وأخيراً تسلم دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأخيراً تسلم دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل انشغاله بترتيب أوراق الإدارة الأمريكية وإعادة هيكلة كل ما كان للرئيس السابق يد فيه، سواء على صعيد السياسة الداخلية أو الخارجية، لا يزال المتنبؤن والمحللون والمجتهدون يعيشون الصراع الذي يبتغيه ترامب منهم، عبر جعل من يشاهده يغوص في تحليل شخصيته ورسم خيالاته عن كيفية إدارته لأقوى دولة، وما تأثير هذه الإدارة على العالم .
دونالد ترامب بدا واضحاً أنه كاره لكل ما يمت للرئيس السابق باراك أوباما بصلة، ولعل هذا ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن السياسة في التعامل مع الشرق الأوسط التي سيسير عليها اللاحق ستختلف شكلاً عما سار عليه السابق، وإن بقي التشابه في المضمون مضموناً، خصوصاً في ملفات الإرهاب والتعاون في مكافحة الإرهاب، وكذلك فيما يتعلق بأجندة الشرق الأوسط الجديد والتي ولدت مشوهة، ويبدو أنها في مرحلة الإنعاش لفترة من الزمن حتى تستعيد وعيها، ثم ستقف على قدميها مرةً أخرى منطلقةً نحونا، ولكن بشكل آخر جديد ومختلف، ولاشك أن سياسة الاعتماد على "الإخوان المتأسلمين" بعد أن باءت بالفشل، ستفرض على الرئيس ترامب إعلان الحرب على هذا التنظيم سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال إخفات نجمهم الذي سطع في سماء البيت الأبيض، إبان فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما .
ويبدو أن الشرق الأوسط بعد سقوط الكثير من الدول العربية في براثن الفوضى والدمار التي صنعها "الخريف العربي" بيد إخوانية وتواطؤ ودعم إيراني، وبوسائل إعلامية عربية كانت لما يسمى بالثورات كالفُرن الموقد سعيره للأسف الشديد، سيجعل من اليد الأمريكية تمتد لا محالة إلى قوى الشرق الأوسط التي بدأت تنسحب من التحالف اللصيق والكلي مع الولايات المتحدة بسبب سياسة أوباما غير الحكيمة في التعامل مع هذه الدول، إلى تحالفات جزئية، وبالتالي فإن امتداد اليد الأمريكية الجديدة لابد له أن يعيد النظر في تجديد التحالف، وكسب الثقة في الشرق الأوسط من جديد، من خلال التبرؤ من تنظيم "الإخوان المتأسلمين" واعتباره تنظيماً إرهابياً لا تنظيماً سياسياً، والتعامل الحازم مع إيران وميلشياتها وعبثها في المنطقة وجدية الحرب على داعش وغيرها من منظمات الإرهاب، وما عدا ذلك فإن الإدارة الأمريكية ستجد نفسها في موقفٍ صعب يجعل منها ضعيفة الصوت والصدى كما كانت عليه في نهاية العهد "الأوبامي. "
وإذا ما لم تضع الإدارة الأمريكية جدية هذه الأمور في حسبانها، واعتبرت نفسها الحاضن الملهم لهذه التنظيمات العفنة، وآمنت بأنها الوسيلة الأمثل لاستمرار تعثر الشرق الأوسط، وأنها سلاح لا يمكن الاستغناء عنه، بل واعتبرت نفسها بحاجة لها طالما أنها تضمن عدم استقرار الشرق الأوسط وبالتالي استمرار الحاجة الملحة للعم سام، فإنه لابد وأن "الأفاعي ستأكل بعضها" عما قريب، وسيمتد شر هذه التنظيمات إلى المواطن الأمريكي عاجلاً أم آجلاً، ولنا في تنظيم القاعدة تاريخ وعبرة، فتنظيم الإخوان وإيران وكل ما يمت لهما بصلة، لا يؤمن مكرهم ولا وجه للصدق عندهم، فهم لا يجيدون سوى الغدر والخيانة، ويعشقون العبث في الأرض إفساداً وهلاكاً .
وقد يكون ترامب من أكثر رؤساء الولايات المتحدة الـ 45 إثارةً للرأي العام، بتصريحاته التي تميل إلى العنصرية و(التزمت)، والتهديد والوعيد، إلا أن الكثير يرى أنها مجرد "بروبجندا" إعلامية يستلزمها موقف التغيير والتجديد، لعمل الإدارة الأمريكية الجديدة، ورغم هذا كله فإن رسائل ترامب جاءت مؤكدة بأن حربه على الإرهاب ستشمل جميع التنظيمات الواضحة "القتالية" كتنظيم داعش أو حتى التي تتستر بستار الراديكالية كتنظيم "الإخوان المتأسلمين"، وعلى ترامب في سبيل الفوز بهذه الحرب، مواجهة "اللوبيات" الإيرانية في واشنطن و"اللوبيات " الإخوانية في الولايات المتحدة وأوروبا، بحيث يكون الأمر واضحاً للعيان، وأن تكون الحرب عليهم "مكشوفة الأسباب" وواضحة للشارع العام قبل الأعضاء تحت أسقف اتخاذ القرار، لكي يستطيع بذلك كسب التأييد الذي يحتاجه في سبيل هذه المواجهة.
وكم هي الأيام حبلى بالصدق أو الكذب، وسنرى ما سيتمخض عن هذه التصريحات، فإن تمخضت كذباً واستمراراً للحال "الأوبامي" في المنطقة، والذي أثبت فشل الإخوان المتأسلمين وإرهابهم الذي امتد ويمتد مادياً ومعنوياً إلى جميع بقاع الأرض، باختلاف أشكاله ومسمياته، وعبث إيران في منطقة الشرق الأوسط، فإن ذلك سيفرض على الدول الحريصة على أمنها واستقرارها في العالم أجمع أن تعيد ترتيب أوراقها وأن تعمل على زيادة وتقوية تحالفاتها اللا أمريكية، وتشد من عزمها في مواجهة كل ما من شأنه الإضرار بمصالحها سواء في مواجهة الإرهاب أو الاعتداء على رعاياها أو سيادتها، بكل الطرق ولعل أهمها وأكثرها فاعلية "طاولة الڤيتو"، وإن ثبت صدق ترامب في مواجهتهم فأعتقد أن لهذا الصدق تبعاته الإيجابية على الداخل الأمريكي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وبذلك سيكون هذا الرئيس العلامة الفارقة في التاريخ الأمريكي، الذي ينشد مواطنوه عالماً خالياً من الإرهاب
الكاتب: سالم الجحوشي
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة