مذكرة توقيف ترامب بالعراق.. دعاية غير واقعية أم مجاملة لطهران؟
طفت مجددا مذكرة توقيف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالعراق على السطح في الذكرى الثانية لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وبينما يرى خبراء أن مذكرة التوقيف بلا أثر ملموس في الواقع، ولا تتجاوز كونها محاولة من أتباع إيران في العراق لحفظ ماء الوجه، يعتقد آخرون أنها تكشف فشلا إيرانيا أكثر من أي شيء آخر.
وحلت قبل أيام ذكرى مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبومهدي المهندس، في غارة أمريكية قرب مطار بغداد في أوائل يناير/كانون الثاني عام 2021.
واعتبر الحادث ضربة مؤلمة لإيران ولخططها في المنطقة، لما كان لسليماني من تأثير على مليشيات موالية لطهران في عدة بلدان في الشرق الأوسط.
وبعد 4 أيام على تلك الحادثة، أصدر القضاء العراقي مذكرة توقيف بحق ترامب، على خلفية اغتيال المهندس وسليماني.
وذكر مجلس القضاء الأعلى في العراق، عبر موقعه الإلكتروني، أن القرار أصدره القاضي المختص في محكمة تحقيق الرصافة، الذي يتولى التحقيق في اغتيال المهندس ورفاقه وفق أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي.
وفي الـ27 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفع 72 شخصا دعوى قضائية ضد ترامب ووزير خارجيته حينها مايك بومبيو ورئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي.
وطبقاً لوثيقة حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها آنذاك، فإن الدعوى التي تم رفعها بمحكمة الكرخ الثالثة، تتعلق باستهداف سليماني والمهندس قرب مطار بغداد الدولي.
والثلاثاء الماضي، صرح رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، بأن القضاء العراقي أصدر مذكرة توقيف بحق الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية الحادث.
وجاء التصعيد الأمريكي بالتحرك ضد سليماني ردا على هجمات متصاعدة تستهدف مصالح الولايات المتحدة ومقارها العسكرية في العراق وسوريا.
وبعد ذلك الحدث الموجع لإيران وأذرعها الإقليمية، ردت طهران بهجمات صاروخية استهدفت القوات الأمريكية عند الحدود السورية مع العراق، قابلها تصعيد مماثل من قبل المليشيات باستهداف مبنى السفارة الأمريكية ببغداد وقنصليتها في أربيل.
ووجهت مليشيات الحشد الشعبي التهم إلى رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي حين كان يشغل مهام مدير المخابرات العام، بالضلوع وراء ذلك الحادث بتقديم معلومات عن تلك الزيارة السرية لسليماني ومساره عند العاصمة بغداد.
واتسع الخلاف ما بين مليشيات الحشد والكاظمي عقب وصول الأخير إلى رئاسة الوزراء حتى وصل إلى مدى خطير مع محاولة اغتيال فاشلة بطائرات مسيرة استهدفت دار إقامته في المنطقة الرئاسية ببغداد.
وتنظر المليشيات ومن ورائها إيران إلى الكاظمي بأن الأخير جزء من منظومة إقليمية حررت العراق من اختطاف طهران لقرار بغداد السيادي بالتحرك نحو الفضاء العربي والانفتاح على المجتمع الدولي.
المحلل السياسي إحسان عبدالله، يرى أن "التحرك القضائي ضد رئيس الولايات المتحدة السابق ترامب لا يعد أكثر من محاولة لحفظ ماء وجه طهران ومليشياتها التي منيت بأعظم خسارة لها منذ تأسيسها وبالتالي فإن الأمر دعائي أكثر من كونه واقعيا".
وأضاف عبدالله لـ"العين الإخبارية" أن "الضربة الأمريكية التي استهدفت سليماني والمهندس جاءت وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي ما بين بغداد وواشنطن التي تلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن كل ما من شأنه يهدد الاستقرار والأمن في العراق والمنطقة".
وتابع: "الضربة الأمريكية جاءت رداً على منهج عدائي اعتمدته إيران وتوسعت في مدياته خلال العقدين الماضيين تجاه المنطقة الإقليمية باستخدام العراق منصة بديلة لإدارة حروبها وضرب الخصوم".