قوانين الطوارئ.. سلاح ترامب المفضل لتجاوز الكونغرس

في مطلع ولايته الأولى، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عددًا غير مسبوق من حالات الطوارئ الوطنية، متجاوزًا أي رئيس في التاريخ الحديث.
هذه السلطات التي صُممت في الأساس لمنح الرئيس حرية الحركة في لحظات الأزمات النادرة تحولت الآن إلى ركيزة لأجندة ترامب، مما أتاح له تجاوز الكونغرس والحكم بمراسيم أحادية الجانب خلال أول ثلاثة أشهر له في المنصب.
استخدم ترامب إعلانات الطوارئ لتنفيذ سياسات متنوعة، بدءًا من فرض رسوم جمركية تاريخية على الواردات، مرورًا بتعزيز إنتاج الطاقة، ووصولًا إلى تعزيز الوجود العسكري على الحدود الجنوبية تحت ذريعة "غزو" المهاجرين.
وإلى جانب هجومه على السلطة القضائية، يخشى خبراء القانون أن يكون ترامب يستغل قوانين فضفاضة الصياغة لمحاولة الإخلال بتوازن القوى الدستوري.
ويحق للرئيس إعلان حالة طوارئ وطنية في أي وقت، ولأي سبب تقريبًا، دون الحاجة إلى إثبات وجود تهديد محدد أو الحصول على موافقة الكونغرس.
يعتمد ترامب على قانونَيْن رئيسيَّيْن: قانون الطوارئ الوطنية (1976) الذي يمنح الرئيس صلاحيات استثنائية تصل إلى 120 بندًا، دون حاجة لإثبات تهديد واضح أو موافقة تشريعية. وقانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية الذي صُمم لمواجهة التهديدات الخارجية، لكن إدارة ترامب طبّقته على شركاء تجاريين تقليديين، مدعية أن الاتفاقيات القديمة "تهدد الأمن القومي".
تكمن المشكلة في إضعاف الرقابة التشريعية بعد إلغاء "الفيتو التشريعي" عام 1983، مما جعل الكونغرس عاجزًا عن وقف إساءة استخدام الصلاحيات إلا عبر إجراءات معقدة نادرًا ما تنجح.
ومنذ ذلك الحين، اعتمد الرؤساء بشكل كبير على "الأعراف" و"ضبط النفس" لتجنب إساءة استخدام سلطات الطوارئ في غير حالات الأزمات، كما تقول إليزابيث غويتين، المديرة العليا لبرنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان.
لكن إجراءات ترامب في ولايته الثانية دفعت الولايات المتحدة بقوة إلى منطقة مجهولة، إذ أعادت رسم حدود السلطة التنفيذية في الوقت الفعلي، وأججت المخاوف من حالة طوارئ دائمة.
وترى غويتين أن هذا المبدأ كُسر عام 2019، عندما أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية لتجاوز الكونغرس والوصول إلى مليارات الدولارات لتمويل جدار حدودي.
وقد وسّع الرئيس بايدن سلطاته بدوره، ما عرضه لانتقادات عام 2022 عندما استخدم حالة الطوارئ الخاصة بجائحة كوفيد-19 كمبرر لإلغاء ديون الطلاب بشكل أحادي.
لكن إجراءات ترامب في ولايته الثانية أدخلت الولايات المتحدة في منطقة مجهولة تمامًا — حيث يعاد رسم حدود السلطة التنفيذية، مما يغذي المخاوف من تحول البلاد إلى دولة طوارئ دائمة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، هاريسون فيلدز، في بيان: "الأوقات العصيبة تتطلب ردودًا جدية. لقد تركت الإدارة السابقة للرئيس ترامب أمة في حالة تراجع — هشة ماليًا، بحدود غير مؤمّنة، واتفاقيات تجارية مجحفة. الرئيس يستخدم كل أداة يوفرها الدستور ليجعل أمريكا عظيمة مجددًا."
ولا يقتصر افتتان ترامب بالسلطات الاستثنائية على قانون الطوارئ فقط.
فقد استند إلى قانون الأعداء الأجانب لعام 1798 لترحيل مهاجرين فنزويليين، زعمت إدارته أنهم يشاركون في "غزو" للولايات المتحدة.
كما أثار ترامب جدلًا واسعًا بشأن قانون التمرد لعام 1807، الذي يسمح له بنشر الحرس الوطني داخل البلاد دون موافقة الولايات، وهو ما حذرت منه مؤخرًا الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU).