رحيل المترجم المصري طلعت الشايب عن 75 عاما
جاءت الوفاة أثناء مشاركة الشايب في ندوة بصالون "التورجي" الثقافي بمدينة دمياط الجديدة حين داهمته أزمة قلبية مفاجئة
غيب الموت، الجمعة، المترجم المصري طلعت الشايب وجاءت الوفاة أثناء مشاركة الشايب في ندوة بصالون "التورجي" الثقافي بمدينة دمياط الجديدة حين داهمته أزمة قلبية مفاجئة نقل على أثرها إلى أحد المستشفيات غير أنه فارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى.
ونعى المترجمَ القدير اتحادُ كتاب مصر على لسان رئيسه د.علاء عبد الهادي الذي قال "تنعي النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ورئيسها الدكتور علاء عبد الهادي إلى جمهور المثقفين والمترجمين في مصر والعالم العربي رحيل الكاتب والمترجم المصري الكبير طلعت الشايب الذي وافته المنية مساء يوم الجمعة 31/3/2017 أثناء مشاركته في ندوة بصالون التورجي في دمياط، إذ كان يلقي محاضرة عن الترجمة ويستعرض تجربته الشخصية، وأصيب بعدها بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى مستشفى دار الحياة". كما نعاه المركز القومي للترجمة، على لسان مديره د.أنور مغيث، الذي كتب على صفحته الشخصية "خسارتنا كبيرة".
والشايب، كاتب ومترجم مرموق، من أهم وأشهر المترجمين العرب،، ومن أبرز المترجمين الذين أثروا المكتبة العربية بأعمال رائعة، ترجم الراحل الكبير العديد من الكتب من بينها كتاب "صراع الحضارات" لصامويل هنتنجتون. وما يزيد على ثلاثين عملا فكريا مهما مقدما بذلك نموذجا رائعا لدور المترجم صاحب المشروع الثقافي، ومتنقلاً من حدود إتقان اللغة إلى دور المفكر الذي يتقن الاستجابة للاحتياجات النظرية لحركة التطور.
من أشهر ما ترجم عن اللغتين الإنجليزية والروسية: "أدب الحرب الباردة: كتابة الصراع الكوني"، "الأبيض المتوسط: تاريخ بحر ليس كمثله"، "الاستشراق الأمريكي: الولايات المتحدة والشرق الأوسط منذ 1945" لدوجلاس ليتل، "نحو فهم للعولمة الثقافية"، وكتاب "المثقفون" للكاتب بول جونسون، و"الحرب الثقافية الباردة"، و"أصوات الضمير"، و"أن تتخيل قصة جديدة لحياتك"، و"بقايا اليوم" و"عارياً أمام الآلهة".. وغيرها الكثير.
كل ذلك فضلا عن ترجمته الشهيرة لكتاب "في طفولتي.. دراسة في السيرة الذاتية العربية"؛ وهي ترجمة ذات مذاق أدبي وسردي للأطروحة التي حصل بها الباحث السويدي تيتز رووكي على درجه الدكتوراه في الأدب العربي من جامعه ستوكهولم عام 1997، وتتناول مرحله الطفولة كما عبر عنها عدد من المبدعين العرب، عندما كتبوا سيرتهم الذاتية؛ مثل طه حسين وفدوى طوقان، ويقدم فيها الباحث دراسات حالة لعشرين عملا، كما يستخدم عددًا من النصوص المنشورة بعد ذلك كمراجع لأطروحته..
وفوق تمكن طلعت الشايب وتميزه في الترجمة عن الإنجليزية، فإنه كان يجيد الروسية منذ كان يعمل مع الجنرال الروسي الذي كان ضابط الاتصال خلال الستينيات بين الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وقيادة الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.
والشايب من مواليد المنوفية عام 1942، وكان يشغل موقع نائب مدير المركز القومي للترجمة (المشروع القومي للترجمة سابقا) وعرف عنه أنه إنسان خلوق ومتفان ومتواضع وخياراته في الترجمة محكمة وليس من هواة الظهور والنجومية في المشهد الثقافي وكان حريصا طوال الوقت أن ينأي عن المعارك وفي المشهد الثقافي أو في كواليسه وكان يرى أن الترجمة ليست ترجمة حرفية وحسب بل إنها تذوق وإبداع موازٍ للعمل الأصلي.
وكان الشايب صاحب رؤية مغايرة وعميقة لرسالة الترجمة كجسر للحوار الحضاري وأن ازدهارها يعني حدوث نقلةحضارية للشعوب وفق رؤيته التي كان يتبناها حيث كان يرى أن الترجمة في إحدى تجلياتها تعني معرفة الآخر والانفتاح عليه دون فقدان للهوية العربية، وعندما كانت أمتنا في أوج ازدهارها كان للترجمة مكانة خاصة وربما وضعتها الأمة في مقدمة الأولويات، وفي مرحلة الانتكاس تنتكس الترجمة ويتلازم الخوف مع الآخر من الانغلاق على الذات.