قرارات ترامب وقمة تونس.. تحديات جديدة وترقب شعبي
الشعوب العربية تترقب موقف قادتها خلال قمة تونس لمواجهة قرار ترامب باعتراف بلاده رسميًا بسيادة إسرائيل على الجولان السورية المحتلة.
تحدٍ جديد أمام القمة العربية الثلاثين المزمع عقدها في تونس الأحد المقبل، فرضه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف بلاده رسميًا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
- مجلس التعاون الخليجي: تصريحات ترامب بشأن الجولان تقوض السلام بالشرق الأوسط
- الاتحاد الأوروبي: متمسكون بموقفنا من الجولان المحتل رغم تصريحات ترامب
وتترقب الشعوب العربية موقف قادتها خلال قمة تونس لمواجهة قرار ترامب، حيث أضحت قراراته المتتالية تفرض تحديات متزايدة على القمم العربية المتعاقبة.
وكان قرار واشنطن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، بما يعني اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، أبرز التحديات أيضا أمام القمة العربية السابقة في مدينة الظهران شرقي السعودية التي أطلق عليها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قمة القدس.
والإثنين الماضي، وقع ترامب، خلال مؤتمر صحفي في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على قرار اعتراف واشنطن رسميًا بسيادة تل أبيب على مرتفعات الجولان.
واحتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية عام 1967، وفي 1981 أقر الكنيست (البرلمان) قانون ضمها إلى إسرائيل؛ لكن المجتمع الدولي لا يزال يتعامل مع المنطقة على أنها أراضٍ سورية محتلة.
ترقب شعبي
وقوبل قرار ترامب حول الجولان برفض عربي وعالمي واسع، إلا أن الشعوب العربية لا تزال تترقب كيفية مواجهة القادة العرب هذا القرار لا سيما أن هذه أول قمة عربية، وأول اجتماع رسمي عربي بهذا المستوى الرفيع بعد قرار ترامب.
ويتوقع أن يتضمن البيان الختامي للقمة موقفا عربيا واضحا ردا على قرار واشنطن، إلا أن مراقبين يرون أن الخطوة العملية للرد على القرار تكون باتخاذ خطوات باتجاه عودة سوريا لحضنها العربي.
وقال المتحدث باسم القمة العربية المقرر عقدها في تونس، محمود الخميري، إن هناك إجماعا عربيا على رفض القرار الأمريكي الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل.
واعتبر "الخميري" خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء، بالمركز الإعلامي للقمة بالعاصمة تونس، أن "القرار الأمريكي يعد خطوة مخالفة للقرارات الدولية، وميثاق الأمم المتحدة التي تشدد على عدم الاستيلاء على أراضي الغير".
وكانت الإمارات قد أعربت عن أسفها واستنكارها الشديدين لقرار الإدارة الأمريكية بشأن الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة.
وأشارت إلى أن هذه الخطوة تقوض فرص التوصل إلى سلام شامل وعادل في المنطقة، وأكدت عدم إمكانية تحقيق الاستقرار والسلام طالما تواصل إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية.
وأكدت أن الجولان أرض سورية عربية محتلة وأن قرار الإدارة الأمريكية لا يغير هذا الواقع.
كما أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي قرارات مجلس الأمن رقم /242/ لعام 1967، ورقم /497/ لعام 1981، والمبادئ المنصوص عليها في مبادرة السلام العربية والمتعلقة بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السورية.
عودة سوريا لحضنها العربي
ويرى مراقبون أنه من الأهمية وجود توافق عربي حول عودة نشاط سوريا للجامعة العربية، في خطوة من شأنها إعادة دمشق إلى حضنها العربي، وعدم ترك الساحة لإيران وتركيا للعبث بالأزمة، ولإسرائيل من استغلال هذا العبث.
