حزن وغضب ورصاص.. طرابلس اللبنانية تشيّع ضحايا "الزورق الغارق"
شّيعت مدينة طرابلس اللبنانية ضحايا حادثة غرق الزورق، الذين تم العثور عليهم وسط أجواء من الغضب بين ذوي المتوفين.
وعند دوار أبو علي بطرابلس تجمهر مئات المواطنين، وخيم عليهم الحزن والغضب وأثر الفاجعة، أثناء مراسم تشييع جثامين بعض ضحايا القارب، ويعود أحدها إلى الطفلة تالين الحموي، التي حملها والدها وسط الجموع، قبل نقلها إلى مثواها الأخير.
فيما جرى تشييع جثمانين آخرين، أحدهما لوالدة تالين التي قضت معها، وطفل آخر من آل الدندششي، وأقفلت المؤسسات التجارية تزامناً مع التشييع.
وعند أطراف الدوار، فرض الجيش اللبناني تعزيزاته الأمنية، ثم عاد الهدوء الحذر إلى المنطقة، بعد ساعات من إطلاق الرصاص الكثيف.
وحتى اللحظة، ارتفع عدد الضحايا إلى 7، بعدما تمّ تأكيد 6 وفيات أمس، إضافة إلى العثور صباحاً على جثة امرأة من آل نمر من ركاب الزورق عند شاطئ طرابلسـ قرب رأس الصخر.
وفيما لم يتمّ التأكّد بعد العدد الإجمالي للركاب الذين هم من جنسيات مختلفة، (لبنانية، سورية وفلسطينية)، بلغ عدد الناجين حتى الساعة 45 ناجياً.
هذا وتشهد طرابلس حالة من الهدوء الحذر، بعد الفوضى التي حصلت أمس عقب غرق الزورق الذي فجّر غضب الأهالي ممّا أثار التوتّر في المدينة.
وأعلن الجيش اللبناني عبر تويتر، أن عمليات البحث والإنقاذ التي ينفذها تتواصل براً وبحراً وجواً بعد غرق المركب.
توازيًا، يواصل عناصر من وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني ومن المراكز البرية المجاورة، لليوم الثاني على التوالي، عمليات البحث عن المفقودين الذين كانوا على متن الزورق الذي تعرض للغرق مقابل شاطئ طرابلس.
وقد انطلقت عمليات المسح الميداني الشامل براً وبحراً من منطقة العريضة مروراً بالعبدة وصولاً إلى جبيل في محاولة للعثور على أي من المفقودين.
بدوره أشار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى أن "ضحايا الزورق هم ضحايا كل لبنان"، وأن: "الدولة مسؤولة عن تردي الوضع الخطير الذي وصل إليه المواطن مما جعله يحاول أن يغادر بلده إلى المجهول، بأية طريقة لتأمين سبل العيش الكريم بسبب المعاناة المعيشية التي تلاحقه يوميا".
وأضاف: "غالبية الشعب وبخاصة أبناء طرابلس والشمال يرزحون تحت وطأة الجوع والفقر والبطالة والإهمال والحرمان، ولا بديل من الدولة ومؤسساتها لسد هذا الفراغ القاتل، ومن المؤسف الدولة غائبة لا تمارس دورها ولا تحتضن أبناءها بالشكل المطلوب، وهذا يشكل خطرا حقيقيا على السلم الأهلي والأمن الاجتماعي".
ودعا مفتي لبنان أبناء طرابلس والشمال وعكار إلى الهدوء والتروي لحين إجراء التحقيق الشفاف من قبل قيادة الجيش والقضاء المختص لكشف ملابسات الكارثة التي لا يمكن أن تمر دون محاسبة ومعاقبة كل من تسبب بهذه الجريمة النكراء”.
وفي السياق، قال ممثل مفوضية اللاجئين في لبنان، أياكي إيتو: "يُسلّط هذا الحادث المأساوي الضوء على المخاطر الصادمة التي يلجأ إليها الكثيرون بدافع اليأس. تحطم القوارب وغرقها، والوفيات المأساوية والمعاناة التي تسببها أمر يمكن تفاديه، وذلك من خلال حشد الدعم الدولي المستمر لمساعدة لبنان، خصوصاً مع تدهور الظروف المعيشيّة للاجئين واللبنانيّين على حدّ سواء".
كذلك، صرح رئيس المنظمة الدولية للهجرة في لبنان، ماتيو لوتشيانو، قائلا: "تسببت الأزمة الاقتصادية في لبنان بواحدة من أكبر موجات الهجرة في تاريخ البلد. تدفع الظروف الاقتصادية اليائسة المتزايدة، بعدد متزايد من الأفراد في لبنان إلى المغادرة بطرق غير آمنة. هناك حاجة ماسة إلى بدائل آمنة وقانونية للهجرة غير النظامية، كما إلى دعم سبل العيش وتحسين الوصول إلى الخدمات في المجتمعات المعرضة للخطر".
وأعادت المفوضية التذكير أن لبنان شهد زيادة في عدد المغادرين بحرًا منذ عام 2020 حين حاول 38 قاربًا على متنها أكثر من 1،500 راكب القيام برحلات خطيرة، وتم اعتراض أو إعادة أكثر من 75% منها.
أما هذا العام ولغاية الساعة، وبالإضافة إلى قارب الأمس، غادرت ثلاثة قوارب على الأقل الشواطئ اللبنانيّة كانت تحمل 64 راكبًا. تم اعتراض زورقين منها قبل مغادرتهما المياه اللبنانية.