ضابط مرور داخل خلايانا.. أدوية ذكية تفتح المسار النافع وتغلق الضار
تخيل مدينة مزدحمة بشبكة طرق، ويمكنك بضغطة واحدة على زر التحكم المركزي تشغيل جميع الإشارات الخضراء في وقت واحد، فتحدث فوضى.
هذا يشبه الكثير من الأدوية الحالية، إذ تُفعل مسارات علاجية مفيدة، لكنها في الوقت نفسه تفتح مسارات أخرى تُسبب آثارا جانبية.

الآن تخيل وجود ضابط مرور يستطيع التحكم في كل إشارة مرور على حدة، بحيث يفتح الطريق المناسب فقط، ويُبقي الطرق الأخرى مغلقة.
هذه هي الفكرة الثورية التي توصل إليها العلماء في جامعة مينيسوتا، وهي تصميم جزيئات تعمل كمنظم ذكي داخل الخلايا، تُوجه الإشارات الصحية وتوقف الضارة، بدقة غير مسبوقة.
وكشفت دراسة جديدة منشورة في مجلة "نيتشر" أن باحثين ابتكروا جزيئات تُسمى "لاصقات جزيئية" و"حواجز جزيئية" قادرة على توجيه مستقبلات "GPCR"، وهي أكثر مستقبلات الخلايا نشاطا والأكثر استهدافًا بالأدوية، لتعمل بطريقة أقرب إلى نظام ملاحة ذكي داخل الجسم.
وتقليديًا، تهاجم الأدوية هذه المستقبلات من خارج الخلية، فتفتح مسارات متعددة قد تفيد المريض لكنها قد تجلب آثارًا جانبية أيضًا، لكن هذه الجزيئات الجديدة تدخل الخلية نفسها وتتعامل مع المستقبلات من الداخل، فتختار بدقة المسارات المفيدة فقط، وتمنع الضارة.
وقالت الباحثة الرئيسية الدكتورة لورين سلوسكي: "لم يكن واضحا كيف يمكن تصميم دواء يفعل إشارة علاجية محددة دون غيرها، والآن أصبح ذلك ممكنا".
وباستخدام نماذج كيميائية دقيقة، تمكن الفريق من تصميم مركبات تُغير سلوك المستقبلات بطريقة يمكن التنبؤ بها، ما يمهد الطريق لعقاقير تُعالج الألم المزمن والإدمان دون مخاطر الآثار الجانبية المعتادة.

لماذا يهمنا هذا الاكتشاف؟
هذه التقنية قد تُحدث تحولا طبليا كبيرا لأنها تُعالج المرض دون الإضرار بالجسم، وتُتيح تصميم أدوية دقيقة بدلًا من محاولات عشوائية، وقد تُفيد في علاج أمراض كثيرة لانتشار مستقبلات "GPCR" في الجسم، فنحن أمام خطوة مهمة نحو "طب ذكي" يُشغل فقط المسار العلاجي المطلوب، لا أكثر ولا أقل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTA5IA== جزيرة ام اند امز