ترامب في عامه الأول.. إزاحة الملف الحقوقي لصالح "أمريكا أولاً"
الرئيس الأمريكي طوى عقوداً من تنصيب الولايات المتحدة نفسها حامية لحقوق الإنسان في العالم.
لم يتوان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدءاً من حملته الانتخابية إلى نهاية العام الأول لولايته في كسر التقاليد الأمريكية، لا سيما المتعلقة بوضع المكتب البيضاوي كحارس لحقوق الإنسان حول العالم.
فشعار الدفاع عن الحقوق الإنسانية ظل طيلة العقود السبعة التي تلت تأسيس النظام العالمي الجديد بقيادة واشنطن، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ركنا أصيلا في سياستها الخارجية.
إلا أن ترامب، رجل الأعمال الذي طالما تباهى بأنه يتقن عقد الصفقات، تنكر للموازنة الكلاسيكية بين مصالح بلاده المادية وما تسميه زعامتها للعالم الحر.
وخلال حملته الانتخابية الصاخبة، تحت شعار "أمريكا أولا"، لم يأت المرشح الجمهوري على ذكر القضايا الحقوقية إلا لماما، مركزا على إعادة الوظائف للأمريكيين، بعدما فرّط فيها أسلافه.
ومع ذلك، لجأ الرئيس الـ 45 لأمريكا إلى حجج حقوقية لتبرير بعض سياساته الخارجية، سواء بنقد بعض الدول أو مدحها أو الصمت أمام أفعالها.
وظهر ذلك جليا في يونيو/ حزيران الماضي، عندما ألغى جزئيا الاتفاق الذي توصل إليه سلفه باراك أوباما مع نظام كوبا الشيوعي، وأسهم في طي عقوبات أمريكية وقطيعة استمرت أكثر من نصف قرن.
ومبررا قراره، قال ترامب "لن نرفع العقوبات عن النظام الكوبي إلى أن يتم إطلاق سراح كل السجناء السياسيين وتكون هناك حرية تعبير وحرية تجمع (...) وتكون هناك انتخابات حرة تجرى تحت إشراف دولي".
وفي معرض امتداحه للأمريكيين من أصل كوبي، وصف الرئيس الأمريكي هذه الفئة بأن لديها "قصة مؤلمة، ولكنها مهمة بشأن الطبيعة الحقيقية والوحشية لنظام كاسترو".
وعندما اشتدت الحملة ضد الروهينجا على يد جيش ميانميار، في أغسطس/ آب الماضي، لم يتدخل ترامب، الذي يقول خصومه إنه معاد للمسلمين، بشكل مباشر، وإن كانت إدارته قد وصفت ما تتعرض له هذه الأقلية المسلمة بأنه "تطهير عرقي".
لكن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كان ترامب أول رئيس يندد علنا بقمع المحتجين الإيرانيين، وذلك في سلسلة تغريدات على موقع تويتر، بدءا من الساعات الأولى لاندلاع الانتفاضة.
وأثنى في واحدة من تغريداته على "الاحتجاجات السلمية التي يخوضها المواطنون الإيرانيون الذين تضرروا من فساد النظام وإهدار ثروات البلاد، لتمويل الإرهاب في الخارج".
وبالمقابل، قال رئيس منظمة هيومن رايتس ووتش، كينيث روث، إن سجل ترامب في حقوق الإنسان، خلال عامه الأول، كان "كارثة"، وشجع القمع الذي يمارسه الزعماء المستبدون من الصين إلى روسيا.
وتزامنت تصريحات روث، التي أدلى بها الخميس الماضي، مع صدور التقرير السنوي لمنظمته التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، وتنصب نفسها حارسا للحقوق في العالم.
ويعتقد الناشط الحقوقي المخضرم أن "ترامب كان كارثة على حركة حقوق الإنسان، وهذا يعود في جزء منه إلى أن لديه رغبة جامحة في احتضان الأشخاص الذين يستطيعون الحكم دون الضوابط الديمقراطية".
وإن كان بعض المعلقين السياسيين يرون أن نهج الرئيس الأمريكي يرتكز على الوضوح وعدم المتاجرة بالقضايا الحقوقية كما دأب على ذلك من سبقوه إلى المنصب، فإن ترامب يرجع نهجه هذا إلى أنه يكيف قراراته الداخلية والخارجية وفق شعار "أمريكا أولا".
aXA6IDEzLjU5LjIzNC4xODIg جزيرة ام اند امز