قطع المساعدات.. ترامب يخسر آخر أسلحته في معركة القدس
خبراء يجيبون على سؤال "بوابة العين": ماذا لو فعلها الرئيس الأمريكي؟
خبراء: التهديدات الأمريكية بقطع المساعدات للدول التي تصوت لصالح قرار القدس إفلاس وتراجع سياسي أمام قوى أخرى في ملف القدس
أثارت تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقطع المساعدات المالية للدول التي تعتزم التصويت ضد قراره حول القدس في الجمعية العامة، استهجاناً ومخاوف من ألا يتم تمرير مشروع القرار بالأغلبية الساحقة المتوقعة.
وتعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 دولة، اليوم، جلسة طارئة بناءً على طلب دول عربية وإسلامية، لمناقشة قرار الرئيس الأمريكي حول القدس والتصويت ضده.
وأعلن ترامب في السادس من ديسمبر/كانون الأول الجاري، القدس "عاصمة لدولة إسرائيل، في تحدٍ للقرارات الدولية التي ترفض تسوية وضع المدينة المقدسة عبر قرارات أحادية الجانب.
وحيال ذلك، قدمت مصر مشروع قرار عربي لمجلس الأمن الدولي، يطالب بالالتزام بالقرارات الدولية عند التعامل مع قضية القدس، لكن المشروع لم يمرر لاستخدام واشنطن حق القيتو، أمام إجماع 14 دولة لصالح مشروع القرار.
وفي هذا السياق، تواصلت "بوابة العين" الإخبارية مع محللين في العلاقات الدولية والعلاقات العربية الإسرائيلية، أوضحوا أن التهديدات الأمريكية لا تنم إلا عن إفلاس وتراجع سياسي ودبلوماسي واضح في هذا الملف الخطير عربياً، ملف القدس.
وتوقع المحللون أن يمر القرار وبأغلبية كبيرة، غير ساحقة كما كان متوقعاً قبل التهديدات الأمريكية، فضلاً عن الدعوة إلي ضرورة التوجه الفلسطيني والعربي، لاتخاذ خطوات لاحقة لتوسيع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين وتوسيع العزلة على إسرائيل أيضاً.
سابقة خطيرة
يقول الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والمتخصص في الشؤون العربية، إن التهديدات الأمريكية العلنية والمباشرة بقطع المساعدات، لتوجيه الدول للتصويت بشكل أو بآخر في المنظمة الدولية "يعد سابقة خطيرة في العلاقات الدولية والقانون الدولي".
وأضاف يوسف في تصريحات لـ"بوابة العين" الإخبارية أن العلاقات الدولية عرفت أسلوب التهديدات من الدول الكبرى ضد الدول الصغرى، مستدركاً أن ذلك كان يتم عبر "طرق ضمنية وليست علنية".
وأفاد دبلوماسيون في عدد من بعثات الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بأنهم تلقوا رسائل مكتوبة من مندوبة الولايات المتحدة إلى المنظمة الدولية، نيكي هيلي، تحذرهم من مغبة التصويت لصالح قرار القدس، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام متنوعة.
وتأكد الأمر في تغريدة نشرتها هيلي علي حسابها علي موقع "تويتر" تحمل تهديداً بقطع المساعدات حال صوتت الدول في الجمعية العامة ضد قرار بلادها، وهو ما رحب به الرئيس الأمريكي وأكد عليه.
قرار بأغلبية كبيرة "ليست ساحقة"
وتوقع يوسف أن يمرر مشروع القرار بأغلبية كبيرة في الجمعية العامة، وليست ساحقة، بعد التهديدات الأمريكية.
وتابع أنه كان متوقعاً أن يمرر مشروع القرار، الذي يدعو للالتزام بالقوانين الدولية حيال التعامل مع وضعية القدس، بأغلبية ساحقة كما مشروع "حق تقرير المصير"، وهو الأمر الذي ربما دفع الإدارة الأمريكية لاستخدام لغة التهديد.
واعتمدت الجمعية العامية، أمس الأربعاء، قراراً يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وذلك بأغلبية 176 دولة مقابل رفض 7 دول، في حين امتنعت 4 دول عن التصويت.
تراجع للنفوذ وإفلاس بالسياسة
من ناحية أخرى، تؤكد أستاذة العلاقات الدولية بجامعة القاهرة نورهان الشيخ أن استخدام أسلوب التهديد المباشر من قبل الولايات المتحدة، وحيال ذلك الملف خاصة، يوضح مدى إفلاس واشنطن ومدى شعور رئيسها بالتراجع على الصعيد الدولي وأيضاً الداخلي.
وأشارت الشيخ، في حديثها لـ"بوابة العين" الإخباية، إلى أن تصريحات ترامب المُهددة والمتوعدة بقطع المساعدات "بعيدة عن السلوك السياسي والدبلوماسي".
وتابعت أستاذة العلاقات الدولية أن تهديدات ترامب وتلويحه بورقة المساعدات يعمق تراجع النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط والدولي عامة، خاصة أن المؤسسات الأمريكية بما فيها الرئاسة والكونجرس يدعوان منذ تقريباً عشر سنوات لخفض النفقات الأمريكية بالخارج، وهو الأمر الذي تزايد مع إدارة ترامب الحالية.
وتوقعت الشيخ أن يُسفر ذلك التراجع الأمريكي عن دخول قوى دولية خاصة روسيا بنفوذ أكبر في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع ترحيب العديد من القيادات الفلسطينية بدور روسي كبير، ورفض أي دور منفرد للولايات المتحدة في رعاية المفاوضات.
وكانت السلطة الفلسطينة قد أعلنت ان قرار واشنطن بإعلان القدس "عاصمة لإسرائيل" لا يجعلها مؤهلة لرعاية مفاوضات السلام، خاصة بعد انحيازها لأحد أطراف الصراع.
وعن مدي موافقة الكونجرس حول تنفيذ قرار الرئيس بقطع المساعدات، أوضحت الشيخ أن أغلب أعضاء الكونجرس من الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي يدعوان منذ حوالي عقد من الزمن لتقليل المساعدات التي تقدمها واشنطن للدول.
إجراءات إضافية لابد منها
طارق فهمي، أستاذ العوم السياسية بالجامعة الأمريكية والخبير بالشأن الإسرائيلي، قال إنه "متوقع أن يمرر مشروع القرار المعارض للقرار الأمريكي اليوم، لكن لا ينبغي التوقف عنده، وعلى السلطة الفلسطينية أن تتخذ المزيد من الخطوات اللاحقة".
وعن تلك الخطوات، أشار فهمي إلى ضرورة اكتساب الزخم الدولي لصالح القضية الفلسطينية لفرض عزلة كبيرة على إسرائيل، من قبيل توسيع الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة بصلاحيات ومسؤوليات كاملة، ودعوة دول العالم إلى نقل سفارتهم للقدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين.
ومن ثم، توقع فهمي، في حديثه لـ"بوابة العين"، أن تتوجه السلطة الفلسطينية إلى "معركة دبلوماسية كاملة في المحافل الدولية"، داعياً الدول العربية والدولية إلى "دعم المفوض الفلسطيني في المفاوضات".
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء يوم اجتماع مجلس الأمن؛ حيث كان متوقعاً استخدام واشنطن حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار المصري حول القدس، أنه وقع مواثيق الانضمام إلى 22 منظمة ومعاهدة دولية، متعهداً باستمرار عملية الانضمام أسبوعياً، والانضمام إلى 522 منظمة ومعاهدة دولية.