تعتبر قمة مجموعة العشرين من القمم التي حظيت باهتمام لافت من الدول الكبرى
تعتبر قمة مجموعة العشرين من القمم التي حظيت باهتمام لافت من الدول الكبرى، في ظل الظروف الدولية المتوترة الراهنة في بعض مناطق العالم، وانخفاض أسعار النفط، وتدني التبادلات التجارية.
وانعكاساً لهذه الأوضاع، دعا الرئيس الصيني «شي جينبينغ» في كلمته الافتتاحية للقمة إلى «تحويل مجموعة العشرين إلى فريق عمل، لا منتدى للكلام» ونبّه إلى أن الاقتصاد العالمي يمرّ ب «منعطف خطر»، في ظل تباطؤ الطلب وتقلب أسواق المال وضعف التجارة والاستثمار. وحض على مزيد من الابتكار، لتحفيز النمو الاقتصادي والإصلاحات المالية والاقتصادية، مشدداً على أهمية «تحسين قدرة الاقتصاد العالمي على مقاومة الأخطار». وقال: «علينا بناء اقتصاد عالمي مفتوح. وعلى مجموعة العشرين إيفاء التزامها تجنب اتخاذ تدابير حمائية جديدة، وتعزيز التعاون في سياسات الاستثمار، واتخاذ تدابير فاعلة لتشجيع نموّ التجارة».
كما أقر الرئيس أوباما في كلمته بأن «كثيرين من مواطنينا محبطون بسبب سرعة العولمة، ويشعرون بأنهم لا يختبرون فوائد التجارة الدولية». وأضاف: «يجب أن نعمل معاً لتحفيز النموّ الاقتصادي، وتعزيز التجارة الحرة وبناء اقتصاد أكثر عدلاً للجميع». كما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، زعماء «البريكس»، في القمة إلى تكثيف الاتصالات فيما بينهم في كل مجالات التعاون، وذلك خلال اجتماع غير رسمي للمجموعة (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، مطالباً ب «اتباع استراتيجية أوفى لإطلاق مشاريع مشتركة كبرى جديدة، لاسيما في مجال التعاون الصناعي، والتكنولوجي، والطاقة، والصناعات الزراعية، وتطوير مصرف بريكس للتنمية ليقوم بتمويل تلك المشاريع، إضافة إلى تقديمه لقروض بالعملات المحلية». وأعرب بوتين عن قلقه إزاء ما وصفه ب «تراجع هيبة منظمة التجارة العالمية» ، وتشكيل اتحادات إقليمية «مغلقة» عوضاً عنها.
وقال: وضع منظمة التجارة العالمية يدعو لقلق بالغ... إنها تفقد هيبتها وتفقد صفة ساحة حوار شاملة وحيدة لوضع قواعد التجارة العالمية.
ولا شك أن هذه المواقف من قادة رؤساء دول كبرى، تبرز الحاجة إلى زيادة التبادل التجاري، والى الانفتاح أكثر في التجارية الدولية، وهذا ما طرحه أيضاً البنك الدولي حول حركة التجارة، ودعوته مجموعة العشرين، إلى الحد من الإجراءات الحمائية في التجارة العالمية، واللجوء عوضاً من ذلك إلى فتح الأسواق على بعضها بعضاً.
ولا شك أن هذه الدعوات تؤكد وجود خلافات حول ما تطرحه منظمة التجارة العالمية (الجات)، ويرى بعض الخبراء المعنيين، أن القمة تحظى بالأهمية الكبرى لسببين رئيسيين: الأول هو أن موعدها يصادف الفترة الحاسمة للتحوّل من آلية الاستجابة للأزمات إلى آلية الإدارة الاقتصادية طويلة المدى. والثاني هو التباطؤ العام في نمو الاقتصاد العالمي.
كذلك فإن القمة لاقت اهتماماً واسعاً في الجانب الاقتصادي، لكن الجانب السياسي، خاصة الأوضاع في سوريا واليمن والعراق، لم تحظ بذلك الاهتمام، وتحديداً الأزمة السورية، بحكم أن الولايات المتحدة وروسيا من الدول التي تعتبر القضية السورية من اهتمامهما، والخلاف حولها بارز منذ ظهور الأزمة 2011، ولم تظهر توجهات قوية لمناقشتها، كما لم تكن هناك تصريحات عنها. ولذلك فإن قمة العشرين، لم تدرج الأزمة في جدول أعمالها باعتبارها من الأزمات الصعبة، والصين كانت ترغب في الأساس ترك الأزمات المستعصية جانباً والتركيز على الجوانب الاقتصادية. وهذا ما برز في البيان الختامي للقمة، حيث حددت الدول الأعضاء في مجموعة العشرين التي تشكل نحو 85% من الاقتصاد العالمي، هدفاً لها يتمثل في زيادة نسبة النمو 2% إضافية في السنوات الخمس المقبلة، أي حتى 2018، ووعدت بأن تستمر المصارف المركزية في التواصل بوضوح بشأن سياساتها النقدية بما يحقق نجاحات مطردة في هذا الجانب الاقتصادي المهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة