خبراء لـ"العين الإخبارية": تركيا انتهكت سيادة الدوحة وأهدرت حقوق القطريين
الدكتور نبيل حلمي يرى أن حكام قطر ينتهكون سيادة شعبهم بالاتفاق السري مع تركيا نظير بقائهم في السلطة
"دعوة مجانية لاحتلال أراضيها".. هكذا لخص خبراء استراتيجيون مضمون الاتفاقية العسكرية المثيرة للجدل بين تركيا وقطر، التي تكشفت بنودها السرية مؤخرا، مؤكدين أن الاتفاقية تضمنت بنوداً تنتهك بشكل فاضح السيادة القطرية، وتهدر حقوق وكرامة القطريين.
- اتفاق سري بين أنقرة والدوحة.. هل تصبح قطر المحافظة التركية رقم 82؟
- اتفاق نشر الجنود الأتراك في قطر.. غموض متعمد لإحكام قبضة أردوغان
واعتبر الخبراء، في حديث خاص مع "العين الإخبارية"، أن الاتفاقية تستهدف فقط حماية الأسرة الحاكمة في الدوحة، حتى وإن كان المقابل التخلي عن سيادة قطر على أراضيها.
وكشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي، ومقره في العاصمة السويدية ستوكهولم، مؤخرا، عن تفاصيل الاتفاقية العسكرية "السرية"، التي بموجبها تتمكن أنقرة من نشر جنودها على الأراضي القطرية، دون أن تحدد مستوى تلك القوة، حيث تنص المادة الثانية على أن "تركيا سترسل قطعا جوية وأرضية وبحرية إلى الإمارة الصغيرة، دون تحديد أي عدد".
كما لا تجيز الاتفاقية أن يتم اللجوء إلى أي طرف ثالث، سواء كان دولة أو منظمة دولية، من أجل فض المنازعات أو الخلافات التي يمكن أن تنشأ عنها.
عقد إذعان
واعتبر اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري والخبير الاستراتيجي، أن الاتفاقية "عقد إذعان" بين "دولة ضعيفة تستنجد بدولة أخرى لحماية الجرائم الإرهابية التي ترتكبها"، مؤكدا أن "في هذه الحالة تملي الدولة الأخرى شروطها على الإمارة الصغيرة، بما يحقق مصالحها وأطماعها الإقليمية".
وشدد الخبير العسكري المصري، في تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، على أن مثل تلك الاتفاقيات يعد انتهاكا واضحا لسيادة الدول، لكنه استدرك "لا توجد أصلا سيادة قطرية فهي دولة تابعة تستمد حمايتها من الخارج منذ سنوات"، وقال "إن الدوحة أصبحت حاليا عبارة عن أسرة حاكمة تتحكم في مصير القطريين".
ولفت بخيت إلى أن نص الاتفاقية عدم خضوع جميع الجنود الأتراك الموجودين على الأراضي القطرية للقانون المحلي، حال ارتكاب أي منهم مخالفة أو جريمة، وامتثالهم فقط أمام القضاء التركي هو "إهانة وإهدار لكرامة الشعب القطري، المنتهكة حقوقه بالكامل والمنهوبة ثرواته من قِبل الأسرة الحاكمة"، معتبرا أن "الاتفاقية هي حلقة من مسلسل حلقات الفساد في الدوحة".
ووفقا للمادة الخامسة من الاتفاقية، فإن "الجمهورية التركية هي صاحبة الاختصاص القضائي فيما يتعلق بمواطنيها في حالات وقوع أي جريمة".
في السياق ذاته، قال اللواء الدكتور نبيل فؤاد، أستاذ العلوم الاستراتيجية، إن "أي اتفاقية تتم لا بد أن تكون بإرادة الطرفين، وأن تحقق التوازن بين حقوق وواجبات كل طرف، وهو أمر غير محقق في مثل تلك الاتفاقية".
واعتبر فؤاد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أنه "حتى وإن كانت الدولة صغيرة، مثل قطر، فإنه ليس من الطبيعي أن يكون هناك مثل هذا التجاوز والتدخل الواضح في السيادة"، مشيراً إلى أن الشعب القطري له الحق الكامل في تحديد موقفه من ممارسات الأسرة الحاكمة.
دعوة احتلال
من جهته، قال الدكتور نبيل حلمي، أستاذ القانون الدولي العام بإحدى الجامعات المصرية، إن "مثل هذا الاتفاق ينتهك السيادة القطرية بالطبع"، موضحا أنه وفقا للقانون الدولي السائد فلأي دولة أن تستعين بجنود دولة أخرى في حمايتها من خطر محدق عليها، أو أن تقتطع جزءا من أراضيها لنشر جنود دولة أخرى بغرض حمايتها، لكن ذلك قد يكون مقبولا لفترة مؤقتة كحالة حرب أو صد عدوان، وهو أمر غير متحقق في الاتفاق القطري التركي.
وأضح حلمي لـ"العين الإخبارية" أن "الاتفاق يجعل سيادة الدوحة منقوصة على أراضيها، خاصة أن التنازلات القطرية لم تكن بالتبادل بين البلدين، فهي لن تمارس نفس السلطات على أنقرة، ومثل تلك الحالة أمر غريب في القانون الدولي في الوقت الراهن".
ووصف حلمي الاتفاقية بأنها "دعوة قطرية لاحتلال أراضيها"، أو تبعية اختيارية تنتقص من السيادة.
وشدد على ضرورة أن تكون هناك مراعاة لتهديد أمن الدول المجاورة، عبر مثل الاتفاقيات، داعيا الدول العربية، خاصة الخليجية، إلى الالتفات للخطر التركي.
واستطرد: "سيادة الدولة من سيادة الشعب، ولا شك أن حكام قطر بذلك ينتهكون سيادة شعبهم، نظير بقائهم في السلطة".
وتنص الاتفاقية العسكرية الموقعة بين الدوحة وأنقرة على إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر، وتدريب قوات الأمن، عبر إجراءات تضمنت تحويل عشرات الجنود الذين كانوا موجودين على الأراضي القطرية فعليا إلى آلاف الجنود الأتراك تتراوح أعدادهم ما بين 3000 إلى 5000.
كما شمل الاتفاق العسكري تسخير كل الأجواء والموانئ والمعسكرات والطائرات والمجال الجوي القطري تحت إمرة القوات التركية، وتوفير دعم مالي سريع قُدّر بنحو 8 مليارات دولار.
ووفقا للدكتور محمد عبدالقادر خليل، مدير برنامج تركيا بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإنه في أعقاب إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (الإمارات والسعودية والبحرين ومصر) قطع علاقاتها مع الدوحة، قامت أنقرة بتشكيل غرف عمليات أمنية ودبلوماسية تبنت سياسات استهدفت وأد أي تحركات غير تقليدية، سواء على الساحة الخليجية أو الداخلية القطرية، بغرض الحفاظ على معادلة الحكم القطرية القائمة.
aXA6IDE4LjExOC4wLjQ4IA== جزيرة ام اند امز