ولفتوا في هذا الصدد إلى وجود مبادرات إيجابية خلال الفترة الماضية، تدفع باتجاه سوريا إلى حاضنتها العربية، كان على رأسها موقف دولة الإمارات بما تمثله من ثقل سياسي في إعادة فتح سفارتها في دمشق نهاية عام 2018.
وشدد السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، في تصريحات صحفية على هامش اجتماع المندوبين وكبار المسؤولين الذي انطلق، الأربعاء، في تونس للتحضير لاجتماع وزراء الخارجية العرب، على أن "الأزمة السورية مطروحة على جدول أعمال القمة العربية المقررة في تونس نهاية مارس/آذار الجاري، لكن عودة النظام إلى حضن الجامعة مرهونة بوجود توافق عربي".
وفي معرض رده على سؤال حول تقديم طلب لإدراج بند عودة سوريا ضمن الملفات التي يناقشها القادة، قال إن "الأمور لا تعالج هكذا، وإذا كان هناك توافق ربما يدرج في القرار الخاص بالأزمة السورية بعد التداول بشأنها".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قررت الجامعة العربية تجميد مقعد سوريا.
لكن، وبمرور الوقت، ومع اتخاذ الأزمة السورية منحى مختلفا، تحولت أرض البلاد إلى كعكة تتقاذفها الأطماع من كل جانب، وخروجها عن مفهوم "الثورة" الذي كان يُعتقَد أنه سائد في بداية الحراك، بدا من الواضح أن ما يحدث في سوريا ليس إلا محاولة لوضع اليد على قرارها وأراضيها.
فالحرب المندلعة بسوريا شكّلت سجادا لبلدان أخرى مثل إيران وتركيا لتحقيق مآربها الخاصة، الأولى لتفعيل مخططاتها التوسعية والزجّ بالمنطقة في محرقة اقتتال تمنحها أرضية التسلل عبر حِمَمها لفرض أجنداتها.
أما أنقرة، فتعمل على الاستفادة من الملف السوري لتصفية الأكراد الذين يشكلون عقدة رئيسها رجب طيب أردوغان.
وببلوغ الأمر هذا المستوى من التعقيد والخطر على المنطقة، كان لا بد من تعديل ومراجعة موقف كان موضوعيا في حيز زمني معين، وهذا ما توجه بإعلان إعادة فتح السفارة الإماراتية نهاية 2018 بدمشق.
ومؤخرا، التقى الرئيس السوداني عمر البشير بشار الأسد في دمشق، كما أكدت البحرين استمرار عمل سفارتها هناك أيضا.
من الجولان إلى القدس
وإضافة إلى تحدي الجولان أمام قمة تونس، كان قرار واشنطن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أبرز التحديات أيضا أمام القمة العربية السابقة في مدينة الظهران شرقي السعودية في 15 إبريل/ نيسان 2018.
وكان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز موقف لافت في الرد على القرار، حيث أعلن تسمية القمة العربية الـ29، بـ"قمة القدس"، فيما أعلن تبرعه بـ150 مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، و50 ميلون دولار لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وقال خادم الحرمين إنه سماها "قمة القدس، ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين".
وأكد البيان الختامي للقمة "بطلان وعدم شرعية القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مع الرفض القاطع الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث ستبقى القدس عاصمة فلسطين العربية، والتحذير من اتخاذ أي إجراءات من شأنها تغيير الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس، حيث سيؤدي ذلك إلى تداعيات مؤثرة على الشرق الأوسط بأكمله".
وتعهد البيان الختامي للقمة بالعمل على تقديم الدعم اللازم للقضية الفلسطينية، مشددًا على "الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة".
ودعا البيان إلى "ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لحماية الفلسطينيين، وضرورة استئناف المفاوضات".
وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2017 وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا يعد القدس عاصمة لإسرائيل، ويقضي بنقل سفارة بلاده إليها من تل أبيب وقوبل القرار برفض واستنكار عربي وإسلامي ودولي واسع.
aXA6IDE4LjIxOC45OS44MCA= جزيرة ام اند امز