لا يمكن إيجاد تعويض عن عقل استخدم لخيانة وطنه، وأوكلت إليه مهمة غريبة عن اهتمامات بلاده ووضع أمام إحراج مأساوي لا مخرج منه.
وتخلى عن حضارته التاريخية لينخرط في عالم مغاير لكل إنسانيته، وليس له وظيفة أخرى سوى إعادة إنتاج وعي ممزق وتعميق الشعور بالفصام والقطيعة، لينتمي إلى تنظيم الإخوان الإرهابي، ويتآمر ضد أمته، ويواصل مهامه مع قادة التنظيم المتورطين في تحالفات دائمة قررت مصيره.
واسترعى انتباه وسائل الإعلام سرعة جماعة الإخوان الإرهابية، إلى الاحتفاء بفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة أميركا، على اعتبار إحداث تغيير جذري في السياسات الأميركية تجاه الجماعة، واعتقاد خائب أن بايدن شغل منصب نائب الرئيس خلال فترة تولي أوباما على مدار 8 سنوات (2009- 2017) سيصغي إليهم، علما أنَّ سياسة بايدن ستتماشى مع التطور الذي حدث بالمنطقة وليس مع رغبات الإخوان، وتحالفات أميركا قائمة مع مصر بدرجة كبيرة.
وهذه المستويات من التوجه المظلم تكشف عن خبث هذا التنظيم وتدميره للعقل، أي إلى التدمير المتبادل، فهم صرعى التناقض والصراع، وتبني كل القضايا الشائكة ويحملون على عاتقهم 50 ملفاً يتعلق بأوضاع الجماعة الهاربين في تركيا - الجماعة التي انتهجت القتل لكل من يعارضها -، لاسيما قضايا سجناء التنظيم، لتقديمها للإدارة الأميركية الجديدة، في محاولة للتأثير على قرارتها بخصوص الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من تشرد هذه الجماعة في تركيا وإيران وفي أوروبا يسيطر التنظيم على أدوات إعلامية كبرى ذات نطاق إقليمي وعالمي، علاوة على توظيفه لأدوات التواصل الاجتماعي لخلق حالة مستمرة من الفوضى في البلدان العربية وخاصة توجهه لمصر. فهذا التنظيم الشرس الذي أحرق أرض العرب في ربيعه المدمر، ما زال يحلم حتى بعد أن سقطت عنه ورقة التوت، وأصبح في العراء مكشوفاً للجميع، وكلما زاد شغفهم بالسلطة ازداد شغفهم بالتدمير والقتل والذبح. لذا فإنَّه يتحتم على الجماهير العربية التنبه لمخربي أوطانهم وقاتلي شبابهم، ومشردي أسرهم ومدمري مستقبلهم ألا وهم جماعة الإخوان المجرمة. فلا يمكن بناء دولة حديثة مدنية ما دام هذا التنظيم قائماً.
فكل أزمة تاريخية تحمل في طياتها ندوبا عميقة في وجه الزمان لتشوه ملامحه، وتزداد وسائله حدة وعنفا، فالمواقف المعادية واستخدامها السوقي لغايات الصراع والجنوح نحو سياسات الانكفاء على الولاء الخارجي، ومنازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، استدعت بيانا شديد اللهجة أصدرته هيئة كبار العلماء السعودية أعلى هيئة دينية في البلاد، وصنفت فيه جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، وأنها «تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي الاسلام، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب».
ولا يماثل هذه الأزمة إلا تلك التي فجرها «الإخوان» بقائمة من القتلى والاغتيالات كوسيلة للوصول إلى أهدافٍ سياسية مُعيَّنة، وكان من تلك القائمة اغتيال الوطني الكبير محمود فهمي النقراشي عام 1948، رئيس وزراء مصر، ورئيس حزب السعديين بعد اغتيال رئيسه السابق أحمد ماهر، والاثنان من الوطنيين المشهود لهم بالمواقف الوطنية الجليلة. ومحاولة قتل عباس محمود العقاد لاختلافه معهم في الرأي.
وكما هو الحال دائماً تتغير الأزمنة وتتطور ويتطور معها الفكر السياسي، باستثناء «الإخوان»، يبقون كما هم متآمرين طلاب سلطة. تخطّى الإرهاب الذي تمارسه الميليشيات الإخوانية حدود المعقول في العديد من الدول العربية وأوروبا، وتظل جرائم العنف والأوجه المتعددة للإرهاب حول العالم في ملف «الإخوان» الإجرامي ليتم وضعها بجانب الفئات الأوسع من الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة