ترامب دفع إيران نحو المزيد من العزلة والعيش في حالة من الموت البطيء عبر الخضوع للعقوبات وعبر الأساليب النفسية.
اتُهم الرئيس الأمريكي بالجنون وخصوصا من أعدائه الديمقراطيين وبعض الصحف والقنوات الأمريكية والعالمية الذين ألصقوا به هذه الصفة. فحين التقى ترامب بـ كيم جونغ أون، الرئيس الكوري الشمالي، وصفته الصحف والأخبار العالمية بالمجنون، وكتبت حينها: "مجنونان يتحكمان بمصير العالم" ، فهناك من يرى أن ترامب يمثل للعالم بأنه لا يكترث بتداعيات قراراته، وأنه يمتلك قوة غاضبه وأنه لا يخضع للدبلوماسية الدولية وأنه لا يعرف سوى الحرب وإخضاع الشعوب بالقوة والتهديد. فانسحب من الاتفاق الدولي مع إيران ووضع السياسة الأمريكية والأوروبية في حرج، وفرض عقوبات على الصين، ثم أرسل حاملة الطائرات ليرهب العالم ويعطي رسالة مفادها أن أمريكا مستعدة للحرب، وستشرف بنفسها على العقوبات الاقتصادية الإيرانية، وأن إيران إن لم تستجب فستواجه تداعيات خطيرة.
ترامب حاليا يستخدم الحرب النفسية بكل اقتدار، ببساطة جعل من إيران وأتباعها جاهلين بموقفهم، وما إن كان يجب عليهم الاستمرار في حالة الدفاع أم في حالة هجوم، ويجعلهم ينتظرون متى وأين ستأتي الضربة وكيفيتها. ولك أن تتخيل الحالة النفسية والعصبية للطرف الآخر.
هذا الجنون جعلهم يَرَوْن أن سياسة ترامب متغيرة ومزاجية، لدرجة أنّ أكبر المحللين السياسيين لا يستطيعون التنبؤ أو التحليل لما يمكن أن يقره ترامب ضد خصمه، وهو الأمر الذي جعل المرشد ومؤيديه في مأزق كبير، وأعاقهم عن اتخاذ القرار المناسب.
ترامب دفع العالم نحو التفكير بأن الأمر يحتاج إلى ضربة عسكرية ملحة ويتناسى أن هناك عقوبات قاتلة، وجعل إيران المهزومة تعتقد أنها منتصرة بينما أتباعها أجزموا أنها مهزومة وجبانة ولا تجرؤ على خوض الحرب.
أغلب المحللين يَرَوْن أن إيران كانت تستجدي الضربة الأمريكية لأسباب داخلية ودولية، وأنها كانت تسعى لمواجهة محدودة تمنع إعادة انتخاب ترامب كي لا يضطروا إلى التعامل معه ٤ سنوات إضافية، وأن كل ما تفعله حاليا هو فقط من أجل إيقاع ترامب في الفخ.
إلا أن ترامب الذكي لم ينجر للاستفزاز الإيراني وضبط أعصابه وحافظ على الانضباط وسمح لإيران أن تحفر حفرة عميقة لنفسها -فمن الغباء أن تنفذ أو تذهب نحو ما يطلبه عدوك- وأن القيام بعمل عسكري الآن، سيكون بمثابة انتزاع الهزيمة من فكي النصر، وفيه إغفال لحقيقة أن حملة العقوبات القصوى تعمل بنجاح والاقتصاد يعاني بشدة، وعزلة النظام تتعمق، على الرغم من المقاومة، وهو بذلك يستخدم القوة الناعمة لجرّ إيران لتهور وحرب من طرفها هي أولاً. وهو أيضاً يعطي إيران وحلفاؤها شعور الانتصار الوهمي، ثم يجبرهم على الخضوع بأقل التكاليف والأضرار، فهو يعلم أن لديه انتخابات قادمة، وأي ردة فعل غير مدروسة جيدا قد تفقده الكثير، لاسيما والديمقراطيون ينتظرون الفرص لإسقاطه وإبعاده عن المشهد بأي وسيلة كانت.
ترامب حاليا يستخدم الحرب النفسية بكل اقتدار، ببساطة جعل من إيران وأتباعها جاهلين بموقفهم، وما إن كان يجب عليهم الاستمرار في حالة الدفاع أم في حالة هجوم، ويجعلهم ينتظرون متى وأين ستأتي الضربة وكيفيتها. ولك أن تتخيل الحالة النفسية والعصبية للطرف الآخر.
ترامب دفع إيران نحو المزيد من العزلة والعيش في حالة من الموت البطيء عبر الخضوع للعقوبات وعبر الأساليب النفسية، مما سيدفعها نحو الانتحار بزيادة تخصيب اليورانيوم أو أي هجوم ستقوم به، سواء عبر استهداف أمن الخليج أو الأمن الدولي بإغلاق مضيق هرمز.
هذه الهجمات تعطي مصداقية لمفهوم ترامب بأن إيران دولة مارقة، وتجعل من المستحيل على الأوروبيين السعي من أجل إنقاذها بعدما استنزف التعاطف الدولي نحوها، وهو بذلك يريد أن تقع إيران في الفخ عمليا، ليجعل العالم كله يقف ضدها ويستجدي معاقبتها وعلى رأسهم أعداؤه الديمقراطيون، سواء بالضرب المباشر أو السماح بإضافة عقوبات كبرى تضعف النظام وتشله عن الحركة وربما تسقطه تماما.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة