"لم يعُد إصلاح التعليم مناسبًا.. لا بدَّ من التحوُّل الجذري في التعليم".
عبارة تردَّدت كثيرًا في أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" خلال المؤتمر التحضيري لقمة تحويل التعليم 2022، الذي عُقِد على مستوى وزراء التربية والتعليم في 28-30 يونيو الماضي، وحضره أكثر من 150 وزيرًا من شتَّى دول العالم، والمئات من التربويين وخبراء التعليم، ويُعَدّ تمهيدًا لقمة تحويل التعليم، المقرر عقدها في النصف الثاني من سبتمبر المقبل في مقر منظمة الأمم المتحدة بنيويورك.
وبالرغم من أن محاور المؤتمر الرئيسية هي الدمج، ومهارات التعلم والتعليم الإلكتروني، إضافة إلى ميزانيات التعليم، فإن كلمة "معلّم" كانت المحور الذي كثر الحديث عنه في المؤتمر: لماذا المعلم؟!
تتمحور عملية التربية والتعليم حول التلاميذ، وهذا أمر منطقي، فالدول التي ترصد ميزانيات ضخمة للتعليم تتطلَّع إلى تحقيق أهدافها، المتمثلة في تخريج أجيال مستعدّة للمستقبل ولحياة أفضل.
وتتلخص فلسفتي الخاصة في أنه كلما قرُب الإنسان من التلاميذ كان الأَوْلى برعايتنا، ولأن المعلم هو ذلك الإنسان، فإن اهتمام الدول به مؤشر إلى نجاحها في تحقيق أهدافها، وكلما انشغلت عنه بأمور أقلّ أهميةً، ابتعدت أكثر عن تحقيق مرادها، ذلك أن المعلم هو خبير التعليم، الذي يعيش في الميدان الحقيقي للتربية، فإذا أُهمِل، فلن تنجح عمليات التطوير والتحول في التعليم.
وعندما نتكلَّم عن المعلم في المؤتمر التحضيري، وفي القمة التعليمية المقبلة، فإننا نُركّز في تقاريرنا وتوصياتنا على نقاط تجعل المعلم قادرًا على تأدية مهامه بصورة أفضل، وأستطيع تلخيص التوصيات في كلمتين اثنتين، هما "التمهين" و"التمكين".
أولا- تمهين التعليم:
يُقصَد به تحويل كلّ دولة المدارسَ فيها إلى بيئة تجمع عددًا من أهل الاختصاص، بقصد تحقيق طموحاتها وأهدافها الاستراتيجية، وهذا لن يتحقق في مجتمعاتٍ التدريسُ فيها مهنة مَن لا عمل له، أو في مجتمعاتٍ يذهب إلى كليات التربية فيها مَن ليس له نصيبٌ في الالتحاق بكليات أخرى.
ولنتصوَّر أن المدرسة كالمستشفى، فكم منا سيُعالَج في عيادةٍ، الطبيبُ فيها ليس مؤهّلا أو غير مرخص له القيام بدوره؟!
إن تمهين التعليم لن يتحقَّق إلا بتطبيق رخصة التدريس "المعلم"، وهو ما طبَّقته وزارة التربية والتعليم الإماراتية، إذ ألزمت جميع معلمي المدارس، الحكومية والخاصة باختلاف مناهجها، الحصول على رخصة المعلم قبل مزاولة التعليم في مدارس الدولة.
ولهذه الرخصة متطلباتٌ خاصة قبل الالتحاق بمهنة التدريس، وشروط للاستمرار فيها، من أهمها التطوير المستمر للمعلم، وتدريبه في أثناء ممارسة عمله.
ثانيًا- تمكين المعلم:
يتلخَّص في جعل المعلم شريكًا في تخطيط عملية التعليم، وليس مجرد منفذ لخطط يصنعها غيره، لأنه الأدرى بما ينجح عمليًّا في المدارس، وما هو نظريات وفلسفات غير واقعية.
وإضافة إلى ذلك نحن بحاجة إلى سلَّم رواتب يتيح للمعلم ترقياتٍ مستمرة وهو في المهنة، فلا يضطر إلى تغيير مساره كي يزيد دخله، ويُحسّن حالته المعيشية.
وتوجد توصيات أخرى بالغة الأهميَّة خرج بها المؤتمر التحضيري، وستُعرَض في قمة تحويل التعليم 2022 المقبلة.
نقلا عن "مفكرو الإمارات"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة