كانت مصر، ولا تزال، عربيةَ العنوان والمشروع والهدف.
على الرغم من مرورها بكثير من الصعاب، ولكنها عصيةٌ على المِحن، لتعود إلى دورها المنوط بها، ومصر اليوم، بعد تغلبها على المشروع الذي أراد حرفها عن مسارها، تعود بجدٍّ أكبر إلى مسارها الحقيقي في الطريق العربي وبناء مشروعه والدفاع عنه ضد أي مشروعٍ من شأنه هدم دعاماته، ولذلك تجد مصر تنافح عن الدور العربي على الأصعدة كافة، وخير دليلٍ على ذلك:
أولاً: التكامل مع السياسة العربية الموحدة مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فمنذ نهوض مصر وطيِّها صفحة أخونة الدولة، واجتياز المرحلة الصعبة بعودتها إلى مسارها الوطني والقومي، أعلنت وقوفها سياسياً ودبلوماسياً، وحتى عسكرياً، ضد كل ما من شأنه المساس بأمن محيطها العربي، أو يحاول العبث باستقراره، فكانت جنباً إلى جنبٍ في كل القضايا العربية العالقة مع السياسة العربية، التي تقودها كل من "الرياض" و"أبوظبي"، سعياً لإحلال السلام وتجنب الصراعات الدامية والحفاظ على الدور العربي الفاعل، كما في سوريا وليبيا والعراق، بالإضافة إلى تفعيل الكتلة العربية وإعطائها الزخْم الحقيقي لئلا تُستثنى المصالح العربية العليا في التفاهمات الدولية، في ظل انتهاز المشاريع المعادية هذه الفرص للظهور والنمو على حساب الكيان العربي، مستغلةً الأزمات العربية ومآلاتها.
ثانياً: شدّت مصر من أزْر السياسة العربية بتفعيل مقوماتها، لا سيما الجامعة العربية، ما أدى إلى تماسكها وتكاملها مع المصلحة العربية العليا في السلام والاستقرار والأمن، فكانت عوناً لمجلس التعاون الخليجي في كل الأزمات التي تصدَّى لها على المستوى الداخلي لمجلس التعاون، وعلى المستوى العربي والتعامل مع القضايا العربية، الأمر الذي أعاد للسياسة المصرية بريقها وفعاليتها وحقيقة مبتغاها بأنه لا مجال ولا مكان للمساومة على الأمن العربي، أو انحراف المسار عن متطلباته مهما كانت المعوقات التي تقف في طريقه، وبكونها تدعم السياسة العربية الموحدة وسياقها في التعامل مع الأزمات التي تعترض سبيل نهضتها وتكاملها.
ثالثاً: عادت مصر إلى التأثير الفاعل في محيطها العربي والإقليمي، بل وحتى الدولي، ولا أدلَّ على ذلك من استطاعتها احتواء الصراع الأخير في فلسطين، والتوصل إلى اتفاقٍ برعايتها أفضى إلى التهدئة ووقف إطلاق النار، على الرغم من أنّ المبادرات الدولية التي سبقتها كانت كثيرة، والدعوات متواترة، ولكن وحدها المبادرة المصرية التي استطاعت إيصال الطرفين إلى تفاهمٍ أدى إلى وقف القصف، ووضع الحروف الأولى لتسوية طويلة الأمد تجنب المنطقة مزيدا من التوترات وأعمال العنف في المستقبل.
كل ذلك يجعل مصر اليوم تثبت كونها على السكِّة الصحيحة، السكة العربية التي لا تحيد عن متطلبات المصالح العربية المشتركة وحمايتها من كل مشروع يريد لها أن تكون في آخر الحسابات، كما أن مصر اليوم أقوى من السابق وأعتى في مواجهة هذه المشاريع التي تبيَّن سوء مَكرها بالعرب والعروبة، لذلك فإنّها اليوم مصر الجديدة، مصر الداعمة والمساندة قولاً وفعلاً للعرب وقضاياهم العادلة، ما جعل للمعادلة العربية رقما صعبا في وجه كلّ من يريد بها شراً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة