من الأردن إلى لبنان، سقط قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على رأس الإخوان، ليرسم مسارا واضحا لنهاية نفوذ الجماعة على المدى الطويل.
ووقع الرئيس دونالد ترامب، الإثنين، أمرا تنفيذيا أطلق بموجبه إجراءات تصنيف فروع لجماعة الإخوان «منظمات إرهابية أجنبية»، وأشار القرار بشكل خاص إلى فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن، باعتبارها ترتكب أو تسهّل أو تدعم العنف وزعزعة الاستقرار وتضر بمناطقها ومواطني الولايات المتحدة ومصالحها.
وقال البيت الأبيض، إن ترامب يواجه الشبكة العابرة للحدود لجماعة الإخوان، التي تغذي الإرهاب وتقود حملات زعزعة الاستقرار وتناهض المصالح الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة.
ووفقا للقرار، سيقدم وزيرا الخارجية والخزانة الأمريكيان خلال 30 يوما تقريرا حول تصنيف فروع الإخوان منظمات إرهابية، على أن يطبق التصنيف في غضون 45 يوما من تقديم التقرير.
تغيير وضع الإخوان
وفي تعقيبه على تأثير وتداعيات الأمر التنفيذي على فرع الإخوان في الأردن، ذهب المحلل السياسي الأردني، مأمون المساد، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إلى أن قرار ترامب سوف يغير الوضع بالنسبة للجماعة في الأردن من عدة نواحي.
وأوضح: "الأمر التنفيذي سيكون له تأثير مباشر على العمل السياسي الداخلي للإخوان، حيث إن التصنيف الدولي للجماعة كمنظمة إرهابية سيزيد من عزلتهم ويجعل عودتهم للحياة السياسية العلنية أصعب".
وأشار إلى أن عمليات الملاحقة للجماعة بعد حظرها في البلاد، قلّصت بالفعل من قدرة الجناح السياسي على العمل العلني.
وأضاف: "الضغط الدولي سيعزز القرارات المحلية الخاصة بتجميد الأصول، وتعقب شبكات التمويل، والقيود على جمع التبرعات والتعاملات عبر الحدود".
وتابع "هناك أيضا عواقب مالية، في حال تحولت الخطوات الأمريكية إلى إدانات أو عقوبات فعلية على الإخوان، فهذا قد يعرقل تحويلات مالية من أو إلى أفراد أو مؤسسات مرتبطة بالجماعة، ويضع ضغوطاً على بنوك ومؤسسات خيرية دولية في هذا الصدد".
ورأى المساد، أن "القرار التنفيذي وما قد يحمله لاحقا من تشديد في الإجراءات، ربما يدفع الإخوان إلى ردات فعل بينها محاولة استغلال الجماعة، أو مناصريها لقضايا شعبية مثل الملف الفلسطيني، لتحريك احتجاجات أو الاستنفار السياسي".
تعاون استخباراتي أقوى
المحلل السياسي الأردني تطرق أيضا إلى انعكاس القرار على علاقات بلاده بالولايات المتحدة، قائلا إن قرار واشنطن لا يفرض بالضرورة على عمّان اتخاذ خطوات إضافية، لكنه يدفع واشنطن لمطالبة شركائها بمزيد من التعاون الاستخباري والقانوني، وقد يزيد المساعدة في مكافحة شبكات التمويل العابرة للحدود.
وزاد: "القرار التنفيذي الأمريكي سيدفع إلى تعاون استخباري ومالي أقوى بين واشنطن وعمان، نحو مزيد من تجميد الأصول وحظر أنشطة المنظمات الأهلية أو الخيرية ذات الصلة التي تُتهم بتمويل أو تنسيق نشاطات مشبوهة".
وحول الإجراءات الرسمية التي قد تتخذ ضد الجماعة داخليا، نوه المساد إلى أن "عمّان قد تواصل سياسة فرض قيود داخلية، مع تجنّب خطوات تصعيدية قد تُثير احتجاجات كبيرة، ما يعني تطبيق القانون بحذر حفاظاً على الاستقرار الاجتماعي والسياسية".
ولفت إلى أن الأمر الأمريكي يأتي بعد أن اتخذت الأردن خطوات قوية ضد الجماعة داخلياً.
ففي 23 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الحكومة حظر نشاط الإخوان داخل المملكة، وجرى مداهمة مكاتبها، وتجميد نشاط مؤسساتها. كما فتح تحقيقات قضائية تستهدف عناصر متهمة بالتخطيط لأعمال تهدد الأمن،
تحديات في لبنان
ووضع الرئيس الأمريكي، أيضا، فرع الإخوان في لبنان ضمن أمره التنفيذي.
وفي هذا السياق، قال المحلل والخبير اللبناني في شئون حركات الإسلام السياسي، طارق أبوزينب، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن القرار يشكل تحديًا سياسيًا واقتصادياً للجماعة في لبنان، ويعيد طرح سؤال العلاقة بين الفروع المحلية للإخوان وشبكاتهم الإقليمية، ويعكس أيضًا التوجّه الأمريكي للضغط على أي حركات يُشتبه في اشتراكها بالعنف أو تقويض الاستقرار.
وبالنسبة لتأثير الأمر التنفيذي على فرع الجماعة في الداخل اللبناني، أشار أبوزينب، إلى أنه من جهة الحكومة اللبنانية، فلم تُعلن أي إجراءات رسمية لمواكبة هذا التصنيف حتى الآن، وهو ما يعكس حساسية التوازن الداخلي في لبنان بين مختلف المكونات السياسية والطائفية.
لكن على المدى المتوسط، والحديث للمحلل السياسي اللبناني، فإنه من المرجح أن يزيد القرار من التدقيق الدولي والإقليمي على نشاط الجماعة، ويضع قياداتها تحت الضغط لتوضيح طبيعة أعمالهم والابتعاد عن أي ممارسات قد تُصنّف كإرهابية دوليًا.
ورأى أبوزينب، أن تداعيات القرار على فرع الجماعة في الداخل ربما سيكون محدودًا على المدى القصير، وخاصة وأن الجماعة لها ممثل في مجلس النواب اللبناني، نظرًا لكونها تعمل ضمن إطار سياسي واجتماعي وإغاثي، ولأن نشاطها مرتبط بالسياق المحلي.
ومع ذلك، فالقرار الأمريكي، بحسب أبو زينب، قد يُستغل داخليًا للضغط السياسي والإعلامي على الجماعة، خصوصًا في ملف التمويل والمراقبة الأمنية، ما قد يدفعها لإعادة تقييم استراتيجيتها وتحصين تحركاتها.
رسائل مزدوجة
واعتبر المحلل السياسي اللبناني أن قرار الرئيس الأمريكي بتصنيف فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن كمنظمات إرهابية أجنبية يُعد خطوة استراتيجية تحمل رسائل مزدوجة.
وقال "على الصعيد الدولي، فالقرار يضع أي نشاط إخواني ضمن دائرة الملاحقة والمساءلة، ويقطع أي دعم مالي أو سياسي محتمل من الخارج، ويعكس أيضا رغبة الولايات المتحدة في تقويض شبكات يُعتقد أنها تساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي".
وأردف: "على الصعيد الرمزي والمعنوي، فالقرار يوجّه رسالة واضحة للإخوان بأن تحركاتها، سواء السياسية أو الدعوية، ليست بمعزل عن التداعيات الدولية، وأن أي دعم أو نشاط مرتبط بالعنف أو الإرهاب سيقابل بعقوبات صارمة".
مصلحة لبنانية عليا
بدوره، قال عضو مجلس النواب اللبناني، فادي كرم، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "ما يعنينا كلبنانيين من القرارات والتحركات الأمريكية، هو أن تملك الدولة وحدها حق حصر السلاح بيدها، وألا تكون هناك أي تنظيمات مسلحة غير قانونية موجودة على الأراضي اللبنانية، سواء حزب الله أو الإخوان أو غيرهما".
ونبه إلى أن "عدم حصر السلاح بيد الدولة يعد من المصائب، وذلك بأن تكون هناك مجموعات مسلحة تتخذ من لبنان ساحة لتصفية حسابات لا ترتبط بالمصلحة العليا للبلاد، بل ترتبط بأيديولوجيات غريبة عنها، وتستخدم لبنان لتحقيق مصالحها ولفرض شروطها في صراع المحاور والنفوذ".
وأضاف: "المطلوب أن تكون الدولة اللبنانية كاملة السيادة، وألا يكون هناك أي فريق مسلح على الأراضي اللبنانية".
وتسعى السلطات في لبنان ضمن استراتيجيتها لـ"حصر السلاح" في يد الدولة، إلى نزع سلاح "الجماعة الإسلامية"، الذراع السياسية للإخوان، والتي أحيت ما يُسمى "قوات الفجر" في السنوات الأخيرة.