من وجهة نظر القانون الدولي فإن قراري ترامب المتصلين بالقدس والجولان باطلان وفاقدان للشرعية، حتى لو كانت دول هامشية شاطرته الموقف نفسه
ربما لا يكون دونالد ترامب وإدارته وحدهم في الولايات المتحدة الأمريكية من يفكر التفكير ذاته حول شكل التعامل مع النزاع العربي-"الإسرائيلي"، إذا أخذنا بعين الاعتبار قوة اللوبي الصهيوني في دوائر صنع القرار الأمريكي، وفي المؤسسات المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية.
من الصعب في الوقت الحاضر، في تقديرنا على الأقل، ترجيح أي الخيارين على الآخر، لكن لن نقول: فلننتظر ونرَ، بل نطالب بخطة عربية تحول دون السيناريو الأول
لكن ترامب أقدم على ما لم «يجرؤ» رئيس أمريكي سابق عليه، وهو الخروج السافر على القرارات الدولية التي تنص صراحة على أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، ما جعل دولة الاحتلال «تخترع» لها عاصمة أخرى هي «تل أبيب»، والخروج السافر أيضاً على الموقف الدولي الجماعي من اعتبار هضبة الجولان السورية أرضاً محتلة من قبل «إسرائيل» في عدوان 1967، حين احتلتها كما احتلت شبه جزيرة سيناء المصرية والضفة الغربية وغزة في فلسطين.
بدأ ترامب الأمر بإطلاق تغريدات على «تويتر» حول القدس أولاً والجولان ثانياً، نظر إليها في البداية على أنها بالونات اختبار، ثم انتقل إلى قرارات تنص على اعتبار القدس عاصمة موحدة لـ«إسرائيل»، ثم الاعتراف بـ«شرعية» الضم «الإسرائيلي» لهضبة الجولان، واعتبارها أرضاً «إسرائيلية»، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي.
من وجهة نظر القانون الدولي، فإن قراري ترامب المتصلين بالقدس والجولان باطلان وفاقدان للشرعية، حتى لو كانت دول هامشية شاطرته الموقف نفسه من القدس خاصة، طمعاً في دعم واشنطن لها، ومن نافل القول إنهما قراران غير مقبولين عربياً، فهناك إجماع شعبي ورسمي عربي على ذلك، حتى لو لم يرتق الموقف الرسمي العربي إلى المستوى المنتظر.
لكن السؤال الأهم هو: أيتكرس مع الوقت الموقفان اللذان أعلنهما ترامب إزاء القدس والجولان بعد انتهاء ولايته، سواء في الانتخابات الرئاسية في العام المقبل أو بعد انتهاء ولايته الثانية في حال فوزه بها، ويصبحان ملزمين لمن يأتي بعده للبيت الأبيض، خاصة إذا كان الرئيس القادم يحمل الهوى نفسه، ويرى أن ترامب أعفاه من حرج اتخاذ قرارات لا يعترض عليها من حيث الجوهر، لكن كان من الصعب عليه اتخاذها، كما صعب الأمر على أسلاف ترامب، أم أن هناك رهاناً على أن كل «المفاعيل» الناجمة عن قراري ترامب المشار إليهما سيجري إبطالهما، والتعامل معهما كوجه من أوجه النزق الذي يطبع سياسة ترامب وإدارته؟
من الصعب في الوقت الحاضر، في تقديرنا على الأقل، ترجيح أي الخيارين على الآخر، لكن لن نقول: فلننتظر ونرَ، بل نطالب بخطة عربية تحول دون السيناريو الأول.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة