خبراء لـ«العين الإخبارية»: قناة السويس تحت مظلة القانون الدولي.. وأمنها مكفول منذ «القسطنطينية»

أكد عدد من خبراء القانون الدولي أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قناة السويس وقناة بنما ومطالبته بمرور السفن الأمريكية خلالهما مجاناً؛ تمثل تهديداً لاستقرار الممرات المائية الدولية.
الرد القانوني هو السلاح الأقوى
وفي مداخلة هاتفية مع برنامج "الحياة اليوم" على فضائية الحياة، أوضح الدكتور أيمن سلامة أن الرد على تصريحات ترامب يجب أن يكون عبر الأدوات القانونية والدبلوماسية، مؤكدًا أن القوانين الدولية واتفاقية القسطنطينية تمنح مصر سيادة كاملة على قناة السويس، بما يشمل فرض الرسوم وتطبيق التشريعات المرتبطة بالسلامة والصحة والأمن.
وأشار سلامة إلى أن مصر، كدولة مستقلة، تحتفظ بالحق السيادي الكامل في اتخاذ القرار المناسب سواء من حيث توقيت الرد أو أسلوبه، بما يضمن حماية أمنها القومي وسيادتها القانونية على قناة السويس.
قناة السويس رمز السيادة المصرية
قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، إن قناة السويس تخضع للسيادة المصرية الكاملة وتدار وفقًا لاتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التي كفلت حرية الملاحة دون انتقاص من حقوق مصر السيادية.
وأضاف "سلامة" في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن قناة السويس تتمتع بوضع خاص يضمن حرية الملاحة مع احترام سيادة مصر الكاملة، مشيرًا إلى أن مطالب ترامب بمرور سفن أمريكية مجانًا تعد خرقًا واضحًا لمبدأ المساواة بين الدول وتهدد بإحداث فوضى قانونية في الممرات الدولية.
وأكد سلامة أن أي استثناءات سابقة، مثل تلك التي حدثت عام 1975 أثناء تطهير القناة بعد حرب أكتوبر، كانت مرتبطة باتفاقات خاصة واستثنائية بموافقة مصر ولا تصلح كقاعدة قانونية عامة.
ما هي تفاصيل اتفاقية القسطنطينية؟
تم توقيع اتفاقية القسطنطينية في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1888 بين كل من بريطانيا وفرنسا والنمسا والمجر والدولة العثمانية ودول أوروبية أخرى، لضمان حرية الملاحة في قناة السويس دون تمييز بين جميع السفن، سواء في زمن السلم أو الحرب.
وجاءت المعاهدة بعد صراع النفوذ بين بريطانيا، التي سيطرت على مصر وقناة السويس في عقد 1880، وفرنسا التي كانت تهيمن على أغلبية أسهم شركة القناة. واتفقت القوى الكبرى على تحييد القناة عبر هذه الاتفاقية لضمان حرية استخدامها دوليًا، مع الحفاظ على السيادة المصرية تحت الإشراف العثماني الشكلي.
نصت المادة الأولى على إبقاء القناة مفتوحة لجميع السفن دون تمييز، فيما سمحت المادة العاشرة باتخاذ تدابير دفاعية لصون الأمن والنظام، وهو ما استخدم لاحقًا لتبرير ممارسات مثل منع عبور السفن الإسرائيلية بعد 1948.
رغم توقيع الاتفاقية عام 1888، دخلت حيز التنفيذ فعليًا عام 1904 بعد موافقة متحفظة من بريطانيا، التي استمرت في احتلال القناة وإدارتها بما يخدم مصالحها، خاصة خلال الحربين العالميتين.
مع تصاعد الحركة الوطنية المصرية، وقعت مصر وبريطانيا معاهدة الجلاء عام 1954، مما مهد إلى انسحاب القوات البريطانية، وفي عام 1956 قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، لتنتهي بذلك السيطرة الأجنبية وتنتقل إدارة القناة بالكامل لهيئة قناة السويس المصرية.
خبراء يحذرون من تداعيات خطيرة على النظام العالمي
وفي السياق نفسه، شدد الدكتور صلاح الطحاوي، أستاذ القانون الدولي والمحكم بوزارة العدل، على أن تصريحات ترامب بشأن مجانية عبور السفن الأمريكية تتعارض مع اتفاقية القسطنطينية ولا تستند إلى أي أساس قانوني دولي، مؤكدًا أن مصر، كدولة ذات سيادة، تملك كامل الحق في فرض الرسوم وتنظيم المرور عبر القناة.
وأوضح الطحاوي أن حالات الإعفاء من الرسوم محددة ومحصورة، مثل حالات الإنقاذ، ولا يمكن القياس عليها أو التوسع في تفسيرها.
من جانبه، قال المستشار حسن عمر، خبير القانون الدولي، إن تصريحات ترامب تمثل إخلالًا بأحكام اتفاقية القسطنطينية التي تفرض معاملة جميع السفن على قدم المساواة دون تمييز.
واقترح عمر أن تقوم مصر برفع رسوم عبور السفن بنسبة 1% من قيمة البضائع، كخطوة للدفاع عن سيادتها ومصالحها الاستراتيجية.