علاج التوحد لدى الأطفال.. الحل في يد الآباء
يمكن أن يلعب الآباء دورا مهما في تحسين نتائج علاج الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحّد.
ويكون ذلك بالحرص على الكشف والتدخل المبكرين، ولعب دور محوري في برنامج العلاج الشامل للطفل.
وقالت الدكتورة سينثيا جونسون أستاذة طب الأطفال ومديرة مركز التوحّد في كليفلاند التابع لمستشفى كليفلاند كلينك للأطفال، إن من المهم أن يكون الآباء على دراية بعلامات الإصابة باضطراب طيف التوحّد.
وأشارت إلى أن هناك برامج توعوية مفيدة للآباء تقدّم المعلومات والدعم، وبرامج تدريبية تعلّم استراتيجيات محدّدة ترمي للمساعدة في معالجة سمات الضعف الأساسية في التواصل الاجتماعي وتحسين السلوك المتداخل، مثل نوبات الغضب الشديدة واضطرابات النوم ومشاكل التغذية.
سمتان رئيسيتان للتوحد
وهناك سمتان رئيسيتان لاضطراب طيف التوحد يمكن تشخيصهما في العام الأول من عمر الطفل، أولهما: وجود عجز في الاتصال أو عجز في استخدام الاتصال اجتماعيا، كعدم القدرة على إجراء الاتصال البصري التقليدي بالعين وعدم استخدام الإشارات غير اللفظية مثل التأشير بالإصبع أو التلويح باليد، وثانيهما: وجود سلوكيات تقييدية أو تكرارية.
ويحدث التشخيص في العادة بعد إجراء مقابلات مع الآباء والمعلمين، وإجراء اختبارات خاصة بالتوحّد. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يُعاني طفل واحد من كل 160 طفلا تقريبا، على مستوى العالم، من اضطراب طيف التوحد.
تأخر النطق والتواصل
ودعت خبيرة الصحة النفسية الآباء، الذين لديهم أطفال صغار وأطفال في سنّ ما قبل المدرسة إلى تحرّي التأخر في النطق وفي تطوّر التواصل عند أطفالهم، موضحة أنّ الأعراض المحتملة يمكن أن تشمل عدم استخدام الإيماءات، والتكرار المتتابع للفظ العبارات والكلمات، والتقليد المحدود لأفعال الآخرين وعواطفهم، واللعب غير النمطي المتكرّر والمقيد، والانخراط في حركات متكررة مثل الخفقان باليد ونقر الأصابع، والحساسية المفرطة للصوت.
وأضافت: "كلما تمكنّا من تحديد اضطراب طيف التوحد في وقت مبكر، زادت قدرتنا على علاجه بسرعة والمساعدة في تجنّب تعرّض الأطفال إلى سلسلة من الاضطرابات أثناء نموهم وتطورهم في سنّ مبكرة".
علاجات تحليل السلوك التطبيقية
وتتسم برامج العلاج بالطابع الشخصي وتبدأ بعلاجات تحليل السلوك التطبيقية، التي يشار إليها غالبًا باسم "التدخل السلوكي المكثف المبكر"، بحسب مديرة مركز التوحّد في كليفلاند، التي أكّدت أن تركيز هذه العلاجات ينصبّ على السمات الأساسية لاضطراب طيف التوحّد، مثل الصعوبات الاجتماعية والتواصل، وعلى السلوكيات المتكررة والسلوكيات الأخرى، التي تتعارض مع سلوكيات الطفل الطبيعية.
وقد تكون العلاجات التكميلية كالعلاجات الوظيفية أو علاج النطق مناسبة أيضا، في حين أن الأدوية غالبا ما تستخدم لعلاج السلوكيات التخريبية، إضافة إلى ضعف الانتباه وفرط النشاط.
وأشارت الدكتورة جونسون إلى أن مرضى التوحّد أكثر عرضة من غيرهم من الأطفال للإصابة بالتشنجات والصرع ومشاكل الجهاز الهضمي والتغذية واضطرابات النوم والاكتئاب والقلق، مؤكّدة أن البرنامج الشامل سيكون كفيلا بعلاج هذه المشكلات بجانب علاجه لسمات التوحّد الأساسية.
توعية الآباء وتدريبهم
وتتضمّن الاعتبارات المهمة الأخرى في العلاج دمج توعية الآباء وتدريبهم في برنامج العلاج. وقالت الدكتورة جونسون في هذا الإطار: "رأينا دائما مدى فاعلية تدخّل الآباء لتحسين المهارات التنموية لأطفالهم وتطوير أدائهم العامّ؛ إذ أن برامج تدريب الآباء توجّههم إلى مبادئ تحليل السلوك التطبيقي وتقدّم لهم استراتيجيات دقيقة لحلّ مشكلات السلوك والتغذية والنوم، وغيرها من الأمور، ما قد يخفّف كثيرًا من تعب الآباء وتوتّرهم".
وأضافت: "يمكننا المساعدة في تحسين التفاعل بين الآباء والأطفال عبر سلسلة من الجلسات التعليمية والتدريبية للآباء وأطفالهم، كما يمكن مساعدة الآباء على وضع استراتيجيات تساعد الطفل اجتماعيا وتحدد سبل التعامل مع التحدّيات، التي تطرأ، مثلا، أثناء خروج الأسرة في نزهة".
وبالرغم من أن القيود، التي فرضتها الجائحة كانت صعبة جدًا على الأسر التي لديها طفل مصاب بالتوحد، فقد رأت الدكتورة جونسون أنها خلقت في المقابل فرصًا لتعزيز مشاركة الآباء بنجاح في التدخلات العلاجية، وانتهت إلى القول: "استطاع الآباء أن يلمسوا مدى فاعلية مشاركتهم في مساعدة أطفالهم على إتقان مهارات جديدة، فبإمكان الأسر أن تكون خير معين للأطفال على تعلّم المهارات المناسبة للنمو، وتعزيز استقلاليتهم، وتسخير قدراتهم الفريدة".
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xMCA= جزيرة ام اند امز