التسامح في أي مجتمع هو تقدير للتنوع الثقافي، وهذا ما يميزنا في دولة الإمارات وتسعى قيادتنا الرشيدة لتعزيزه في مجتمعنا
إن التسامح هو القيمة التي يحثنا عليها ديننا الحنيف، فالتسامح صفة عظيمة، سهلة التعلم لكنها صعبة التطبيق، ويكاد البعض لا يفرق بين التسامح والتنازل، فيظن بأن التسامح هو تنازل عن حق أو قيمة، فيراها صفة مهينة، وهذا الفهم السلبي لمفهوم التسامح هو الذي يؤدي إلى التعصب والعنصرية والكره، كلما اجتاحت هذه الصفات مجتمعا قادته إلى الظلمة والفرقة، ولا نبالغ إن قلنا إنها إحدى الطرق التي تؤدي في أقصى حالاتها للجرائم والإرهاب، فأغلب جرائم الإرهاب تكون ذات دافع ديني أو طائفي، ومن ثم تأتي الدوافع على المستوى الفردي نتيجة تعرض الشخص لأذى نفسي وأسباب عنصرية متعلقة بلون أو أصل، هذه العوامل التي تخلق مجرمين كانوا يوماً ما أسوياء ولكنهم ترعرعوا في مجتمعات لا تفقه معنى التسامح وما تحمله هذه الكلمة من سلوكيات مقتبسة من صلب جميع الأديان والثقافات، كتقبل الآخر وبناء جسور التواصل والسلام بين جميع الأديان والطوائف، فالإنسانية هي التي تجمعنا بغض النظر عن الديانة أو العرق أو الأصل وحتى الفكر إن اختلف، كما أن اختلاف الفكر أيضاً لا يمنع من التحاور والتقارب البشري للسعي من أجل الأمن والسلام، فالتسامح هو أحد رواسي ومقومات الأمن في أي بلد.
التسامح في أي مجتمع هو تقدير للتنوع الثقافي، وهذا ما يميزنا في دولة الإمارات وتسعى قيادتنا الرشيدة إلى تعزيزه في مجتمعنا، ابتداء بوزارة التسامح الأولى من نوعها في العالم ووصولاً لتسمية عام 2019 في الإمارات بـ"عام التسامح"
أن تتسامح يعني أن تحترم حقوق وحريات الآخرين دون أن تتنازل عن قيمك ومبادئك، ودون أن تقلل من حق الطرف الآخر ودون أن تنقص من حق أحد لدينه أو عقيدته، فالتسامح في أي مجتمع هو تقدير للتنوع الثقافي، وهذا ما يميزنا في دولة الإمارات وتسعى قيادتنا الرشيدة إلى تعزيزه في مجتمعنا، ابتداء بوزارة التسامح الأولى من نوعها في العالم، ووصولاً لتسمية عام 2019 في الإمارات بـ"عام التسامح"، لتضع الإمارات اسمها على قمة هرم التسامح العالمي، تحقيقاً لرؤية الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي طالما ردد كلمة التسامح والاحتواء وتقبل الآخرين دون تعصب لدين أو عرق، ولنا أن نستحضر مقولته «لولا التسامح ما أصبح صديق مع صديق، ولا شقيق مع شقيق، فالتسامح ميزة».
ونحن في دولة الإمارات.. وفي هذه الأيام تحديداً نتطلع لحدث تاريخي يجسد قيمة التسامح ولقاء الأخوة الإنسانية باستقبال بابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس في العاصمة أبوظبي، ويأتي هذا اللقاء تتويجاً لنهج دولة الإمارات عبر تبني التسامح ليكون أسلوب حياة لنا وللأجيال القادمة، كما أن تنظيم مثل هذا المحفل في الإمارات ليس بالمرة الأولى، ففي عام ١٩٧٤ وجه والدنا الشيخ زايد ببناء ثلاث كنائس تخدم الطوائف المسيحية، وتوجه الأب أثناسيوس بعدها لأبوظبي لإقامة صلاة القداس الإلهي للأقباط، وفي عام ١٩٩٥ استقبل والدنا زايد البابا شنودة الثالث في أول زيارة له لدولة الإمارات والخليج العربي.
فالتسامح في نهج زايد واجب، وهذه القيمة هي إرث القائد المؤسس الذي أنتج مجتمعاً وسطياً معتدلاً بلا كره أو تعصب.
رحم الله باني الوطن الذي أنار لنا هذا الطريق، ونحن على نهجه سائرون.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة