بعد ألف يوم من المقاطعة العربية.. خسائر قطر تفوق التريليون دولار
الخبراء قدروا خسائر الشعب القطري نتيجة سياسات حكومة تميم تشمل صفقات أسلحة وتمويل تنظيمات إرهابية بمئات المليارات من الدولارات
قدر مراقبون وخبراء، خسائر الاقتصاد القطري بعد 3 سنوات على قرار المقاطعة العربية بما يفوق التريليون دولار، وأكد المراقبون، أن هذه الخسائر تشمل الخسائر الفعلية، والمكاسب التي فاتت شركاتها، بالإضافة إلي قيام الدوحة بعقد صفقات أسلحة بمئات المليارات الدولارات تفوق احتياجاتها لتحاول فك عزلتها، أو لتمويل الجماعات الإرهابية التي تدعمها.
ووجدت الدوحة نفسها نتيجة سياسة المكابرة والعناد والارتماء في أحضان إيران وتركيا اللتين تعاملا مع ورطتها بمنطق الغنيمة، في أزمة هي الأسوأ في تاريخها.
ويعود حجم الخسائر الكبير لارتفاع هائل في مستوى التضخم، وهروب الاستثمارات الأجنبية وتحول كبرى الشركات من المكاسب الهائلة لخسائر غير محتملة، بالإضافة للتداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".
المصارف وحدها فقدت نحو 40 مليار دولار من الودائع الخاصة، وصعد إجمالي الدين العامّ إلى أكثر من نصف تريليون ريال قطري.
وقطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو/حزيران 2017 العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر، بسبب دعم الدوحة للإرهاب، ما أثر على اقتصادها سلبا ومؤشراتها وقطاعاتها كافة، وأدى إلى تخارج نقد أجنبي واستثمارات، وتعثر مشاريع.
الأزمة الأسوأ
وتؤكد البيانات الرسمية، أن قطر تعاني من أزمة سيولة واستنزاف للمالية العامة بسبب نفقات منشآت مونديال 2022 وحملة علاقات عامة مكلفة للغاية لتلميع صورتها في الخارج التي لطختها الارتباطات المشبوهة بجماعات إسلامية متطرفة.
وتزعم الإمارة الخليجية الصغيرة أن اقتصادها نجح في التكيف مع المقاطعة وأنه قادر على الصمود، لكن الواقع بمنطق الأرقام يشير إلى عكس ذلك ويؤكد وفق بيانات محلية ودولية صادرة في العام الماضي وبدايات العام الحالي أن الوضع أسوأ بكثير مما تقدمه الرواية الرسمية.
تدهور كبير
وفقا لتقديرات وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، يمر الاقتصاد القطري بأسوأ حالة له منذ المقاطعة العربية للدوحة في 2017.
وقالت "فيتش" في مذكرة بحثية إن هناك تدهوراً كبيراً في الركائز الاقتصادية القطرية خلال العام الراهن 2020، عما كانت عليه في العام الماضي.
وفيما يتعلق بموازنة البلاد، أوضحت "فيتش" أن هذا التدهور دفعها لتعديل توقعاتها للموازنة القطرية من تسجيل فائض بنحو 2.1% إلى تكبد عجز قدره 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2020.
وأشارت إلى أن عائدات قطر من النفط والغاز التي تشكل 80% من إيرادات البلاد ستنخفض بواقع 50% هذا العام، على خلفية تداعيات فيروس كورونا "كوفيد 19".
18مرة في 6 أشهر
ومنذ بداية عام 2020، أي في أقل من 6 أشهر، لجأت الدوحة للاستدانة من بوابة الأذونات 18 مرة من أجل توفير نفقاتها الجارية بالعملة المحلية، حيث تشهد المالية العامة انخفاضًا حادًّا، مع تراجع الإيرادات المالية بشكل كبير.
ووصل إجمالي قيمة الأذونات المحلية الصادرة عن الحكومة من خلال البنك المركزي القطري، نحو 3.6 مليار ريال أي ما يعادل 995 مليون دولار أمريكي خلال العام الجاري 2020.
انهيار الخطوط القطرية
وأقرت الخطوط القطرية على لسان رئيسها التنفيذي أكبر الباكر بأنها تواجه وضعا صعبا مع استمرار تسجيلها لخسائر لم تتوقف منذ قرار المقاطعة العربية في الخامس من يونيو/حزيران 2017.
وتضاعفت خسائر الناقلة الجوية القطرية بنحو 8 مرات خلال العام المالي المنتهي في 31 مارس/آذار الماضي، لتبلغ 640 مليون دولار ارتفاعا من خسائر بلغت في 2019 حوالي 69.55 مليون دولار، وفق مجلة "فوربس".
ومثلت الخسائر التراكمية للشركة بنهاية السنة المالية أيضا نحو 9.1% من رأسمالها مقابل 4.5% بنهاية السنة المالية المنتهية في مارس/آذار2018
وتعتزم الخطوط الجوية القطرية تقليص أسطولها من الطائرات بمقدار الربع، وفقاً لما كشفته وكالة رويترز، مشيرة إلى مستقبل غامض لعمليات الشركة ما بعد الجائحة.
وأوضحت رويترز أن الخطوط القطرية أوقفت جزءاً من أسطول طائراتها وأعادت طائرات أخرى إلى المؤجرين وخفضت رحلاتها، في مؤشرات على المستقبل غير المستقر للشركة.
