبنى على ذلك وجود أجهزة أمنية قوية تساعد على وضع خطط مستقبلية لتفادي أي طارئ أو تجاوز أي فترة حرجة أو غير مستقرة لحماية البلد، وقد تأتي الأزمة الأمنية عند انتشار ما يمكن حدوثه من تغيّرات في البيئة المُولّدة لها بمعنى أصّح (بيئة تكون بؤرة للفساد وانتشار الإرهاب والتطرّف الديني)، لهذا فوجود مثل هذه التغيرات في بيئة هادئة يُنذر بالخطر! وبما أن صُنّاع القرار في هذه المواقف هم محل ثقة ورُؤى ثاقبة، فنحن في معزل عن كل أزمة وبفضل من الله تتعامل أجهزة أمننا مع سياسة ذات إمكانيات وقدرات لا يُستهان بها، لأن الإمارات تبلورت طموحات مستقبلها في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي للمنطقة، ولن تكون الإمارات بمعزل عن الآخرين فهي لا تُهيئ استقرارا محليا فحسب، بل تسعى لاستقرار إقليمي ودولي، ولتوضيح أطر النظرة المستقبلية الجادة والملموسة في اتخاذ قرار الأمن والاستقرار الإقليمي، كان المنتدى الأخير الذي عُقد في العاصمة أبوظبي (منتدى التعاون من أجل الأمن) والذي جاء في أنسب توقيت، لأن مكافحة الإرهاب التي كانت من ضمن أجندة المنتدى الذي أكد على ضرورة التعاون في القضاء عليه، والعمل على الحدّ من انتشار الإرهاب إلكترونياً ومواجهة التحديات وهو دور توجيهي في الأمن الإلكتروني، فمع تصاعد الاتجاهات المختلفة للتيارات الفكرية وحركات الإرهاب المتنوعة كان لِزاماً ظهور ما يتطلّب الجهد المُضاعف لمواجهة أخطار ذلك كله.
فالأزمة الآن في مرحلة حرجة قد لا نستطيع التصّدي لها إذا ما بلغت الذروة، فأقصى مراحل الأزمات هي مرحلة النضج وعندما تتعّدى مراحل الميلاد والنمو، وللحدّ من نضجها والبدء في انحسار وإنهاء وجودها، فتكون في آخر مراحلها وهي الاختفاء، حينذاك علينا السعي لتحديد مراحل نشأتها.
سعت الإمارات عبر التحالف العربي بقيادة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لاسترجاع هوية اليمن الوطنية عبر محاربة الإرهاب والقضاء على الوحشية التي تُدّمر وتُخرّب البلاد.
ولقد بدأت الأزمة الأمنية في الميلاد والنمو عندما انعدم الأمن في اليمن الشقيق وعمّت الفوضى البلاد وتَهدّد أمنها الداخلي بسبب ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، ولذلك كان لا بدّ من تدخّل قوى فاعلة على مستوى دولي وعالمي للحيلولة دون وقوع أزمات أمنية وكوارث أخرى نتيجة انعدام الأمن في الجوار، والأزمة الواقعة في اليمن تُهدّد المصالح والأهداف الحيوية للدول القريبة منها ولحاضرها ومستقبلها.
لماذا اليمن؟
تدخل دولة الإمارات في شؤون اليمن لم يكن من فراغ، بل اعتادت الإمارات أن تكون جزءا وسياجا آمنا للمحيطين بها، فالبطولات التي قدمتها سواء أكانت السياسية أو الإنسانية، يعجز أن يصفها المختصون والخبراء في المجتمعين المحلي والعالمي، والعمق الحقيقي لأي هجوم ومن أي نوع يكون ذا مردود سلبي على الجميع.
فاليمن السعيد بتاريخ جذوره الضاربة في حضارات المنطقة لم تغفل عنه الحضارة في التقاء الحاضر بالماضي، فجمال حضارة سبأ وإبداع سدّ مأرب لا زالت رموزا لليمن بوصفه البلد السعيد، لأن الذين يُحاربون سعادته سُيدّمرهم إرهابهم وقذائف تطرّفهم، وهناك في اليمن بالذات حققّت الإمارات نجاحا ملموسا في الحفاظ على أمنه ورخائه واستقراره.
وقد يتساءل البعض لماذا الحديث عن اليمن وما شأنها بالأزمة الأمنية!؟
لقد مرت الجزيرة العربية بتقلّبات تسببّت في الإطاحة بالاستقرار السياسي والأمني في اليمن، وهذا البلد ليس صناعة منفردة بل هو نتاج وطن بحجم خارطة العالم لأهميته الاستراتيجية، ولأنه القلب النابض في الجزيرة العربية و الخليج، فكان لزاما على الأشقاء تأمين هذا القلب من سرطانات الفئات المتمردة بداخله، والعمل السريع والعاجل على منع تدّخل قوى دخيلة خارجية، لذلك فقد سعت الإمارات عبر التحالف العربي بقيادة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لاسترجاع هوية اليمن الوطنية بمحاربة الإرهاب والقضاء على الوحشية التي تُدمر وتُخرّب البلاد.
فبما أن دولة الإمارات شريك فعّال في مكافحة الإرهاب مع الدور الأساسي الذي تجتهد لأجله وهو الدور الإنساني العظيم في تقديم المساعدات الإغاثية والبُعد التنموي الذي تسعى له في تطوير البنية التحتية لليمن، وحرصاً منها على استعادة الأمل لليمن الشقيق واسترجاع سعادته المُغتصبة، اجتهدت الإمارات وقادتها في إدارة هذه الأزمة من خلال العمل الدؤوب وبكفاءة عالية الجودة، وبما أن إدارة الأزمات ليست حِكراً على الجهاز الأمني في الدولة بل أصبحت مسؤولية مشتركة لكل قطاعات الأمن مجتمعة، بالإضافة إلى الوزارات والمؤسسات المعنية، و هذا ما يُسّمى بـ (الاشتراك الأمني)، وهوما دعا إليه سيدي الفريق سُمّو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في منتدى التعاون من أجل الأمن بقوله: "إن التحديات التي يُواجهها العالم تغيّرت ونحتاج لتعاون مشترك من أفراد ومنظمات وشعوب".
فالاشتراك الأمني بتضافر جهود الجهات المختلفة، وهو ما أكدّ عليه كذلك أيضاً رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) بأن الإرهاب سينهزم بتضافر الجهود مع دولة الإمارات مما يدّل على أهمية التعاون لأجل القضاء عليه.
عامان على عاصفة الحزم
ما أردت قوله باختصار أنه خلال هذين العامين كان الصخب عالياً في هذه الفترة من النشاط السياسي والإنساني والأمني لدولة الامارات في اليمن، وهو بلا شك حقق خطوة حاسمة بفضل الله ثم هذه العاصفة نحو الاستقرار الأمني في الكثير من مدن اليمن، وعند قراءة (تاريخ اليمن) من منظور عامين انصرما، فإننا سنفقه الكثير من المفارقات السياسية وخاصة فيما يتعلّق بالأمن، فعاصفة الحزم نصرٌ من الله وبرد وسلام في إعادة الأمل لإعمار وإغاثة اليمن واستعادة شرعيته واستقرار أمنه.
دولة الإمارات تصون السلام وتدعو إليه عبر ملتقيات ومنتديات الأمن وتحرص وبشدّة على ذلك برعاية قادتنا حفظهم الله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة