اضطراب طيف التوحد.. ضعف التواصل الاجتماعي مؤشر مبكر
توصلت دراسة جديدة إلى أن بعض الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد "ASD" قد يظهرون اختلافات في التواصل الاجتماعي مبكراً في عمر 9 أشهر.
وبالمقارنة مع أقرانهم الذين يتطورون بشكل نموذجي، قد يظهر الأطفال المصابون بالتوحد علامات مثل نقص التواصل البصري المناسب وعدم القدرة على الاستجابة للانتباه.
ومع ذلك، قد لا تكون هذه العلامات واضحة دائماً للآباء، ومن ثم فإن الحصول على المساعدة من المتخصصين من ذوي الخلفيات الخاصة بتنمية الطفل يمكن أن يريح المخاوف.
أيضاً تشير نتائج الدراسة إلى نافذة حرجة للتدخل المبكر المستهدف الذي يمكن أن يساعد الأطفال المصابين بالتوحد في الوصول إلى إمكاناتهم التنموية الكاملة.
التوحد في وقت مبكر من الطفولة
على الرغم من أن الكلام هو الشغل الشاغل للعديد من الآباء عند اكتشاف علامات اضطراب طيف التوحد "ASD"، فقد تكون هناك أشكال أخرى من التواصل يمكن أن تشير إلى التوحد في وقت مبكر من الطفولة، كما وجدت دراسة جديدة.
وتتطور مهارات التواصل الاجتماعي مثل نظرة العين وتعبيرات الوجه على سبيل المثال، بسرعة في السنة الأولى من حياة الأطفال، وبشكل أكثر تحديداً بين 9 إلى 12 شهراً.
وقد تمر المكاسب التنموية في هذه المهارات قبل أن يقول الطفل كلماته الأولى، أي بين 12 إلى 18 شهراً، دون أن يلاحظها أحد.
ونقل موقع "healthline" عن الدكتورة جيسيكا برادشو، الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة ساوث كارولينا والمؤلفة في الدراسة: "اختلافات التواصل الاجتماعي هي جزء من معايير التشخيص لاضطراب طيف التوحد".
وأضافت: "مع ذلك، لا نعرف كيف تظهر هذه الاختلافات في وقت مبكر من الحياة، فابتداءً من عمر 9 أشهر عادةً يستخدم الأطفال في مرحلة النمو نظرة العين وتعبيرات الوجه والأصوات والإيماءات للتواصل، كما يبدأون في إظهار مهارات اللعب المبكرة جداً في هذا العمر أيضاً".
قوالت برادشو إنها أرادت تحديد ما إذا كانت الاختلافات في التواصل الاجتماعي واضحة منذ 9 أشهر عند الرضع الذين لديهم احتمالية عائلية أكبر للإصابة بالتوحد، أي قبل شهور من تلقي التشخيص.
تفاعلات أقل وتأخر التواصل الاجتماعي
نشرت مجلة "Child DevelopmentTrusted Source" البحث الطولي التطور الاجتماعي لـ124 رضيعاً بين عامي 2012 و2016.
وأجرى الباحثون بعد ذلك تقييماً مبكراً للتواصل الاجتماعي في كلٍ من 9 و12 شهراً، وقياس المهارات الاجتماعية والكلامية والرمزية للأطفال.
في وقت لاحق، عندما بلغ الأطفال سن الثانية استخدم الباحثون أدوات التشخيص المعيارية الذهبية لمعرفة ما إذا كان أي طفل يتناسب مع معايير تشخيص "ASD".
ووجدت الدراسة أن الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم لاحقاً بالتوحد أظهروا مهارات التحدث الاجتماعية ومهارات التخاطب المبكرة بشكل أقل بشكل ملحوظ في عمر 9 أشهر.
وفي عمر 12 شهراً، كان لدى الأطفال المصابين بالتوحد درجات أداء أقل في جميع مقاييس التواصل قبل الألفاظ تقريباً.
وأظهر الأطفال المصابون بالتوحد الأنماط الثلاثة الفريدة التالية لتنمية التواصل الاجتماعي:
- كان تواصلهم بنظرة العين وتعبيرات الوجه والأصوات "منخفضاً باستمرار" بين 9 و12 شهراً.
- تأخر استخدامهم الرمزي لأشياء مثل الإبداع مع الألعاب لمدة 12 شهراً.
- كانت هناك "فجوة متنامية" بين الرضع والرضع المصابين بالتوحد عندما يتعلق الأمر باستخدام الإيماءات وتكرار الاتصال.
هذه النتائج تتماشى مع الأبحاث السابقة، التي أظهرت أن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم مناطق محددة من الضعف وأنماط فريدة من التغيير تشير إلى وجود اضطراب.
وعلّقت برادشو: "من المثير للاهتمام أن نرى أن هناك أنماطاً مميزة لتطور التواصل الاجتماعي من 9 إلى 12 شهراً للرضع الذين أصيبوا لاحقاً بالتوحد".
وأوضحت أن بعض المهارات كانت منخفضة باستمرار، بينما أظهرت المهارات الأخرى "فجوة متزايدة" بين 9 إلى 12 شهراً.
وفي السنوات القليلة الأولى من الحياة، تشمل العلامات البارزة للتوحد: عدم وجود اتصال مناسب بالعين وعدم القدرة على بدء أو الاستجابة للاهتمام المشترك الذي يختلف نوعياً في كل شخص.
ونظراً لأن "ASD" لا يظهر فجأة بل إنه يتطور خلال أول 2 إلى 3 سنوات من العمر مصحوباً بأعراض أكثر وضوحاً وملاحظة من 18 شهراً فصاعداً، فليس من المستغرب أن نرى أنه حتى في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9-12 شهراً يمكن ملاحظة علامات خفية للاختلافات الاجتماعية والعاطفية.
العلاج المبكر للمشتبه في إصابتهم بالتوحد
تقترح الدراسة أنه إذا تمكن أحد الوالدين أو مقدم الرعاية من اكتشاف مثل هذه العلامات والاختلافات في التواصل الاجتماعي عند الأطفال، فيمكنهم تعلم كيفية استخدام استراتيجيات التدخل للمساعدة في التواصل والتنمية في وقت مبكر.
وقالت الدكتورة مايرا مينديز، المعالجة النفسية بمركز بروفيدنس سانت جون في كاليفورنيا، إنه من خلال الدعم المناسب يمكن للوالدين إثراء بيئة تعلم الطفل، وربما تشكيل مسارات التعلم الخاصة به.
وأضافت أن القدرة على اكتشاف أعراض "ASD" في وقت مبكر قبل عمر 9 أشهر يمكّن الآباء ومقدمي الرعاية من استخدام استراتيجيات التدخل المبكر، إضافة إلى زيادة الوعي بالتطور الاجتماعي العاطفي للطفل ودعم تدخل الأسرة لضمان عدم إعاقة نمو الطفل.
ونصحت الوالدين بأن يعتبروا التدخل بمثابة هدية لنمو طفلهم ولعلاقة صحية بين الوالدين والطفل، مع الوضع في الاعتبار بحث الآباء عن متخصصين لديهم خلفيات عن نمو الطفل.
وقالت منديز إن ممارسات التدخل المبكر ستركز على الأرجح على تحفيز المشاركة الاجتماعية، وفهم التواصل الرمزي وغير اللفظي، إضافة إلى تعزيز الارتباط والترابط الهادف مع مقدمي الرعاية والأجداد والأشقاء والأسرة الممتدة وأصدقاء العائلة.
وأوضحت: "من المهم معرفة أن التدخل المبكر ليس ساماً للطفل؛ بدلاً من ذلك يتم تقديمها من خلال ارتباطات اللعب التي يمكن فهمها وتدعم زيادة لغة الطفل ومهاراته الاجتماعية والمعالجة المعرفية والتنظيم العاطفي".
وشددت على أن الآباء يلعبون دوراً حاسماً في مسار نمو الطفل، وقالت يمكن أن يتبنوا استراتيجيات مثل: النمذجة والإشادة بالمشاركة وتعزيز تنمية اللغة والتواصل من خلال سرد القصص والقراءة للأطفال وغناء الأغاني، ولعب الألعاب التي تنطوي على المعاملة بالمثل والعطاء والأخذ؛ لتعزيز المرونة التفكير ونشاط الدماغ النمائي العصبي الفعال.