تراجع السياحة
وبسبب ارتباطات قطر بجماعات متطرفة وأيضا بفعل تأثيرات تفشي فيروس كورونا في الإمارة الخليجية الصغيرة، لم تعد الدوحة وجهة سياحية مفضلة على خلاف ما كان عليه الوضع قبل قرار المقاطعة.
وأظهرت بيانات وزارة التخطيط والإحصاء القطرية مؤخرا، انخفاض أعداد السياح الوافدين إلى قطر خلال الأربعة أشهر الأولى من العام 2020، بنحو 30.6% على أساس سنوي.
تفاقم الديون
كما أظهرت بيانات البنك المركزي القطري ارتفاعا في ديون الدوحة الخارجية خلال السنوات الماضية، وهي واحدة من المؤشرات على حجم الضغوط المالية التي تفاقمت منذ قرار المقاطعة العربية والخليجية قبل 3 سنوات.
ومع تصاعد الالتزامات المالية لقطر، اضطرت الحكومة إلى اللجوء في السنوات الأخيرة إلى الاقتراض ما فاقم الأعباء المالية للدين الخارجي الذي ارتفع إلى مستويات قياسية عند 55 مليار دولار بنهاية العام 2019، مقارنة بـ43.4 مليار دولار في العام 2018 بنمو سنوي بنحو 25.34%، أو ما يعادل نحو 11 مليار دولار.
وبحسب ما تشير إليه بيانات المركزي القطري، فإن ديون قطر الخارجية قفزت في السنوات العشر الأخيرة حتى نهاية 2019 بنحو 179%، معظمها منذ قرار المقاطعة.
تراجع الميزان التجاري
وتظهر بيانات رسمية أيضا تراجع فائض الميزان التجاري السلعي لقطر في أبريل/نيسان الماضي بنسبة 66.9% على أساس سنوي، في ظل تداعيات فيروس كورونا المستجد.
وبحسب بيان وزارة التخطيط والإحصاء القطرية فإن الميزان التجاري (الفرق بين إجمالي الصادرات والواردات) خلال أبريل/نيسان الماضي، سجل فائضا بقيمة 1.18 مليار دولار انخفاضا من 3.57 مليار دولار في الفترة نفسها من العام 2019.
وتراجع الفائض التجاري لقطر 16% في 2019 إلى 44.4 مليار دولار مقارنة مع 53 مليار دولار في العام 2018.
الدوحة "غنيمة" لطهران وأنقرة
وسارعت قطر إلى الارتماء في حضن إيران وتركيا، واللتان تشكلان منذ عقود خطرا متربصا بمنطقة الخليج خاصة والمنطقة العربية عموما ضمن طموحات التمدد المحكومة بالمطامع التوسعية والأجندات الإيديولوجية.
والعلاقات بين الدوحة من جهة وطهران وأنقرة من جهة ثانية قائمة سرا وعلانية، إلا أنها تعززت خلال سنوات المقاطعة، فقطر التي وجدت نفسها في عزلة بعد غلق المنافذ الجوية والبحرية والبرية وهي شرايين حيوية للاقتصاد القطري، هرولت إلى تركيا وإيران بحثا عن بدائل حتى لو كانت مكلفة سياسيا واقتصاديا.
لكن سياسة الهروب إلى الأمام التي انتهجتها القيادة القطرية، أوقعتها في فخاخ منطق الغنيمة التي تعاملت على أساسه كل من طهران وأنقرة.
ووجدت الدوحة نفسها فريسة للأطماع الإيرانية والتركية، فإيران التي تئن تحت ضغوط اقتصادية ومالية شديدة بفعل العقوبات الأمريكية، كانت في حاجة ملحة لمنفذ مالي ينفس أزمتها الاقتصادية.
أما تركيا التي يواجه اقتصادها حالة من الركود وتعرضت عملتها الوطنية لموجة هزات عنيفة خلال السنوات الأخيرة بفعل سياسات رئيسها رجب طيب أردوغان وتدخلاته العسكرية الخارجية في كل من سوريا وليبيا وخصوماته المجانية مع الحلفاء والشركاء الغربيين.
وعلى هذا الأساس تعزز التحالف القطري الإيراني والقطري التركي، فقد استغل أردوغان ورطة قطر لتوقيع اتفاقيات تجارية وعسكرية خففت من وطأة الأزمة الاقتصادية في بلاده.
كما منحته هذه الاتفاقيات فرصة إيجاد موطئ قدم في الخليج من خلال بناء وتوسيع قاعدة عسكرية في الدوحة وتصدير منتجات تركية للسوق القطري وهو ثمن يعتقد الرئيس التركي الذي يتعامل بمنطق البراغماتية أن على الدوحة دفعه.
وقد سارع أردوغان لإعلان دعمه لقطر وحاول تأجيج الخلاف بينها وبين دول المقاطعة، حتى لا يخسر مصدرا يمكن الاستفادة منه لإنعاش الاقتصاد التركي المتعثر وممولا مهما لتدخلاته العسكرية في سوريا وليبيا.
وبالفعل تعهدت قطر بضخ استثمارات بنحو 15 مليار دولار لدعم استقرار الليرة التركية التي هوت في أكثر من مرة إلى هوة عميقة.
كما تشير تقارير غربية إلى أن أنقرة طلبت من الدوحة التكفل بتمويل نقل مرتزقة من الفصائل السورية المتطرفة الموالية لتركيا، إلى الغرب الليبي لدعم حكومة الوفاق الوطني في مواجهة هجوم يشنه الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب.